وصل القاسمي سليماني، رئيس فيلق القدس والمسؤول الإيراني عن حماس وحزب الله، إلى القاهرة واجتمع سرًا بقيادات إخوانية من دون علم وزارة الداخلية، ما أثار شكوكًا في نية الاخوان إنشاء حرس ثوري يحاكي النموذج الإيراني، يوازي الأجهزة الأمنية غير الموالية تمامًا للجماعة.

القاهرة: أثارت الأنباء التي تتحدث عن زيارة رئيس فيلق القدس الإيراني للقاهرة ولقائه عددًا من مسؤولي الإخوان عاصفة من الجدال، في ظل تواتر أنباء تفيد بأن الهدف من الزيارة مساعدة الرئيس محمد مرسي في إحكام قبضته الأمنية على البلاد، وإنشاء أجهزة أمنية موازية للأجهزة الأمنية المصرية الرسمية، على شاكلة الحرس الثوري الإيراني، ليكون تحت تصرف الرئيس والجماعة، لأن الأجهزة الحالية ليست موالية تمامًا للإخوان ومرسي.
أجهزة أمنية موازية
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة تايمز البريطانية، زار القاسمي سليماني، رئيس جهاز المخابرات الإيراني، القاهرة أثناء الإحتفال بأعياد الميلاد. واستمرت الزيارة أربعة أيام، أجرى سليماني خلالها محادثات مع مسؤولين رفيعي المستوى في الرئاسة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين. وأضافت الصحيفة، أن الحكومة الإسلامية في مصر quot;سعت للحصول على دعم سري إيراني لها لتعزيز سيطرتها على السلطة، ما يسدد ضربة أخرى لعلاقة القاهرة الهشة مع الغربquot;.
وأشارت الصحيفة إلى أن زيارة سليماني، الذي يشرف على نشاط الميليشيات المسلحة المقربة من إيران في المنطقة كحزب الله وحماس، جاءت بناء على دعوة وجهها مرسي وقادة الإخوان المسلمين. وكشفت أن المسؤول الاستخباري الإيراني التقى عصام الحداد، مستشار مرسي للشؤون الخارجية، ومسؤولين في الإخوان، لبحث دعم الحكومة في بناء جهازها الأمني والمخابراتي، وبشكل مستقل عن أجهزة الأمن التي يسيطر عليها الجيش المصري.
ونقلت تايمز عن مسؤولين اثنين في الإخوان تأكيدهما للزيارة، وقولهما quot;إن الهدف منها إرسال رسالة إلى أميركا، التي تمارس ضغطًا على الحكومة المصرية، مفادها أن مصر حرة في نسج تحالفاتها، كما تراه مناسبًاquot;.
وكان صحيفة القبس الكويتية نشرت حول الموضوع ذاته الخميس الماضي تحت عنوان laquo;الإخوان يستعينون بإيران للسيطرة على الأجهزة الأمنيةraquo;. واستعرضت القبس في تقريرها الاتصالات الإخوانية ndash; الإيرانية.
وذكرت القبس أن هذه الاتصالات أزعجت جهاز الأمن الوطني المصري كون نظام الإخوان يريد بناء أجهزة أمنية ومخابراتية بعيداً عنه.
بلاغ للنائب العام
تقدم النائب السابق محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، ببلاغ للنائب العام المستشار طلعت عبد الله، طالب فيه بالتحقيق في ملابسات زيارة سليماني للقاهرة، مشيرًا إلى أنه التقى مسؤولين مصريين ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين داخل أحد الفنادق الشهيرة في القاهرة، ما تسبب بغضب قيادات وزارة الداخلية، لعلمهم بما دار في اللقاءات حول أساليب السيطرة على الأجهزة الأمنية.
وأضاف السادات في بلاغه أن quot;أجهزة أمنية تابعة لمؤسسة الرئاسة فرضت طوقًا أمنيًا حول الفندق طوال الزيارة، ومنعت أفراد الشرطة التابعين لوزارة الداخلية من التواجد في الفندقquot;.
وكشف أنه تمت مناقشة أساليب السيطرة على الأجهزة الأمنية في مصر خلال هذا اللقاء، خصوصًا أن اللواء سليماني خبير في هذا المجال، وكان قد نجح في فرض سيطرة النظام الإيراني الإسلامي على أجهزة الأمن في إيران بعد الثورة على الشاه.
الداخلية تنفي
دعا السادات النائب العام للإستماع إلى شهادة اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية السابق، حول الزيارة، مؤكدًا أن إقالته من منصبه ضمن التغيير الوزاري الأخير جاء في أعقاب تلك الزيارة مباشرة.
في السياق ذاته، نفى مصدر أمني لـquot;إيلافquot; علم وزارة الداخلية بتفاصيل الزيارة، مشيرًا إلى أن قياداتها علموا بها من وسائل الإعلام.
أضاف: quot;جهاز الأمن الوطني، وهو الإستخبارات الداخلية، مهتم جدًا بمتابعة ما نشرت الصحيفة البريطانية، وهناك تنسيق مع جهاز المخابرات العامة في هذا السياقquot;، مشيرًا إلى أن هذه المعلومات لو صحت فإن إجراءات سيتم اتخاذها بحق جماعة الإخوان المسلمين، ولا سيما أن المسألة تدخل في سياق الإضرار بالأمن القومي المصري.
تشويه الإخوان
نفى الدكتور عصام الحداد، مساعد الرئيس مرسي، تلك الأنباء وقال في بيان له باللغة الإنكليزية نشره على صفحته على موقع فايسبوك إنها عارية تمامًا من الصحة.
أما القيادي الإخواني الدكتور جمال حشمت فرأى أن نشر هذه الأنباء quot;يأتي في سياق المحاولات المستميتة من أجل تشويه صورة الجماعة، وإثارة الرأي العام ضدها، بهدف الإنقلاب على الشرعيةquot;.
وقال حشمت لـquot;إيلافquot; إن جماعة الإخوان لا تسعى إلى إنشاء أجهزة أمنية موازية للأجهزة الوطنية، مؤكدًا أنها لا تملك ميليشيات مسلحة كما يروج المغرضون، ولافتًا إلى أن المصالح الخارجية تتلاقى مع مصالح الأطراف الداخلية في إجهاض الشرعية في مصر والإنقلاب عليها.
قلق من الجيش والمخابرات
لم يستبعد الخبير السياسي الدكتور محمد عبد الحميد أن تكون تلك الزيارة تمت بالفعل، مشيرًا إلى أن التقارب بين الإخوان المسلمين والنظام الإيراني أعمق مما يتخيل أي فرد، على الرغم مما يبدو من خلافات بين الجانبين على المستوى العقائدي أو السياسي، خصوصًا في المسألة السورية.
وقال عبد الحميد لـquot;إيلافquot; إن هناك مؤشرات كثيرة تؤكد أن الإخوان يسيرون على خطى النموذج الإيراني في الحكم، وليس النموذج التركي حسبما يظن البعض. وأوضح أن الدستور المصري الجديد quot;يجعل من مصر دولة دينية كما هو الحال في إيران، فهو ينص على أن جميع التشريعات تعرض على الأزهر الذي يعد المرجعية الدينية في مصر، ولا يمكن فصل هذا الحديث عن نية تعديل قانون الأزهر بما يسمح بتولي منصب شيخ الأزهر قيادي إخواني، لتكون منزلته هي نفس منزلةالمرشد الأعلى للثورة في إيرانquot;.
أضاف: quot;على الرغم من نجاح مرسي في التخلص من المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع السابق، ونائبه الفريق سامي عنان، ثم إقالة اللواء مراد موافي رئيس جهاز المخابرات السابق، إلا أن جماعة الإخوان ما زالت تشعر بالقلق من تلك الأجهزةquot;، مشيرًا إلى أن تصريحات المرشد العام للجماعة التي هاجم فيها قادة الجيش السابقين متهمًا إياهم بالفساد، ثم التصريحات المتعددة للقيادي محمد البلتاجي بشأن تورط المخابرات ووزارة الداخلية في تدبير مؤامرات الإنقلاب على مرسي، تؤكد أن جماعة الإخوان تسعى لإنشاء أجهزة أمنية موالية لها.
ولم يستبعد عبد الحميد أن يكون التعاون الإيراني الإخواني وثيقًا في هذا الصدد بهدف إنشاء حرس ثوري مصري على الطريقة الإيرانية.
ضغوط على الإمارات
لا ينفصل التقارب الإيراني الإخواني عن الأزمة الإماراتية الإخوانية، كما يرى الخبير في الشأن الإيراني الدكتور سامح علي. وهو قال لquot;إيلافquot; إن العلاقات متوترة بين الإمارات ومصر، بعد اعتقال السلطات الإماراتية مجموعة من القيادات الإخوانية، واحتضان الإمارات مجموعة من رموز نظام مبارك المعارضين لمرسي على رأسهم الفريق احمد شفيق، ما دفع مصر في ظل الإخوان إلى أحضان إيران، العدو الأول للإمارات.
ولفت علي إلى أن الهدف من تلك العلاقات ممارسة الضغوط على الإمارات، وفي الوقت نفسه توجيه رسائل قوية إلى الولايات المتحدة الأميركية بضرورة كبح جماح إسرائيل والإمارات.
ونبه إلى أن وجود مصالح مشتركة بين إيران ومصر ستوسع أفق تعاونهما خلال المرحلة المقبلة، quot;فايران تبحث عن حليف بديل لنظام بشار الأسد المنهار في سوريا، للضغط على أميركا وإسرائيل لحين إتمام برنامجها النووي، ومصر تبحث عن حليف قوي يشكل ضغوطًا قوية على أميركا، ولذلك توجهت صوب ايران والصينquot;.