يعيش آلاف من السوريين الذين فروا من بلدهم بسبب الحرب الدائرة هناك إلى الجزائر، أوضاعًا مأسويّة دفعت بكثيرين منهم الى التسول والبحث عن شغل، فيما تهدد السلطات بترحيل المقيمين منهم بشكل غير شرعيّ.


الجزائر: يعيش آلاف السوريين الفارين من الحرب الدائرة في بلادهم إلى الجزائر أوضاعًا مزرية ومقلقة.

حسب المعارض والناشط السياسي السّوري الدكتور أبو الضاد سالم السالم، فإن نحو 25 ألف نازح سوري يقيمون بطريقة غير شرعية في الجزائر وهؤلاء معرضون للمساءلة القانونية، وأوضاعهم الاجتماعية مزرية للغايةquot;، على حدّ تعبيره.

من جهته، أكد المحامي فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان في الجزائر، أن هيئته راسلت الرئيس بوتفليقة وطالبته بالتدخل من أجل إغاثة هؤلاءquot;.

في حين طالبت حركة النهضة بـquot;إنشاء خلية أزمة لمتابعة الأوضاع الانسانية للرعايا السوريين في الجزائر كتلك التي أنشئت لمتابعة أوضاع الجزائريين المقيمين في سورياquot;.

في إفادته لــquot;إيلافquot;، يشير المعارض والناشط السياسي السّوري الدكتور أبو الضاد سالم السالم إلى أن عدد اللاجئين السوريين في الجزائر يصل إلى نحو 25 ألف لاجئ أغلبهم يقيم بطريقة غير شرعية، وبالتالي فإنهم معرضون للمساءلة القانونيةquot;.

لاجئون سوريون في الجزائر

ويشير أبو الضاد إلى أن سبب اختيار هؤلاء الجزائر للهروب من نار الحرب في سوريا هو عدم اشتراط الجزائر على الرعايا السوريين تأشيرة للدخول إلى الأراضي الجزائريةquot;.

و يضيف موضحًا: quot;هؤلاء النازحون انتشروا في كل المحافظات الجزائرية بما في ذلك المحافظات الجنوبية، لكن عددهم في المناطق الشمالية أكثرquot;.

وعن أوضاعهم الاجتماعية ومصدر استرزاقهم يقول: quot;بالنسبة للمهن التي يزاولونها فالشعب السوري معروف بحرفيته وتفانيه بالعمل، ولكن المشكلة هي البحث عن فرص عمل، إذ أن فرص العمل غير متوفرة دائماً، ما قد يضطر البعض للتسول، ونحن نعرف أن هذه العادة غريبة عن الشعب السوريquot;.

ظاهرة التسول تابعها مراسل (إيلاف)، ففي حي جامع اليهود العتيق في حي القصبة في العاصمة الجزائرية تمدّ امرأة سنها يقارب الستين يدها ومن خلال لهجتها المميزة quot;مشان الله ساعدونيquot; كان واضحًا أنها سورية الجنسية.

تقول لـ ايلاف إنها من مدينة حمص وأنها فرّت من جحيم العنف الدائر هناك، وهي تتسول بالجزائر لأنها وحيدة ولا معيل لها.

ترصد (إيلاف) عينات أخرى خلال التنقّل من العاصمة الجزائرية باتجاه مدينة سطيف على بعد 400 كلم وفي سيارة الأجرة، كان هناك شخص سوري في حدود الثلاثين من العمر من مدينة حمص.

يؤكد لـ(إيلاف) أنّ ما تتناقله وسائل الإعلام من دمار وسفك للدماء في حمص أمر صحيح، لذلك فر هو وعائلته من نار الحرب، عائلته استقرت بلبنان وهو في الجزائر، وكان في طريقه إلى مدينة تبسة في أقصى الشرق الجزائري للبحث عن عمل وإرسال المال إلى أسرته التي تركها وحيدة بلبنان.

في محطة نقل المسافرين في مدينة سطيف، فتاة صغيرة تتكلم اللهجة السورية وتمد يدها تطلب العون من المسافرين، وامرأة سورية أخرى من حمص ترفض الكشف عن اسمها، وتقول إن زوجها قتل فأتت مع أولادها، وهي تعمل الآن وقدمت ملف الإقامة.

عن جهود الشعب الجزائري في دعم السوريين يقول السياسي السوري أبو الضاد: quot;الشعب الجزائري قدم مساعدات جمة للسوريين من إيواء وحتى جمع التبرعات ففي أحد الأحياء الشعبية تم جمع 800 ألف دينــار جزائري لـ 52 عائلة محتاجة، وهذا دليل عــلى العلاقة المتينة التي تربط بين الشعبين الشقيقينquot;.

وعن جهود السوريين المقيمين في الجزائر في دعم أبناء وطنهم، يقول أبو الضاد: quot;في الحقيقة هناك جهود عظيمة تقوم بها كل الجالية السورية ولكنها تبقى فردية، ومع تزايد الأعداد أصبح الأمر مستحيلاً، وبالتالي وجب علينا مناشدة السلطات الجزائرية لاتخاذ إجراءات محددة لحل هذه المشكلةquot;.

يرفع أبو الضاد جملة من المطالب عن هؤلاء النازحين لمساعدتهم في تجاوز محنتهم منها quot;تمديد فترة الإقامة للسوريين أو التغاضي عن ملاحقتهم قضائياً بسبب الظروف الصعبة التي يمرون بها، مع تقديم مساعدات مادية إغاثية للمحتاجين منهم خاصة العائلات التي جاءت إلى الجزائر برفقة أطفال رضع وصغارquot;.

كما طالب بــquot;توفير مناصب شغل موقتة تسمح للمواطن السوري المقيم في الجزائر العيش بكرامة بدون تسول، لأنها ليست من عادة الشعب السوري مع السماح للسوريين بمواصلة الدراسة موقتًا في الجزائر سواء في الأطوار التعليمية أو في الجامعات الجزائرية وهذا طبعًا إلى غاية انفراج الأزمة السوريةquot;.

كما ناشد أبو الضاد quot;الجمعيات الخيرية الجزائرية ومنظمات المجتمع المدني مد العون لإخوتهم السوريينquot;.

في سياق متصل، عبر رئيس الهيئة الاستشارية لحقوق الإنسان في الجزائر المحامي فاروق قسنطيني في حديثه لـquot;إيلافquot;عن انشغاله العميق بالأوضاع التيquot;يعيشها الإخوة السوريون في الجزائرquot; والتي وصفها بـquot;المقلقة والخطيرةquot;.

وتحدث عن سلسلة لقاءات جمعته مع ممثلين عن النازحين وأشار إلى أن لقاء سيجمعه مع هؤلاء لدراسة هذه الأوضاع ومحاولة إيجاد حلول لهذه الوضعية في أقرب وقتquot;.

وأضاف قسنطيني: quot;قمنا بمراسلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لإطلاعه على أوضاع النازحين السوريين من اجل المساعدة بكل أخوة وعقلانية والسماح لهؤلاء بالبقاء في الجزائر، وعدم ترحيلهم لإقامتهم بطريقة غير شرعيةquot;.

من جانبها، عبرت حركة النهضة الجزائرية في بيان تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه عن quot;استغرابها واستيائها من عدم تدخل أي هيئة جزائرية حكومية كانت أو مستقلة لمد يد العون لآلاف السوريين الذين هربوا من جحيم الحربquot;.

واضافت الحركة في بيانها بأن هؤلاء يعيشون في quot;وضع انساني مأسويّquot;، وهو ما اضطر بالكثير منهم الى quot;مد ايديهم والتنقل من مكان الى مكان لطلب مســـاعدات غذائية مستعجلة لإطعام ذويهمquot;.

ودعت الحركة الى quot;تشكيل خلية أزمة لمتابعة هذه الوضعية الانسانية على غرار ما قامت به الحكومة الجزائرية تجاه الرعايا الجزائريين المقيمين في سوريا، وتوفير مراكز ايواء مجهزة بما يليق بموقف الشعب السوري خلال ثورة التحرير الجزائريةquot;.