مقاتل من الجيش السوري الحر

يعتقد سكان مدينة حلب أنهم يدفعون ثمنًا باهظًا للثورة التي تسعى للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، ففي مدينتهم لا شيء إلا رعب الخراب ورائحة التراب المجبول بالدم.


حلب (سوريا): بعد مرور اكثر من شهرين على بدء معركة حلب بدأ التململ يتزايد والاصوات تتعالى بين سكان ثاني كبرى المدن السورية احتجاجًا على quot;الثمن الباهظ للثورةquot; والانتهاكات العديدة التي يرتكبها المقاتلون المعارضون للرئيس بشار الاسد.
وسرعان ما بدأت تتلاشى quot;رومانسيةquot; الثورة والصورة الناصعة التي تكونت عنها في اذهان عدد من سكان العاصمة الاقتصادية للبلاد، صورة شعب ينتفض ضد حكم الطاغية، وذلك بعدما حلت محلها صور القتل والدمار والقصف الجوي والبري والجثث التي تملأ شوارع العديد من احياء كبرى مدن الشمال السوري حيث تدور معارك طاحنة بين القوات النظامية والمعارضين.
وبالنسبة الى العديد من المدنيين العالقين بين ناري الحرب فهم يشعرون أن هذه الحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، اما الاكثر نقمة من بينهم فيتهمون المقاتلين المعارضين بأنهم يستخدمونهم quot;دروعًا بشريةquot;.
فايز شعيب (65 عامًا) هو احد سكان حي سيف الدولة ولا يخفي خيبة امله مما آلت اليه quot;الثورةquot;.
ويقول: quot;لقد ذهبت لزيارة امي العجوز وعندما عدت الى منزلي وجدته محتلاً من قبل حوالي عشرة مسلحينquot;، ويضيف بحسرة quot;بعضهم كان يرتدي ملابسي ويستخدم مطبخي ويشاهد تلفزيونيquot;.
وشعيب طوبوغرافي متقاعد عاش عشر سنوات في نيويورك quot;من اجل بناء جسرquot; في المدينة الاميركية، وهو اليوم يعاني كما يقول من مرض السكر ومشاكل في القلب.
ويتابع: quot;قالوا لي لا تقلق ايها العجوز، لن نسرق منك شيئاً. قد اكون بعمر جدهم ولكنهم لا يحترمون احدًا. لقد حاولت طردهم ولكنهم اجابوني بأنهم لن يتزحزحوا. إنهم يظنون أن حمل سلاح ومقاتلة الاسد يعطيانهم كل الحقوقquot;.
في المقابل اقترح المقاتلون على شعيب أن يختار أي منزل في الجهة المقابلة ليسكن فيه، مؤكدين له أن الامر لن يكلفهم quot;سوى ركلة واحدة لخلع بابهquot; واعطائه لشعيب.
ويضيف quot;تخيلوا اذا ما عاد مالكو المنزل ووجدوني في سريرهم! سوف يقتلونني ولهم كل الحق في ذلكquot;، مؤكدًا أنه والحال هذه اضطر الى المبيت في الشارع.
وحاليًا يفترش الطوبوغرافي المتقاعد مكانًا مرتفعًا مطلاً على منزله، لا كهرباء ولا انارة بل شمعتان تنيران عتمة الليل، وفي هذا يقول: quot;نحن ندفع ثمنًا باهظًا جدًا للحصول على حريتنا، كلا لا أريد الثورة اذا كان هذا هو الثمن الذي يجب دفعهquot;.
ويتابع quot;في حلب الكثير من المباني خالية. لا تزال جديدة ولم يتح الوقت لشغلها. لقد اقترحت عليهم أن يذهبوا ويقيموا هناك ويتركوا المنازل حيث كانت تعيش عائلاتquot;.
ويضيف quot;لكنهم رفضواquot;، موضحًا quot;أنهم يخشون أن يصبحوا اهدافًا سهلة للجيش النظامي اذا ما اقاموا في مبانٍ خالية. لهذا السبب هم يفضلون الاقامة بين السكان. إنهم يستخدموننا كدروع بشرية!quot;.
اما التاجر ابو حسين فيستنكر من جهته اعمال السلب والنهب التي يرتكبها المقاتلون المعارضون. ويقول: quot;يدخلون المتاجر، يأخذون ما يحلو لهم وطبعًا لا يدفعون شيئًا بدعوى أنهم يقاتلون من أجل حريتي. اذا كانت هذه هي الحرية التي تنتظرنا فليحتفظوا بها لأنفسهم، لا اريدها!.
وعندما تهدأ ثورته قليلاً، يقول quot;اشكرهم بالطبع من كل قلبي على النضال الذي يقومون به ولكن لا يقومون بالامور كما يجب. نحن نرتكب الكثير من الاخطاء وينتهي بنا الامر بدفع ثمنها عاجلاً ام آجلاً. الناس بدأوا بعدم تصديقهمquot;.