الجيش السوري النظامي جاد في استعادة داريا في ريف دمشق، لأنها تساعده على تحصين العاصمة من الثوار، بينما يستميت الجيش الحر في الدفاع عنها لأنها طريقه المفتوح إلى عقر دار النظام.


لميس فرحات من بيروت: يبدو أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يستثمر كل قواه في معركة داريا لضمان قبضته على السلطة، فيما ينتشر ستون بالمئة من قوات الجيش النظامي في العاصمة دمشق.

وكانت ثلاث دبابات تتمركز عند مفترق طرق في داريا جنوب غرب ضاحية دمشق، عندما تعرضت إحداها لهجوم بصاروخ مضاد للمدرعات، فارتفعت سحب الدخان وتحولت الدبابة إلى صفيحة معدنية محترقة قتلت كل من بداخلها.

لقطات القتال المثيرة التي انتشرت على موقع يوتيوب تعكس شراسة الصراع بين الجيش السوري والثوار المسلحين للسيطرة على المناطق الرئيسة في داريا، ما يشير إلى أن نتائج المعركة يمكن أن تحدد مصير نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وفقًا لعدد من الدبلوماسيين والمحللين.

نطاق الهاون

يقول دبلوماسي غربي لصحيفة كريستيان ساينس مونيتور: quot;يستثمر النظام السوري، بمساعدة روسيا وايران، كل قوته في الهجوم المضاد على الثوار في داريا، لضمان قبضة الأسد على السلطة، وإذا فشلت هذه الجهود، فإن النظام سيكون في موقف صعب للغاية، داخليًا وخارجيًاquot;.

وأضاف هذا الدبلوماسي، الذي يتمتع باتصالات واسعة النطاق مع النظام السوري والمعارضة: quot;على الرغم من أن المنطقة كانت تحت سيطرة الثوار لأشهر عدة، إلا أن الجيش السوري صعّد من جهوده في الأسبوعين الماضيين للاستيلاء على الحي الاستراتيجي، ولا سيما أن داريا تقع ضمن نطاق قذيفة الهاون من قصر الرئاسة على جبل قاسيونquot;.

وأشار إلى أن داريا قريبة من مطار المزة العسكري، الذي يمثل شريان الحياة الجوي الوحيد للنظام في العاصمة منذ إغلاق مطار دمشق الدولي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. كما أن البلدة تقع بين اثنين من الطرق الرئيسة التي تربط دمشق ببيروت، 22 كيلومترًا إلى الغرب، وإلى مدينة درعا السورية والحدود الأردنية، 65 ميلا إلى الجنوب.

قوات خاصة عاجزة

وداريا عنصر مهم في جهود ثوار الجيش السوري الحر، من أجل إقامة حزام كامل للأراضي الواقعة تحت سيطرتها، يربط بين شمال وشرق الضاحية الجنوبية لدمشق. ما إن يستطيع الثوار تأمين هذه الأحياء حتى ينشروا أعدادًا كافية من المقاتلين والأسلحة والذخيرة لشن هجوم على وسط دمشق، في محاولة للإطاحة بالنظام من عقر داره.

يقول أندرو تابلر، الخبير في الشأن السوري في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: quot;خسارة النظام السوري لداريا يعطي المعارضة ميزة استراتيجية، ولذلك يعمل النظام على تركيز سلطته في المنطقة، ما يجعل القتال صعبًا بالنسبة إلى المعارضة المسلحةquot;.

يضيف: quot;على الرغم من استخدام القوات الخاصة في الهجوم على داريا، إلا أن النظام السوري ما زال عاجزًا عن السيطرة على داريا وطرد الثوار منهاquot;.

حمام دم

اذا استطاع الجيش النظامي استعادة داريا، فسيعرقل خطط الجيش السوري الحر لتحقيق تقدم في وسط دمشق، كما سيتيح للنظام متسعًا من الوقت للضغط من أجل التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض مع الأسد.

ويقول الدبلوماسي إن نحو 60 بالمئة من القوات، التي تبقت في الجيش بعد أشهر من الانشقاقات، تنتشر في دمشق، ما يؤكد أهمية النضال من أجل العاصمة السورية.

وقد وصفت قيادة الجيش السوري الحر داريا بأنها مسلخ كبير، ويبدو أن ما يحدث هو محاولة لسحق قوة وإرادة القوات النظامية، ولا سيما أن الثوار شجعوا السكان المحليين على الرحيل، بينما بقي فقط نحو 10 إلى 15 بالمئة من السكان في منازلهم.

ووفقًا للدبلوماسي نفسه، تمكن الجيش السوري من تأمين جزء من الحافة الشمالية الغربية من داريا بجانب مطار المزة العسكري، ويعمل الآن على هدم المنازل لإزالة الغطاء عن وحدات الجيش السوري الحر التي قد تشن هجمات ضد قواته.

التحليلات كثيرة، والصراع دموي. ويجد المراقبون صعوبة كبيرة في ترجيح كفة الصراع في داريا لأي من الطرفين المتنازعين، لكن المؤكد أن ما يحدث هو حمام دم مستمر لا نهاية له.