ناشد آلاف اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري شمال الاردن دول العالم مد يد العون لهم بعدما فاقمت الاحوال الجوية السيئة معاناتهم وتركتهم يصارعون مياه الامطار والرياح العاتية والبرد القارس، حيث انخفضت درجات الحرارة الى الصفر المئوية.


مخيم الزعتري: داهمت مياه الامطار الغزيرة التي تهطل على الاردن منذ ايام مئات الخيم في مخيم الزعتري الذي يقع في محافظة المفرق شمالي المملكة على مقربة من الحدود السورية، والذي يأوي حوالي 65 الف لاجىء سوري.

كما ادت الرياح العاتية التي تجاوزت سرعتها 100 كلم في الساعة الى اقتلاع وتمزيق العديد من الخيام، ما حدا بساكني المخيممن الرجال والنساء الى حفر خنادق صغيرة حول خيامهم لحمايتها من الامطار والاوحال التي باتت تغطي كافة ارجاء المخيم.

ويقول يوسف الحريري (38 عامًا)، الذي فرّ الى المخيم من محافظة درعا (جنوب سوريا) قبل نحو اربعة اشهر، بغضب quot;نريد خيامًا جديدة، نريد مدافىء، نريد وقوداً، نريد افرشة واغطية تقينا واطفالنا البرد القارسquot;.

واضاف quot;لا احد يشعر بنا، أو يمد لنا يد العون، نشعر وكأن لا احد يكترث لحالنا، نحن نادمون على مجيئنا الى هنا، لو بقينا في منازلنا تحت القصف كان افضل لنا من هذا الحال المزريquot;.

ولم تبقِ مياه الامطار في خيمة الحريري شيئًا والا وطالته من الارضية والافرشة والاغطية وحتى الملابس التي كان يرتديها اطفاله الاربعة وزوجته تبللت وطالتها الاوحال.

وتساءل quot;من يقبل بهذا الذل؟ من يرضى بهذا الحال؟ حتى الحيوانات تعيش افضل حالاً مناquot;.

واوضح الحريري الذي لجأت شقيقته واطفالها الخمسة الى خيمته الثلاثاء بعد أن داهمت مياه الامطار خيمتها quot;الآن اصبحت ابحث لي ولشقيقتي وعائلتينا عن خيمة جديدة، ابناؤنا مرضوا من شدة البرد القارس ونحن لانعرف ماذا نفعلquot;.

وقال quot;راجعت مسؤولين في المخيم بحثاً عن حل، فقالوا لي:اصبر! كيف لي ان اصبر وهل يفهم الاطفال هذا الكلامquot;.

اما عبد المجيد محمد (35 عامًا)، وهو من درعا ايضا، فامضى شهراً واحداً فقط في المخيم هو وابناؤه الاربعة، وهو اليوم ضاق ذرعًا ولم يعد يتحمل وتقدم بطلب الى السلطات الاردنية لاعادته الى بلده.

ويقول وهو يرتجف وقد غطى رأسه ببطانية لفرانس برس quot;الحياة هنا مأساوية، لو نظرت الى المخيم ليلاً سترى الخيام وكأنها نصبت وسط البحر، وضعنا تعيس جدًاquot;.

ويضيف وقد بدا عليه اليأس quot;اريد العودة الى بلدي سوريا على الأقل هناك الموت إن أتى فهو سريع دون أن تشعر بكل هذه المعاناة، اما هنا فالموت بطيء، والنتيجة واحدة لذلك الافضل لي ان اموت في بيتي وببلديquot;.

ويوضح عبد المجيد أنه يشعر بالذنب quot;لاني اخترت القدوم الى هنا، اخاف أن يموت احد ابنائي امام عيني دون أن استطيع مساعدته لذلك اريد العودة ولا اريد أن اشعر بهذا الذنب طوال حياتي لانني انا من جئت بهم الى هذا المكانquot;.

ويضم المخيم نحو 4500 خيمة من المفترض أن تأوي كل منها 5 أشخاص كحد أقصى، كما يضم حوالي 4 آلاف عربة متنقلة (كرفان) وزعت على لاجئين بحسب الاقدمية والاحقية وذلك تبعًا لشروط معينة.

وتقول الحاجة صبحة (60 عامًا) لفرانس برس quot;ولدي في الجيش الحر، ابناؤه وهم خمسة وابناء ابنتي ستة معي هنا وقضينا خمسة اشهر في المخيم لكننا لم نحصل حتى الآن على كرفانquot;.

واضافت وهي ترنو بناظرها الى وجوه الاطفال الذين كانوا ينظرون من باب الخيمة وهم يستمعون بفضول الى حديثها quot;بالامس كنت اخشى ان تطير الخيمة من شدة الرياح وكنت طوال الوقت ادعو الله ان ينجينا ويسترناquot;، مشيرة الى ان quot;لا شيء يقينا البرد القارس هنا يعطون كل شخص غطائين خفيفين فقط وليست لدينا مدافىءquot;.

وتنتقد صبحة المسؤولين بالمخيم، وتقول بغضب quot;كلما كلمنا احدًا منهم يقول:+انا لا دخل لي+، الوضع تعيس جداً هنا ولا نعرف لمن نلجأquot;.

وعلى مسافة قريبة كان حسين الحوراني (42 عاماً) يتعاون مع زوجته وابنائه الثمانية على مد طبقة من الحصى تحت الخيمة ليرفعها عن مستوى مياه الامطار، ويقول حسين الذي كان يرتدي قبعة سوداء quot;ثلاثة ايام ونحن على هذا الحال، غرقنا بالمياه، لم نستطع أن ننام ليلة امس كل شيء تبللquot;.

ويشير الى أن quot;مسؤولي المخيم عرضوا علي كرفاناً لكني رفضت لأنه بعيد وبلا كهرباء أو ماء أو حمام، فضلت البقاء هنا بالخيمة حتى يفرجها اللهquot;.

وتشهد معظم مناطق المملكة منذ نحو اربعة ايام تساقطًا غزيرًا للامطار فيما تساقطت الثلوج الليلة الماضية على بعض مناطق المملكة، مع تعمق تأثير المنخفض الجوي القطبي وانخفاض درجات الحرارة الى الصفر.

وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة الثلاثاء إن الامطار داهمت نحو 500 خيمة في المخيم، فيما وقعت بعض اعمال الشغب عند توزيع مساعدات على اللاجئين ما ادى الى وقوع اصابات في صفوف عمال اغاثة.

ويستضيف الاردن اكثر من 290 الف لاجىء منهم حوالي 65 الفاً في مخيم الزعتري.

وتفيد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بأن عدد اللاجئين السوريين المسجلين والذين ينتظرون التسجيل في الاردن يبلغ 142 الفًا و664.

ويعبر مئات السوريين يومياً الحدود مع الاردن وبشكل غير شرعي، هربًا من القتال الدائر بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة منذ اكثر من 21 شهرًا، والذي اسفر عن مقتل اكثر من 60 الف شخص، بحسب الامم المتحدة.

ويقول فصل اسماعيل (40 عامًا) وهو اب لثلاثة اطفال بألم وحسرة quot;لقد نزح الى بلادنا في السابق الفلسطينيون ثم اللبنانيون واخيرًا العراقيون ففتحنا لهم قلوبنا قبل بيوتنا واكرمناهم واحسنّا اليهم جميعاً، لكن انظر لنا عندما تركنا بلادنا مضطرين كيف تم استقبالنا، اننا نشعر بالحزن، لقد خاب أملناquot;.

ويضيف وهو يرفع كفيه الى السماء quot;لم يبقَ لنا الا الله، هو الذي نجانا من الحرب وسينجينا من هذه المحنةquot;.