وادي خالد: يتحدث سوريون نزحوا الى لبنان في الايام الاخيرة عن احداث مروعة عاشوها في حمص التي تتعرض لقصف متواصل منذ عشرة ايام من قوات النظام، من جثث في الشوارع ونقص في الادوية والمواد الغذائية وذعر يسكن عيون الاطفال.

ويقول ابو ابراهيم (54 عاما) الذي فر مع زوجته واولاده السبعة من حي البياضة في حمص قبل خمسة ايام الى منطقة وادي خالد اللبنانية الحدودية quot;الطفل عادة اذا سمع صوت رصاصة واحدة يصاب بالذعر. هؤلاء الاطفال عاشوا اياما تحت قصف الراجمات وشاهدوا اثناء خروجنا جثثا في شوارع حمص فتخيل حالهمquot;.

ويضيف ان quot;ابنتي ترفض تناول الطعام منذ وصولنا الى هناquot;، مشيرا الى ان quot;ما يجري عندنا يشبه ما فعله (رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل) شارون بالفلسطينيينquot;. ووجدت عائلة ابو ابراهيم مأوى في منزل قيد البناء قرب الحدود اللبنانية السورية شبه خال، تتقاسمه مع عائلتين اخريين.

وعن الاوضاع في حمص، يروي العامل السوري ان quot;هناك نقصا كبيرا في المواد الغذائية والادوية والكهرباء والماء والوقودquot;، مضيفا ان quot;بعض الناس يجمعون حطبا للتدفئة. ومن لا يقدر على الخروج من المنزل يكسر ابواب منزله الداخلية ويشعلها مع بعض الاثاث للتدفئةquot;.

على طريق الهروب الى لبنان من حي بابا عمرو في حمص رأت افراح، ابنة الاثني عشر عاما، من جهتها جنودا من الجيش السوري quot;يجبرون اشخاصا على ان يركعوا على الارضquot;. وتتابع بكلام هجرته الطفولة والذعر باد في عينيها الجميلتين quot;أريد من رؤساء العالم ان يرسلوا الطعام الى حمص، والحليب للاطفال، والادوية للمرضىquot;.

وتضيف من غرفة شبه خاوية في مدرسة مهجورة في وادي خالد لجأت اليها مع والديها quot;اريدهم ايضا ان يرسلوا السلاح الى الجيش السوري الحر لانه يحمي الناسquot;. وعن ايامها الاخيرة في حمص، تقول افراح quot;عند القصف كنت اخاف.. كلنا كنا نخاف.. وكنا نختبئ في غرفة واحدةquot;.

ويروي النازحون انهم تسللوا من احيائهم سيرا على الاقدام ثم انتقلوا في سيارات اقارب او اصدقاء كانوا في انتظارهم خارج مناطق التوتر، باتجاه الحدود اللبنانية، مصادفين مشاهد مروعة من الدمار والقتل.

ويقول ابو أنس (30 عاما) انه وزوجته وطفله (عامان) عبروا الى وادي خالد قبل اربعة ايام quot;بثيابهم فقطquot;. ويقول quot;فضلت مواجهة مخاطر الهرب على ان ابقى في بيتي والصواريخ تنزل عليناquot;.

ويضيف quot;كانت بعض الشوارع فيها جثث لا احد قادر على انتشالهاquot;. ويتابع ابو انس بصوت متهدج وقد دمعت عيناه quot;تركت ابي وامي في بابا عمرو. لست قادرا على الاتصال بهم للاطمئنان عليهم بسبب انقطاع الاتصالات. ليس لهم الا اللهquot;.

وتروي ام محمد (26 عاما) من حي البياضة في حمص قصة هروبها اليومي مع زوجها واطفالها من مرمى القصف داخل حمص قبل ان تصل الى لبنان. وتقول quot;كنا نخرج من الحارات التي تتعرض للقصف الى حارات اكثر هدوءا. وعندما تتعرض هذه الحارات للقصف نعود ونغادرها الى غيرها لكن في النهاية لم نعد نجد المواد الغذائية ولا حليب الاطفال، واشتد القصف كثيرا واصبح يسوي البيوت بالارض، فقررنا الخروجquot;.

وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة، انتقل الى لبنان في الاسبوع الاخير 242 نازحا من سوريا ليصل العدد الاجمالي للنازحين المسجلين لدى المفوضية والسلطات اللبنانية الى 6133 شخصا.

ويؤكد سكان في وادي خالد ان حركة النزوح انحسرت جدا منذ اقدام الجيش السوري على زرع الغام على الحدود في تموز/يوليو وآب/اغسطس، ثم قبل ايام. وباتت الحركة تقتصر على من يتمكنون من سلوك المعابر الحدودية النظامية، من غير المطلوبين للامن السوري او فاقدي اوراقهم الثبوتية.

وينتشر العديد من المعابر غير الشرعية على جانبي الحدود كانت تنشط عليها قبل الاحداث حركة تهريب السلع، وكان يستخدمها الاهالي من الجهتين للعبور اليومي احيانا للعمل او لزيارة اقارب او للنزهة.
ويؤكد عثمان (14 سنة) ان quot;الاقامة في لبنان الآن افضل من سورياquot;.

ويضيف الفتى الذي لديه خمسة اشقاء قتل احدهم على يد عناصر الامن quot;لانه كان يشارك في تنظيم التظاهراتquot;، انه quot;في دول العالم، الناس يقولون ما يريدون. نحن اذا قال احدهم شيئا يدخلونه الى السجن ويضربونه...نريد ان نكون مثل كل العالمquot;.

ويمضي النازحون معظم اوقاتهم متسمرين امام اجهزة التلفزيون والراديو لتتبع الاخبار في بلدهم، قلقين على اقربائهم في الداخل. ويقول عثمان quot;نجتمع كل يوم حول التلفزيون هنا، لنرى ماذا يجري في حمص، والنساء يبدأن بالبكاءquot;.

رغم ذلك، يبدي النازحون املا بالعودة قريبا الى بلدهم. وتقول افراح quot;اريد العودة الى بابا عمرو لانها احلى بكثير من هنا. هناك يوجد كل شيء. واريد ان ازور اقربائي واصدقائيquot;. ثم تضيف quot;لكنني لن اعود الا عندما يسقط النظامquot;. ويقول ابو ابراهيم quot;سيسقط هذا النظام كما سقط غيره رغما عن روسيا. وسأكون في بيتي في حمص بعد نصف ساعة فقط من سقوطهquot;.