عائلة سورية نزحت الى تركيا هربا من القصف وأعمال العنف

تُمارَس ضغوط متزايدة لحمل المجتمع الدولي على إقامة ملاذ آمن داخل الأراضي السورية لآلاف النازحين السوريين الذين اقتلعتهم الحرب الأهلية المستعرة في بلدهم.


لندن: مع اقتراب تركيا من حافة المئة ألف لاجئ التي أشار مسؤولون أتراك إلى أنها ستكون أقصى ما تتحمله تركيا، سيتطلع جيران سوريا إلى اجتماع مجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية الأسبوع المقبل، عسى أن يبحث سبل معالجة الأزمة الانسانية في سوريا، ولا يكتفي بتركها لتركيا والأردن ولبنان ودول أخرى في المنطقة تتحمل عبئها.

وأكد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن حكومته ستؤكد أن على المجتمع الدولي كله أن يشترك في تحمل هذا العبء وليس جيران سوريا وحدهم مستعرضا الخطوط العامة للموقف الذي سيطرحه حين يجتمع مجلس الأمن يوم الخميس لبحث القضايا الإنسانية الناجمة عن النزاع المستمر منذ 18 شهرا في سوريا.
وسيكون الاجتماع اختبارا لقدرة الأمم المتحدة على اتخاذ موقف موحد والقيام بدور فاعل في حل الأزمة السورية، بعد استخدام روسيا والصين حق الفيتو ثلاث مرات ضد قرارات حول سوريا. وكانت آخر مرة، في تموز (يوليو)، دفعت الولايات المتحدة إلى التعهد بإيجاد شركاء خارج إطار الأمم المتحدة للتعامل مع الأزمة السورية.

وسينعقد اجتماع الخميس بمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن وأطراف أخرى متأثرة بالأزمة، في نهاية أشد الأشهر دموية بمقتل أكثر من 4000 سوري في آب (اغسطس) وحده، كما يقول معارضون سوريون.
ويتوقع مراقبون أن تطالب تركيا بقرار يسمح للنازحين السوريين بالبقاء آمنين داخل حدودهم، لا لأن تركيا استقبلت كل اللاجئين الذين تستطيع استقبالهم فحسب، بل لأن تركيا تعلمت من خبرة مريرة سابقة ما يترتب على مواجهة أزمة لاجئين داخل أراضيها.

ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونيتر عن الخبير في الشؤون التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى سونر جاغبتاي quot;إن الدرس الذي تعلمته تركيا من اوائل التسعينات هو انك إذا سمحتَ بدخول عدد كبير من اللاجئين فانهم سيكونون في نهاية المطاف مشكلتك وحدكquot; في اشارة إلى نزوح نحو 500 الف كردي عراقي إلى تركيا هربا من غازات صدام حسين السامة التي استخدمها ضد شعبه في شمال العراق.

وقال جاغبتاي إن مسؤولين اتراك قالوا له خلال زيارة قام بها مؤخرا إلى أنقرة إن 100 الف لاجئ هو الحد الأقصى الذي تتحمله تركيا وعنده ستطالب المجتمع الدولي بإيجاد بديل يتيح للبلدان المجاورة تلبية احتياجات من استقبلتهم.
وتفضل تركيا أن تتقدم الأمم المتحدة بحل للمشكلة ولكن جاغبتاي يرى أن انقرة ستلجأ إلى حلف الأطلسي ـ الناتو ـ إذا عجز مجلس الأمن عن الإتفاق على حل.

ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن جاغبتاي قوله quot;إن الأتراك مرتاحون تماما إلى فكرة دعم الناتو ملاذا آمنا أو ممرا انسانياquot; مشيرا إلى ان تركيا شاركت في عمليات الناتو في البلقان.
وقال جاغبتاي quot;ان ما يريد الأتراك رؤيته هو مشاركة طرف دولي لكي يضفي على أي اجراء يُتخذ شرعية دوليةquot;.

ودعا محللون وأعضاء في الكونغرس الأميركي منذ أشهر إلى قيادة الولايات المتحدة ائتلافا دوليا للراغبين من خلال حلف الأطلسي أو بشكل آخر أكثر تخصصا لاقامة ملاذات آمنة داخل سوريا. وامتنعت إدارة اوباما حتى الآن عن اتخاذ مثل هذه الخطوة حتى بعدما أشار مسؤولون في الإدارة الأميركية عقب الفيتو الأخير في مجلس الأمن ضد اتخاذ اجراءات للضغط على الرئيس بشار الأسد، إلى ان الولايات المتحدة ستتحرك خارج اطار الأمم المتحدة.

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون التقت داود اوغلو في 11 آب (اغسطس) وقالت وقتذاك ان البلدين سيفكران في اقامة منطقة حظر جوي، ولكن ذلك سيتطلب دراسة وتخطيطا quot;مكثفينquot;، بحسب تعبيرها.
وكان مسؤولون من البلدين يشيرون وقت اجتماع كلينتون وداود اوغلو إلى ان المعارضة السورية المسلحة اصلا تقتطع مناطق آمنة في الأراضي التي تقع تحت سيطرتها داخل الحدود السورية.

ودعا المجلس الوطني السوري إلى إقامة ملاذات آمنة على الحدود السورية التركية التي تمتد نحو 900 كلم والحدود السورية الأردنية التي تمتد نحو 370 كلم.
وقال الخبير جاغبتاي من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن لدى تركيا في الواقع استراتيجية عملية تلبي في إطارها الاحتياجات الإنسانية للاجئين السوريين المحتشدين على الجانب الآخر من الحدود، فيما اصبحت مناطق آمنة غير معلنة.

ويهدف توفير الغذاء والماء وبعض الامدادات الطبية لهؤلاء السوريين داخل الأراضي السورية إلى منع ما اصبح دفقا يبلغ نحو 2000 لاجئ في اليوم إلى تركيا من التزايد فوق هذا العدد، بحسب جاغبتاي.
ولكن هذا الحل الموقت لا يعتبر بديلا طويل الأمد عن quot;الشرعية الدوليةquot; التي تريدها تركيا لما اصبح ملاذات آمنة داخل سوريا. ويقول خبراء إن موافقة المجتمع الدولي مطلوبة لا لطمأنة السوريين إلى انهم سيكونون بمأمن إذا بقوا على الجانب السوري من الحدود فحسب، بل ولتوجيه رسالة إلى الأسد بأن القوى الدولية لن تسكت على استهداف سوريين مقتلعين.