تولي العميد طلاس قيادة المرحلة الانتقالية مرفوض من المعارضين السوريين

القاهرة: رفض معارضون سوريون الدفع بالعميد المنشق مناف طلاس إلى الواجهة السياسية، وتقديمه بديلاً لنظام بشار الأسد في حالة انهياره، مؤكدين أن الشعب السوري سوف يقف ضد محاولة إعادة إنتاج هذا النظام أو الحفاظ على بنيته الأساسية، وتوقعوا ألا يحكم طلاس أو المعارضة الخارجية سوريا في المرحلة الإنتقالية، بل المعارضة الداخلية التي تقاتل حالياً، لإسقاط النظام.

خطة أميركية عربية

وفقاً لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، فإن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تبحث ومسؤولين من دول عربية وغربية سبل وضع العميد السوري المنشق مناف طلاس في مركز عملية نقل السلطة في سوريا، ونقلت عن مصادر سياسية القول إن التركيز على العميد طلاس صديق الرئيس بشار الأسد في أيام الطفولة، يتزايد مع تبدد الآمال المعقودة على نجاح المجلس الوطني السوري في توحيد المعارضة. وقالت المصادر إن الجهود الرامية إلى ايجاد شخصية انتقالية مقبولة لروسيا التي تدعم الأسد، وللدول العربية الكبرى فضلاً عن قبول المعارضة بها، اكتسبت طابعًا أشد الحاحًا بتأثير النجاحات التي يحققها مقاتلو المعارضة في مدن سورية كبيرة، وانشقاق مسؤولين كبار في النظام.

وأشارت المصادر إلى أن العميد طلاس واحد من القلائل بين شخصيات المعارضة التي يمكن أن تساعد في إعادة النظام في دمشق وتأمين ترسانة سوريا الكبيرة من الأسلحة الكيميائية. وكان العميد طلاس قائدًا في الحرس الجمهوري النخبوي قبل انشقاقه في 16 تموز(يوليو)، وعمل والده وزيرًا للدفاع 30 عامًا في عهد حافظ الأسد والد بشار. كما أن طلاس عربي سني يأمل المسؤولون الغربيون بأن تجعله هويته هذه مقبولاً للمقاتلين وقادة المعارضة الذين غالبيتهم من السنة.

طلاس لن يقود سوريا

غير أن المعارضة السورية في القاهرة ترى أن طلاس لن يقود سوريا بعد الأسد، معتبرين أن الدفع به إلى الواجهة السياسية يعتبر محاولة لترميم النظام والحفاظ عليه، بعد التضحية برأس النظام فقط، وقال المعارض السوري في القاهرة أحمد رياض لـquot;إيلافquot; إن هناك أطرافا غربية وعربية تمارس لعبة سياسية لإفشال الثورة السورية، وأوضح أن هذه الأطراف تحاول الدفع بمناف طلاس إلى الواجهة وتقديمه للرأي العام السوري والعربي، باعتباره معارضاً وأنه الأقدر على قيادة سوريا بعد الأسد، ولفت رياض إلى أن الهدف من ذلك هو الحفاظ على النظام الحاكم بشكله الحالي، بأجهزته الأمنية والجيش ذي البعد الطائفي، وضمان خروج آمن لبشار الأسد، مشيراً إلى أن هذا السيناريو يهدف إلى إفشال الثورة وإهدار دماء عشرات الآلاف من الشهداء.

زواج المعارضة بالنظام

وأضاف رياض أن هذا السيناريو الذي وصف بـquot;زواج النظام بالمعارضةquot; مرفوض من الشعب السوري، وأضاف أن الثورة السورية والمعارضة سوف تحاربه وتقف ضده، لأنه لا يعقل أن يكون رموز النظام أبطال الثورة، الذين يقودونها بعد إسقاطه. وقال إن طلاس إذا كان يريد الإنضمام للمعارضة فيجب عليه أن يضع نفسه تحت إمرة الثورة، وهي التي ستفصل في أمره بعد سقوط النظام، إما أن يقدم للمحاكمة إذا كانت يداه ملطختين بالدماء أو يحصل على البراءة ويمارس السياسة إذا كان غير ذلك.

ونبّه رياض إلى أن والده مصطفى طلاس يجب أن يقدم للمحكمة بعد سقوط النظام، مشيراً إلى أن والده كان يوقع على 150 حكماً بالإعدام يومياً أثناء مذبحة حماة في الثمانينات من القرن الماضي، وأضاف أن هذه العائلة لعبت دور المحلل السني للطائفة العلوية، وساهمت في ارتكاب الكثير من المجازر ضد الشعب السوري، ولا يمكن أن يدير أحد أفرادها الثورة بعد انتصارها، وقال: لن يسمح له أحد بالقفز فوق الثورة ودماء الشهداء.

المعارضة في الداخل

طلاس صديق الأسد منذ الطفولة

وحسب وجهة نظر المعارض السوري في القاهرة معتز شقلب، فإن انشقاق طلاس جاء متأخراً، ومشكوكا في نواياه، مشيراً إلى أن الشعب السوري لا يثق في أي شخص خدم مع النظام وكان مقرباً منه، وقال لـquot;إيلافquot; إن المعارضة السورية في الداخل هي من ستقرر من يحكم سوريا في المرحلة الإنتقالية، وليس معارضة الخارج أو الأطراف الغربية أو العربية، لاسيما أن هؤلاء جميعاً خذلوا الثورة وساهموا في مقتل عشرات الآلاف فضلاً عن تهجير نحو 2.5 مليون سوري من منازلهم، وأشار شقلب إلى أن البدلة العسكرية لا يمكن أن تدير سوريا الثورة، لأنها لن تبني حياة ديمقراطية سليمة، بل سوف تسعى للحفاظ على النظام الأمني القمعي، وإعادة إنتاجه مرة أخرى.

لا أرضية لهم

ولفت شقلب إلى أن من يتحدثون في الإعلام أو من يظهرون عبره من المنشقين لا يمثلون الثورة السورية، وليست لديهم أرضية في الشارع السوري، مشيراً إلى أن المعارضة الخارجية لا رصيد لديها أيضاً، بما فيها المجلس الوطني، وقال إن المعارضين الأبطال لم يغادروا سوريا، ومازالوا يقاتلون هناك. ونبه إلى أن جميع المخططات التي تحاك في الخفاء ضد الثورة لن يكتب لها النجاح، لأنها تدار مع أطراف لا شعبية لديها ، وأضاف شقلب أنه يجب أن تكون الحكومة الإنتقالية ووزير الدفاع من الجيش السوري الحر، والمعارضة في الداخل، وأن يتم دمج ما تبقى من الجيش الأسدي في الجيش الحر، ولكن بعد محاسبة من تلطخت أيديهم بالدماء، إضافة إلى المعارضة في الخارج التي لم تتورط في أية أعمال تضر بالثورة.

ابن النظام

أما الجيش السوري الحر فيرفض هذا السيناريو أيضاً، وقال فهد المصري، مسؤول الإعلام في الجيش السوري الحر، في تصريحات له إن الشعب السوري الثائر صاحب الحق الوحيد في تحديد قادة المرحلة الانتقالية، مشيراً إلى أن خروج العميد مناف من دائرة السلطة، جاء بعد أكثر من عام ونصف على الثورة السورية. وهو مطالب مع والده بالاعتذار الرسمي للشعب السوري، وتحديد مسؤولياتهما خلال وجودهما في السلطة.

كما أعلن عارف الحمود، نائب رئيس الأركان في الجيش الحر، رفضه القاطع لترؤس طلاس حكومة انتقالية. و قال في تصريحات له :quot;لن نقبل به بأي حال من الأحوال لأنه ابن النظام، ونحن نعلم تماما ما قام ويقوم به اللواء 105 من الحرس الجمهوري الذي يرأسه طلاسquot;.

تحضير غربي

يأتي رفض المعارضة في الوقت الذي يبدو أن القوى الدولية تسعى بقوة لتحضير طلاس لهذه المهمة، فالتقى وزير الخارجية التركي داوود أوغلو، ومسؤولين في الحكومة الروسية، إضافة إلى مسؤولين فرنسيين. لكن هل ينجح المجتمع الدولي الذي خذل الشعب السوري في ثورته بفرض طلاس عليه؟ هذا ما ستجيب الأيام القادمة عنه.