يتفق كثير من المحللين السياسيين على أن الادارة الأميركية الحالية أخفقت في تحقيق انجازات تذكر بعيدا عن الانسحاب من العراق وقتل أسامة بن لادن، وخاصة في ما يخص الملف السوري.


أوباما أخفق في حل أزمة سوريا ووقف أعمال العنف

إن كان من الممكن تلخيص الانجازات التي حققتها إدارة الرئيس باراك أوباما على صعيد السياسة الخارجية في قتل أسامة بن لادن وإخراج القوات الأميركية من العراق وخوض حرب طائرات آلية تعمل بدون طيار ضد تنظيم القاعدة، فإن عثرتها الكبرى قد تكون إخفاقها في التوصل إلى حل دولي لما باتت حرب أهلية شاملة في سوريا.

ويتفق كثير من محللي السياسة الخارجية على أن إدارة أوباما لم تفعل شيئاً يذكر سواء على صعيد التخطيط بفعالية أو الحيلولة دون حدوث حمام الدم الطائفي العنيف المحتمل حدوثه، كما يتوقعون، إذا بدأت تنهار قاعدة السلطة من حول الرئيس الأسد.

وبدأت تميل الإدارة لإتباع سياسة عدم المواجهة، ما زاد من حدة الانتقادات بين المحافظين الذين يؤكدون أن أوباما يقود من الوراء في سوريا. وقالوا إنه كان يتوق بشغف لأن يكون quot;لاعباً بالفريقquot;، بارتكازه على الأمم المتحدة لتكوين إجماع ومحاولته تجنب الدخول في مواجهة عسكرية أكبر قد تضم روسيا وإيران وتركيا وإسرائيل.

وفي هذا السياق، أكدت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية أن للانتخابات الأميركية حساباتها كذلك في تلك الأمور. وقال ريتشارد غوان، المدير المشارك لقسم دبلوماسية الأزمات وعمليات حفظ السلام لدى مركز التعاون الدولي التابع لجامعة نيويورك: quot;ستكون سياسة انتخابية سيئة بالنسبة للإدارة أن تطلق حرباً جديدةً في الشرق الأوسط في الوقت الذي ينهي فيه الرئيس ولايته الأولى، خاصة وأن واحدة من أوضح إنجازات السياسة الخارجية للإدارة هو إيفاءها بوعد إنهاء الحرب في العراقquot;.

كما تتفق جميع الأطراف على صعوبة التعامل مع الوضع في سوريا، خاصة وأنها تتوسط مراكز الشرق الأوسط الساخنة، بوقوعها بين إسرائيل وإيران، وتعاونها تجارياً منذ فترة طويلة مع روسيا، وصعوبة التكهن بمستقبلها في ظل تركيبتها المعقدة التي تجمع العرقية والدين. وأشار في هذا الجانب مايكل روبن، باحث مقيم مهتم بشؤون الشرق الأوسط لدى معهد المشروعات الأميركي، إلى أن الأمر اللافت هو أن ميت رومني لو كان رئيساً للبلاد لما كانت ردة فعله مختلفة في عدة أمور بشأن سوريا.

وتابع روبن حديثه:quot; ما تفعله الآن إدارة أوباما هو ما كانت ستفعله إدارة رومني في نهاية المطاف، وهو تمني أن يرعى الوضع السوري نفسهquot;. ولفتت الصحيفة من جهتها إلى أن ما قامت به الإدارة حالياً هو التعهد بتوفير مساعدات تقدر قيمتها بحوالي 82 مليون دولار لإعانة ما يقرب من 146 ألف لاجئ تقطعت بهم السبل بسبب العنف.

لكن حين يتعلق الأمر بالإستراتيجية الأكبر في النطاق، فإن معظم الجهود الأميركية تتمحور حول ممارسة الضغوط على الأمم المتحدة لتبني مبادرة عقوبات تهدف لدفع الأسد نحو التنحي. وهي المبادرة التي تم التصدي لها مراراً وتكراراً من جانب الصين وروسيا.

ثم مضت الصحيفة تقول إن التوترات بدأت تتصاعد بالفعل بين فصائل سوريا الدينية والعرقية المختلفة، لافتةً في تلك الجزئية إلى أن التساؤل المتعلق بالطريقة التي يجب على الولايات المتحدة أن تدعم من خلالها تلك القوى الموجودة في سوريا واحدة من النقاط التي يختلف بشأنها على ما يبدو رومني وأوباما. فبينما سبق لرومني أن قال إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تعمل مع شركاء لتنظيم وتسليح جماعات المعارضة، أكدت من قبل إدارة أوباما على موقفها الرافض لتسليح المعارضة.

واكتفت بدلاً من ذلك وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، بالقول إن الولايات المتحدة quot;تنسق جهودها مع الآخرين الذين يقدمون أشكال متنوعة من الدعمquot;. ورأت الصحيفة أن مثل هذه التعليقات تغذي التصور الذي يتحدث عن أن أميركا تسمح لآخرين بأن تحدد سياستها بشأن سوريا، بما في ذلك أنظمة تدعم القوى الإسلامية المتشددة.

وفي غضون ذلك، أوضحت الصحيفة أن إدارة أوباما تخشي من أن تقديم الدعم المباشر للثوار قد يعني وصول المعدات العسكرية في نهاية المطاف لأيدي جماعات بغيضة بالفعل. وهي المخاوف التي عبرت عنها كلينتون خلال الزيارة التي كانت تقوم بها مؤخراً لتركيا، حيث تتزايد حالة عدم الارتياح نتيجة الأنشطة التي يمارسها حزب العمال الكردستاني ( الذي ينظر إليه باعتباره منظمة إرهابية ) في سوريا.

وفي مقابل ذلك، أشارت حملة رومني الانتخابية إلى أن تلك المخاوف تعتبر عذراً ضعيفاً لتجنب تحمل المسؤولية، وأضافت أن وجود الإسلاميين والإرهابيين في الائتلاف المناهض للأسد هو الذي يجب أن يدفع بالولايات المتحدة لمحاولة دعم باقي العناصر.

ومضت الصحيفة تنقل عن ميغان أوسيلفان وهي أستاذ في العلاقات الدولية لدى كلية جون كينيدي للإدارة الحكومية التابعة لجامعة هارفارد والتي تعمل كمستشارة لدى حملة رومني بخصوص قضايا منطقة الشرق الأوسط، قولها quot;تشكل حالة الفوضى التي تعيشها سوريا تهديداً كبيراً للغاية على مصالح الأمن الأميركية بصورة لا يمكن تجاهلها. وما يحدث في سوريا يحظى بتداعيات على استقرار المنطقة بأسرهاquot;.

بينما قال آخرون إن الاضطرابات الحاصلة في المنطقة، إلى جانب احتمال تمتع روسيا بنفوذ في سوريا، واحدة من الأسباب التي تقف وراء نهج إدارة أوباما غير العدواني. أما جوشوا لانديس، الباحث البارز في الشأن السوري والذي يترأس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، فأرجع السبب وراء التحرك البطيء من جانب الولايات المتحدة إلى ترددها في الانخراط ببناء دولة بمنطقة الشرق الأوسط.

وأعقب لانديس حديثه بالقول:quot;حاولنا مرتين أن نبني دولاً في الشرق الأوسط (أفغانستان والعراق)، لكننا لم نكن على دراية بكيفية فعل ذلك. حيث وجدنا أنفسنا نصارع داخل رمال سيارة في كلتا الحالتين لأنه لم تكن هناك أرضية وطنية ثابتة تحت أقدامناquot;.

وختم لانديس قائلاً: quot;لا يوجد لأميركا من تكسبه من وراء الانخراط في سوريا، وسوف تخسر الكثير إن تدهورت الأمور. وأنا أرى أن الأمور لن تسير على ما يرام في سورياquot;.