اسرائيل تتوقع صداما بين المؤسسة العسكرية والرئاسية في مصر

رأت دوائر سياسية في تل ابيب أن صدام المؤسسة العسكرية المصرية مع نظيرتها الرئاسية بات حتمياً، خاصة في اعقاب تجاهل الرئيس المنتخب لحكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، فيما اكد خبير اسرائيلي أن الصدام الحقيقي اضحى قائماً بين واشنطن، الداعم الاول للرئيس المنتخب، وقادة الجيش المصري.


تل ابيب: باتت مؤسسة الرئاسة المصرية على قاب قوسين أو ادنى من الدخول في صدام مع المجلس العسكري، في اعقاب قرار الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي الغاء قرار المحكمة الدستورية العليا، الرامي الى حل البرلمان المصري، واستناداً الى تلك المعطيات، تابعت وسائل الاعلام الاسرائيلية ما يجري على الساحة السياسية في مصر باهتمام بالغ، إذ رأت صحيفة quot;يسرائيل هايومquot; العبرية، أن قرار الدكتور مرسي الرافض لحكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، ينذر بانتهاء شهر العسل بين جماعة الاخوان المسلمين، ويجسد اولى المواجهات الصدامية العنيفة بين الرئيس الجديد والجيش، على الرغم من ذلك فإنه ليس من الواضح، ما اذا كان اعضاء البرلمان سيعاودون مواصلة جلسات مجلس الشعب الثلاثاء المقبل، خاصة في ظل الصورة الضبابية التي تخيم على الجهة المسؤولة عن اتخاذ القرار السياسي في مصر.

صراع خفي بين واشنطن والجيش المصري

من جانبها، رصدت صحيفة يديعوت احرونوت العبرية ما يجري على الساحة السياسية في مصر ولكن بمنظور أعمق، مشيرة في تقرير لها الى أن الصدام الحقيقي بات مقتصراً على الجيش المصري ورغبة الادارة الأميركية الحثيثة في تثبيت اقدام الرئيس المنتخب، خاصة أن قرار مؤسسة الرئاسة في القاهرة، استبقه لقاء الدكتور مرسي مساعد وزير الخارجية الأميركية وليام بيرنز، الذي أشاد في اعقاب القرار بعودة عمل البرلمان quot;المنحلquot;، ولم تكن تلك الاشادة مغايرة لنظيرتها، التي انطلقت من مقر السفارة الاميركية في القاهرة على لسان السفيرة quot;آن باترسونquot;، التي قالت: quot;إن عودة برلمان منتخب ديمقراطيًا، في إشارة إلى البرلمان quot;المنحلquot; بقرار من المجلس العسكري بناء على حكم المحكمة الدستورية، ستكون خطوة مهمة إلى الأمامquot;.

وأضافت: quot;عندما تكونون جاهزين، ستجدون الأميركيين مستعدين، من أجل العمل للمساعدة في إعادة بناء الاقتصاد المصري، لأننا نعلم جميعًا أن نجاح التجربة الديمقراطية مرهون بقدرتنا على إعادة المصريين إلى الإنتاج مرة أخرى، ونمو الاقتصادquot;.

وترى الصحيفة العبرية أن تصريحات المسؤولين الاميركيين منحت مؤسسة الرئاسة المصرية والدكتور محمد مرسي استقواءً غير مسبوق، إذ اختلفت النبرة التي سبق وتحدث بها مهندسو القرارات الرئاسية، خاصة القيادي الاخواني خيرت الشاطر، واستشهدت الصحيفة العبرية بحديثه لصحيفة quot;وول ستريت جورنالquot;، الذي اتهم فيه المجلس العسكري بالخيانة، وقال: quot;المجلس العسكرى خائن، وجماعة الاخوان المسلمين لن تقبل بأقل من إعادة البرلمان وإلغاء الإعلان المكمل وتسليم السلطة، أولويتنا التحالف الإستراتيجي مع أميركا، وهو التحالف الذى يمنحنا الشرعية الدوليةquot;.

نشوة أميركية من الديمقراطية في مصر

الخبير الاسرائيلي البروفيسور quot;يوحاي سيلعquot;، تطرق هو الآخر لطبيعة العلاقة بين جماعة الاخوان المسلمين والولايات المتحدة، مشيراً في مقاله المنشور في مجلة quot;الشرق الأوسط الإسرائيلية الى أن واشنطن اوباما تبدو في غاية النشوة من العملية الديمقراطية التي تمر بها مصر، خاصة في اعقاب انتخاب مرسي ممثلاً عن جماعة الاخوان المسلمين للرئاسة، وأضاف الخبير الاسرائيلي: quot;ضغوطات عديدة مارستها الادارة الاميركية على الجيش المصري، الذي يقود البلاد منذ الاطاحة برأس النظام السابق حسني مبارك، كما لعبت الولايات المتحدة دور الوساطة السرية احيانًا والمعلنة احيانًا أخرى بين جماعة الاخوان المسلمين وقادة الجيش، وكان ذلك انطلاقاً من قناعة واشنطن بأن محمد مرسي هو الرجل الوحيد والأوحد، الذي يجب أن يقود مصر في هذه المرحلةquot;.

ويشير الخبير الاسرائيلي الى أن الولايات المتحدة اعتمدت على تلك النظرية، ترسيخاً لمفهوم تاريخي ربما عاصرته واشنطن في الماضي غير البعيد، ففي اعقاب ثورة الضباط الاحرار عام 1952، ادارت الولايات المتحدة عبر ممثلين عن الـ (CIA) اتصالات مع قادة الثورة، املاً في الوصول الى مسار عمل مشترك بين الجانبين، غير أنه في نهاية المطاف اختارت مصر جمال عبد الناصر التواصل والعمل مع الاتحاد السوفيتي السابق، الاكثر من ذلك أن مصر تبنت مساراً اقتصادياً، يبلور شعار (الاشتراكية العربية) الذي الغى المبادرة الاقتصادية الحرة، وهي المبادرة التي كانت متبعة في مصر إبان تلك الآونة، غير أن استراتيجية عبد الناصر السياسية والاقتصادية تحطمت على ارض الواقع في اعقاب هزيمة 1967.

وبمنطق غريب بحسب وصف الخبير الإسرائيلي، باتت سياسة الولايات المتحدة المتلونة، تدعم الرئيس المصري الاخواني، انطلاقاً من رغبتها في ترسيخ الديمقراطية الثابتة، فبعيداً عن كل الشعارات البراقة المتعلقة بالعملية الديمقراطية ومنظومة الانتخابات الحرة والنزيهة، تتخفى استراتيجية واشنطن الرامية الى ادارة الاعمال والصفقات مع زعيم واحد واوحد، يمثل العالم الثالث غير المستقر، ولعل وصول الاخوان المسلمين الى السلطة في مصر وغيرها من دول العالم الثالث، يوحّد المنطقة تحت لواء نظام واحد، يسهل على الادارة الاميركية التعامل معه.