مراقبة القتال من هضبة الجولان

لندن: قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك الذي زار هضبة الجولان يوم الخميس على مسافة كافية من الخطوط السورية لسماع صوت القصف إن زمام السيطرة يفلت من قبضة الرئيس بشار الأسد. وأعلن بعد تفقده القوات الإسرائيلية واجتماعه مع القائد العسكري في المنطقة quot;ان التفكك ليس تجريدا بل حقيقةquot;.

يرى محللون ان الثورة السورية تثير جملة مشاكل بوجه إسرائيل رغم انها موضع ترحيب من جانب الدولة العبرية. فالقادة الإسرائيليون ينظرون بقلق متزايد الى ترسانة سوريا من الأسلحة الكيمياوية وخطر وقوعها بأيدي جماعات مارقة تعادي إسرائيل، وامكانية تدفق سيل من اللاجئين على الحدود، الى جانب قلقهم من تحول الجولان نفسها quot;الى منطقة خارجة عن القانون حيث يمكن ان تعمل عناصر ارهابيةquot;، على حد تعبير باراك نفسه. وهناك مخاوف ايضا من ان يؤدي انهيار النظام السوري الى حرب أهلية في لبنان.

وكانت انتفاضات الربيع العربي خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية قلبت تقييمات إسرائيل الاستراتيجية في منطقة تعتبر معادية لكنها مستقرة، رأسا على عقب. وإذ لم تعد إسرائيل منشغلة مع الفلسطينيين فانها الآن تواجه سلسة من الحسابات المعقدة والأسئلة الصعبة بينها هل تضرب مخازن الأسلحة الكيمياوية السورية مثلما ضربت مفاعلها النووي في عام 2007، أم ان ذلك سيقوي موقع الأسد بتوحيد العرب؟ وهل تتحرك بمفردها ضد برنامج ايران النووي أم تدع الولايات المتحدة تجرب مسار الدبلوماسية والعقوبات حتى النهاية؟ وكيف تقيِّم الساحة السياسية المتغيرة في مصر التي ينتمي رئيسها الجديد الى جماعة الاخوان المسلمين؟

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الدبلوماسي السابق والمدير الحالي لمركز الشؤون العامة في القدس دوري غولد quot;ان ما نشهده في سوريا هو تفكك الشرق الأوسط وشكل جديد من الفوضى يحل محل ما كان قائماquot;. واضاف غولد quot;ان الفوضى ليست فرصة على الاطلاقquot;.

وكانت مصادر استخباراتية اميركية وإسرائيلية اعلنت ان نظام الأسد نقل بعض الأسلحة الكيمياوية من مستودعاتها. وزادت هذه الخطوة مخاوف إسرائيل من وقوعها بأيدي جماعات معادية، بينها اسلاميون متطرفون يشاركون في القتال ضد الأسد، او بيد حزب الله الذي يزداد قلقا من سقوط حليفه السوري.

وقال داني ياطوم رئيس الموساد السابق لصحيفة نيويورك تايمز quot;ان إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي وإذا كانت لدينا معلومات بأن عناصر كيمياوية أو بيولوجية على وشك السقوط بيد حزب الله فاننا لن ندخر وسعا لمنع ذلكquot;.

ولكن شلومو بروم الباحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل ابيب قال quot;إن وقوع اسلحة كيمياوية بأيدي جماعات ارهابية احتمال مخيف ولكن التهديد قد لا يكون خطيرا كما يبدوquot;. واضاف بروم ان استخدام الأسلحة الكيمياوية يتطلب ربط مادتين بطريقة معينة واستخدامها بطائرات. وشدد بروم على quot;ان استخدام الأسلحة الكيمياوية متعذر في كثير من الحالات لأنه يتطلب معرفة ومنظوماتquot;.

ولا يعرف أحد على وجه الدقة التداعيات التي سيطلقها سقوط الأسد. وقال ايال زيسر رئيس قسم تاريح الشرق الأوسط وافريقيا في جامعة تل ابيب quot;ان بشار أبقى الحدود هادئة، ولكنها يمكن ان تكون مماثلة لحالة سيناء، بما فيها من فوضى وارهابquot;.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن زيسر quot;ان غالبية الإسرائيليين لا يكترثون بمظالم جيرانهم وتطلعاتهم الى الديمقراطية والعدالة والازدهار وما يهمهم هو أمنهم. وهذا هو تفكير الإسرائيلي الاعتيادي ونتيجة لذلك تفكير حكومتهquot;.

ويستوطن هضبة الجولان الاسترايتيجة التي تبلغ مساحتها نحو 450 ميلا مربعا زهاء 39 الف إسرائيلي. وحذر باراك خلال زيارته يوم الخميس من انه كلما طال القتال في سوريا quot;زاد خطر تحول الجولان الى منطقة خارجة عن القانون حيث يمكن ان يعمل ارهابيون نتيجة المخلفات الدموية بين الفرقاءquot;.

ولكن مسؤولين إسرائيليين ومحللين إسرائيليين أكدوا ان إسرائيل لا تستعد للحرب بل quot;تراقب من الخارجquot; وهي ما زالت تراهن على التدخل الدولي في سوريا.

وقال ايلان مزراحي الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ونائب رئيس الموساد سابقا لصحيفة نيويورك تايمز quot;ان القضية ليست إسرائيلية فقط وإذا وقعت اسلحة غير تقليدية بيد تنظيم القاعدة أو عناصر متطرفة فهي قد تظهر في أي مكان من العالمquot;.

وزاد المسألة السورية تعقيدا تفجير حافلة كانت تقل سياحا إسرائيليين في بلغاريا. وقال يورام شفايتزر الباحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل ابيب quot;ان الايرانيين سيرقصون فرحا برؤية إسرائيل ترد على حزب الله ردا محدودا. فهو يمكن ان يؤدي الى اعمال عدائية قد تساعد النظام السوري. والايرنيون يريدون بقوة مساعدة الأسد الذي يتردى موقفه أكثر فأكثرquot;.