دقّ ناشطون سوريون ناقوس الخطر من استعادة تجربة الصحوات العراقية في سوريا، ودقّ إسفين الجيش المدني بين الجيش الحر والشعب السوري، وكأنهما طرفا نقيض، وسط صمت دولي مريب.


حذّر ناشطون سوريون من تطبيق الرئيس السوري بشار الأسد تجربة مجالس الصحوة العراقية في سوريا. فقد قال الصحافي السوري المنشق عدنان عبد الرزاق، أمين تحرير جريدة البعث، لـquot;إيلافquot;: quot;عزف النظام على الوتر الطائفي ورقة أخيرة لاستمالة الأقليات، عبر فزّاعة أسلمة الثورة وجبهة النصرة، ولكسب التأييد الدولي، وقد نجح إلى حد بعيد في تحويل الانتفاضة السورية إلى حرب أهلية، في مقدمة لتحويلها إلى حرب ضد الإرهابquot;.

استعادة الصحوات
قال عبد الرزاق إن تعميق الخلاف بين مكونات المجتمع السوري، يعيد إلى الأذهان تجربة البعثيين في مواجهة حركة الإخوان المسلمين في ثمانينيات القرن المنصرم، وتجربة مجالس الصحوات العراقية في مطلع العام 2003، التي دمجت في مفاصل مهمة في الوزارات العراقية لاحقًا.

بحسب عبد الرزاق، فاق عديد الصحوات في العراق 100 ألف مقاتل، واستفاد منها نظام نوري المالكي في مواجهة الشعب العراقي في مناطق محددة وقتل جذوة المقاومة ضد الاحتلال الأميركي، وفي زرع أنصار ومؤيدين نالوا رشاوى مالية لسنوات، ومن ثم سياسية، بتبوّئهم مواقع في الحكومة.

تاريخ يعيد نفسه
تساءل عبد الرزاق: quot;هل يعيد التاريخ نفسه، وتنتقل التجربة العراقية إلى سوريا، ليس عبر جيش الدفاع المدني أو الوطني، الذي يحضر سريعًا، بل حتى لإهداء سوريا إلى إيران كما فعلوا مع العراق؟quot;.

ورأى أن التبدلات التي طالت الحالة السورية أخيرًا، سواء لجهة الانسحاب من التعهدات السياسية بعيد تأسيس الائتلاف، أو حتى التوقف عن دعم المعارضة ومحاولات تجفيف منابع القوة المسلحة منها، تزيد من احتمال أن يعيد التاريخ نفسه.

قال: quot;وأن تتحول مطالب الشعب السوري وانتفاضته إلى قضية لاجئين وإغاثة، ومن ثم إلى حرب أهلية، لتنتهي الحكاية بحرب على النصرة والإرهاب، وربما تشارك قوة دولية في اقتلاع الإرهاب السوريquot;.

خطر الجيش المدني
من جهته، رأى الناشط السوري مروان خورشيد، في حديث لـquot;ايلافquot;، أن تشكيل جيش الدفاع المدني فكرة خطيرة جدًا، quot;فبعدما هجّر النظام أكثر من ثلاثة ملايين سوري خارج سوريا وسبعة ملايين داخل سوريا، ينتقل اليوم إلى فكرة خطيرة، وهي تشكيل مجموعات مدنية من كل منطقة، مطعّمة بشبيحة من العراق ولبنان وإيران، من الطائفة العلوية، يضعهم في مواجهة الجيش الحرquot;.

أضاف: quot;سيضع الأسد المدنيين الموالين له من البعثيين غير العلويين في مواجهة الجيش الحر، ويصوّر المواجهات ويعرضها بالتعاون مع بعض القنوات الإعلامية المحسوبة عليه في العالم العربي، لتسويق فكرة رفض الأهالي وجود الجيش الحر بينهم، بناء على فكرة الصحوات العراقية، التي واجهت تنظيم القاعدة في العراقquot;. ولفت خورشيد إلى quot;أن الأجواء الدولية الصامتة مهيئة لاستقبال هكذا فكرةquot;.

السلاح الروسي
إن نجحت هذه الفكرة، يؤكد خورشيد أنها ستثبت ما قاله الأسد في خطابه الأخير، أي وقوف المدنيين في وجه الجيش الحر، quot;خصوصًا في الفترة الأخيرة حين ساعدته دول أصدقاء سوريا على تجفيف السلاح عن ضباط الجيش الحر المنشقين، وتركت السلاح في يد الجماعات الإسلامية بكثرة، وما يحدث في رأس العين يندرج ضمن المخطط نفسهquot;.

وشدد خورشيد على أن السلاح الجديد الآتي من روسيا سيوزّع على المدنيين الذين سينفذون هذه الفكرة الجهنمية. وقد أكد ناشطون داخل سوريا أن بشار الأسد ونظامه أعدّوا ونظموا أكثر من عشرة آلاف بعثي وشبيح، مطعّمين بمقاتلين إيرانيين، لهذه المهمة، ما سيزيد الجحيم السوري سعيرًا وسط صمت دولي.

الجيش قوي
كان علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، لفت إلى أن مزاعم الجيش الحر بتدخل إيراني في سوريا ناتجة من إحباط المجموعات المسلحة المدعومة خليجيًا، وأكد أن بلاده لا ترى أي داعٍ للتدخل في شؤون سوريا، لأنها تحتضن جيشًا قويًا.

أما واشنطن، فقد رأت أخيرًا أن الدعم الأوسع الذي تقدمه إيران إلى النظام السوري غير مبرر مطلقًا، مبينة أن المسؤولين الإيرانيين يتفاخرون بالدعم الذي تقدمه إيران إلى الحكومة السورية، وأن ما تقوم به إيران في سوريا يؤكد خوفها من فقدانها حليفها الوحيد المتبقي في الشرق الأوسط، والذي يشكل قناة مهمّة لحزب الله اللبناني.