استقال الصحافي فريد زكريا، الذي اتهم أخيراً بالسرقة الفكرية، من منصبه في جامعة quot;ييلquot; من أجل التركيز بشكل أفضل على عمله. وفي رسالة موجّهة إلى رئيس الجامعة ريتشارد ليفين، قال فريد زكريا إنه يحتاج إلى إلقاء بعض المسؤوليات عن عاتقه ليعيد النظر في حياته المهنية.


فريد زكريا

لميس فرحات: كانت صحيفة الـ quot;تايمquot; وقناة الـ quot;سي إن إنquot; الإخبارية قد علقت عمل زكريا بعدما اتضح أنه اقتبس فقرات عدة من مقال في مجلة quot;نيو يوركرquot;، واستخدمها في عمود quot;التايمquot; خاصته.

اعتذر زكريا واصفاً ما فعله بأنه quot;خطأ فادحquot;، وأعادت الـ quot;سي ان انquot; زكريا إلى عمله، معتبرة ما حدث بمثابة حادث معزول. في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ طفورين بوليسيquot; إلى أن السرقة الفكرية لا تقتصر على الصحافيين والأكاديميين، بل باتت quot;رائجةquot; في أوروبا، إنما بشكل quot;فضائح سياسيةquot;.

يقول عالم النفس دان آريلي إن الناس ينظرون إلى معظم السياسيين على أنهم يتميزون بالكذب والخداع. وأحدث سلسلة من فضائح السياسيين في السرقة الأدبية والفكرية، في أنحاء العالم كافة، لن تساهم في تحسين تلك الصورة.

وأشارت الصحيفة إلى أن أوروبا، على وجه الخصوص، تشهد نوعاً من quot;جنون السرقة الفكرية والانتحال الأدبيquot; في الأشهر الأخيرة. وكانت أولى ضحايا الموجة الحالية من خيانة الأمانة الأكاديمية وزير الدفاع الألماني كارل تيودور تسو غوتنبرغ، الذي جرّد من الدكتوراه في أوائل عام 2011 بعدما أكدت جامعة بايرويت أنه نسخ أجزاء كبيرة من أطروحته.

وقال غوتنبرغ، الذي كان يعتبر بمثابة المستشار المحتمل في المستقبل، إنه نسخ النص من دون قصد، على الرغم من أنه تعيّن في منصبه قبل ذلك، لكن الضرر كان قد وقع.

وأطلقت وسائل الإعلام على غوتنبرغ لقب quot;غوغل برغquot;، في إشارة ساخرة إلى أنه سرق معلومات الدكتوراة عن موقع البحث الالكتروني، فقدم الرجل استقالته إلى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في آذار/مارس 2011.

أما الشخصية الألمانية الأخرى، فكانت سيلفانا كوخ ميرهين، التي تركت منصب نائب رئيس البرلمان الأوروبي والرئيسة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر الألماني في أيار/مايو 2011 عندما أثارت الشكوك حول مصادر أطروحتها حول تاريخ الاتحادات النقدية.

لم تعلق ميرهين على هذه المزاعم، لكنها قالت إنها ستتنحّى عن منصبها لتسهل على حزبها الحصول على بداية جديدة مع فريق قيادة جديدquot;. في 2 نيسان/إبريل من هذا العام، استقال الرئيس المجري بال شميت بعد أيام عدة من تجريده من شهادة الدكتوراه من جامعة سيملويس بودابست. وكان شميت، وهو مبارز أولمبي سابق، قد كتب بحثاً عن تاريخ الألعاب الأولمبية، يتضمن عشرات الصفحات من النصوص والجداول، والمخططات التي كانت متطابقة لأعمال مؤلفين سابقين، على الرغم من أنه لا يزال ينكر الغش.

مزاعم الانتحال ليست بالضرورة حكماً بالإعدام السياسي. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين عيّن أخيراً المؤرخ فلاديمير ميدينسكي وزيراً للثقافة. وذكرت وكالة الأنباء نوفوستي أن ميدينسكي متهم بالسرقة الفكرية في أطروحته.

وواجه بوتين نفسه اتهامات بالسرقة الأدبية والفكرية، إذ زعم معهد بروكينغز الاقتصادي كليفورد غادي في عام 2006 أن الرئيس الروسي قد اقتطع أجزاء كبيرة من أطروحة 1997 تحت عنوان quot;التخطيط الاستراتيجي لقاعدة المواردquot; من كتب الأكاديميين الأميركيين.

ومن المعتقد أن بوتين، الذي كان رئيس بلدية، ثم نائب سان بطرسبرغ في ذلك الوقت، دفع المال ببساطة لشخص كي يكتب له البحث، وهي ممارسة شائعة في الجامعات الروسية في ذلك الوقت، وربما كان الأجدى به أن يدفع أكثر حتى لا يفتضح أمره.

نائب الرئيس الأميركي جو بايدن اعترف بأنه سرق دراسة قانونية

أما في الولايات المتحدة، فاعترف نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه سرق دراسة قانونية قدمها عندما كان طالباً في كلية الحقوق. إضافة إلى ذلك، انتبه العديد من الناقدين إلى أن بايدن استخدم أجزاء من كلمة لزعيم حزب العمال البريطاني نيل كينوك، أثناء خطاب له من دون أن يسندها إليه.

وأشارت الـ quot;فورين بوليسيquot; إلى أن هناك نوعين مختلفين جداً من الانتحال، السياسي والأكاديمي. ويبدو أن بايدن مذنب بالاثنين. وعلى الرغم من أن السرقة الأدبية والفكرية محرجة للغاية، إلا أنها ليست بالضرورة مضرّة بالمهنة.

وزير النقل الأسترالي أنتوني ألبانيز سرق بعض العبارات من دور الممثل مايكل دوغلاس في فيلم quot;الرئيس الأميركيquot;، لكنه لم يفصل من الخدمة. واتهمت حملة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الرئيس الأميركي باراك أوباما باقتباس العبارات من حاكم ولاية ماساتشوستس ديفال باتريك أثناء الحملة الانتخابية التمهيدية الديمقراطية عام 2008، لكن التهمة لم تؤد إلى أي ضرر يذكر، وقال باتريك إنه وأوباما أصدقاء، ويتداولان الكثير من الأفكار.

واعتبرت الصحيفة أن عمليات الغش والسرقة الفكرية لا تقتصر على الذين افتضح أمرهم وحسب، فبالتأكيد هناك الكثير من السياسيين الذين أخذوا ممراً مختصراً في طريقهم إلى السلطة، وهذه الفضائح لن تكون الأخيرة من نوعها.