باتت مدينة حمص السورية المنتفضة quot;قلب المعركةquot; وحصن المقاومة الرئيس لمعارضي نظام الرئيس بشار الأسد. وفي الوقت الذي تحاول فيه قوات النظام القضاء على الحركات الاحتجاجية المستمرة منذ أشهر، يرتفع عدد المنشقين عن الجيش، الذين يفرّون إلى حمص ويحتمون بين أهلها.


محتجون مناهضون لنظام بشار الأسد يتظاهرون بالقرب من مدينة حمص

دمشق: تستمر فصول الثورة السورية لتحصد عشرات القتلى يومياً وأعداداً كبيرة من الهاربين، في الوقت الذي تستعر فيه المعارك ليل نهار، ويستهدف الرصاص الأطفال الذين يلعبون في الشوارع.

لا تتوقف الاشتباكات في حمص، التي تعتبر quot;قلب المعركةquot; وحصن المقاومة الرئيس لمعارضي نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وفي الوقت الذي تحاول فيه قوات النظام القضاء على الحركات الاحتجاجية، يرتفع عدد المنشقين عن الجيش، الذين يفرّون إلى المدينة، ويحتمون بين أهلها.

في هذا السياق، تحدثت صحيفة الـquot;تليغرافquot; عن قصة انشقاق خمسة جنود من الجيش السوري، وانضمامهم إلى الثورة، في حين فشل زميلهم السادس من الالتحاق بهم، بعدما تدفقت قوات النظام السوري إلى المكان.

ونقلت الصحيفة عن محمود علي، أحد الجنود المنشقين، قوله: quot;كان زميلنا السادس يصرخ، ويريد الذهاب معنا، لكننا لم نستطع العودة إلى جلبه أو مساعدته، لأن قوات الأسد تدفقت، وحاصرت المكانquot;.

اضطر الجنود الخمسة إلى القتال لشقّ طريقهم خارج القاعدة العسكرية، التي كانوا يتمركزون فيها، وخرجوا تحت أزيز الرصاص للوصول إلى باب عمرو في حمص.

quot;شاهدنا خطوط الرصاص التي تستهدف المباني في كل الاتجاهات، لأكثر من ساعةquot; قال أحدهم، مضيفاً: quot;هربنا، لأن الضباط قالوا لنا إننا سنأتي إلى حمص لمحاربة quot;الإرهابيينquot;، لكن في وقت سابق هذا اليوم، تلقينا الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين العزل في شوارع حمصquot;.

بعدما تمكنوا من الفرار والوصول إلى حمص، خرج أهل المدينة إلى الشارع لاحتضان الأعضاء الجدد، الذين انضموا إلى الجيش السوري الحر.

من جهته، يقول أحمد دلتي، أحد الجنود المنشقين، إن الضباط أمروه بإطلاق النار على المتظاهرين quot;فقلت لا. هؤلاء الناس سلميون، يريدون الحرية، ونحن جميعاً شعب واحد، ودم واحد. لم نستطع إطلاق النار عليهمquot;.

على الرغم من الإرهاق الذي يشعرون به، وحزنهم على فقدان زميلهم، الذي لم يستطع اللحاق بهم، إلا أن الجنود أضاءوا مصابيح سياراتهم، ورقصوا قليلاً احتفالاً بنجاحهم في الانشقاق، فرفعوا بنادق الكلاشنكوف فوق رؤوسهم، ورددوا: quot;الله يبارك الجيش الحرquot;.

استمرت الحكومة السورية في إصرارها، منذ بدء الاحتجاجات الشعبية، على أن قواتها تواجه quot;جماعات مسلحةquot;. وبعد أشهر من تعرّض المتظاهرين المسالمين في الشوارع للقتل، أصبحت الأسطورة حقيقة واقعة.

فوفقاً للصحيفة، دخل مراسل الـquot;تليغرافquot; إلى سوريا من لبنان مع الرجال الذين يهربون الأسلحة للثوار السوريين. وأشار إلى أن زيادة الطلب في سوريا ارتفعت أسعار البنادق في السوق السوداء اللبنانية، حيث وصل سعر بندقية الكلاشينكوف إلى 1.200 $.

وصف المراسل الطرقات، التي اجتازها أثناء انتقاله من لبنان إلى سوريا،بالقول إنه التقى سلسلة من المهرّبين والناشطين والمقاتلين السوريين، وتسلل عبر الطرق الخلفية ليهرب من نقاط التفتيش، حتى وصل إلى مدينة حمص، حيث رأى في باب عمرو أعضاء من الجيش السوري الحرّ يتجولون في الشوارع بالرشاشات الثقيلة والقذائف الصاروخية.

على الرغم من وجود السلاح، إلا أن الشعور بالخوف ما زال يسيطر على باب عمرو. فالمنطقة مطوّقة بمراكز الجيش والشرطة والمركبات المدرعة، التي تتمركز على تقاطعات الطرق الرئيسة.

يُسمع صوت إطلاق نار في باب عمرو في كثير من الأحيان، ويقول الناس إن الجنود على نقاط التفتيش غالبًا ما يطلقون الرصاص على المدنيين، ففي وقت متأخر بعد ظهر أحد الأيام، قتل طفل في السادس من عمره برصاص قوات الأسد، بينما كان يلهو أمام عتبة منزله.

في وقت مبكر صباح أحد الأيام، ذهب مراسل الـquot;تليغرافquot; مع اثنين من جنود الجيش الحر، الذين كانوا في طريقهم لمهاجمة قاعدة سورية، قالوا إن قناصة الحكومة يستخدمونها لإطلاق النار على باب عمرو.

انتظروا حتى شاهدوا جندياً يخرج إلى الشارع لتدخين سيجارة، فأطلق أحد الرجال النار مرتين من بندقية M - 16 الأوتوماتيكية. وبعدما فرّوا عائدين إلى مركزهم، قال الجندي الذي أطلق النار: quot;صوّبت البندقية إلى رجله، أردت أن أصيبه، لا أن أقتله، ليخرج من الخدمة في الجيشquot;.

ونقلت الصحيفة عن الملازم وليد عبد الله، أحد قادة جيش الحر في حمص قوله: quot;النظام سوف ينهار بسرعة إذا كان هناك منطقة حظر جوي في سوريا، تمامًا مثل الحظر الذي فرضه حلف شمال الأطلسي على ليبياquot;.

وأضاف: quot;سبعون في المائة من الجيش السوري على استعداد للإنشقاق، ومنهم ألوية كاملة مع ضباطهم، وحتى القوات الخاصة، لكن لا أحد يجرؤ على التحرك عشرة أمتار بعيداً عن الكتيبة، لأنهم يخشون من أن يهاجمهم سلاح الجو السوريquot;.

ويشدد الجيش السوري الحرّ علىإن مهمته هي حماية المدنيين، وخصوصاً المتظاهرين في الشوارع، لأن هؤلاء من سيُسقط النظام، ويشير القادة إلى أنهم بحاجة إلى مساعدة خارجية من الغرب لتحقيق المزيد من الانشقاقات.