من الناشطين السوريين من يرى أن مبادرة معاذ الخطيب للتفاوض مع النظام السوري قد توقف نزيف الدم شرط التقيد بشروطها، بينما يتهم بعضهم الخطيب بالسذاجة السياسية لأنه ما زال يثق بالنظام.


ملهم الحمصي من دمشق: انقسم الشارع السوري بين مؤيد ومعارض لمبادرة رئيس الائتلاف السوري المعارض الشيخ أحمد معاذ الخطيب. ولعل ما يدور في كواليس الائتلاف والمجلس الوطني وعلى صفحات موقع فايسبوك انعاكس حقيقي لحالة الانقسام التي خلقتها المبادرة، بالرغم من الطابع الفردي والشخصي الذي أصر الخطيب على وصفها به.

اعتبارات سياسية وإنسانية

يؤيد الكاتب والباحث غازي دحمان المبادرة لاعتبارات إنسانية. يقول: quot;من الناحية السياسية، تمثل المبادرة تطورًا في فكر وخطاب المعارضة السورية، ذلك من أجل مغادرة الصورة النمطية التي حاول النظام أن يضعها فيها، وهي العجز عن المبادرة وعدم القدرة على اتخاذ قرار سياسي مستقل، فضلًا عن كون المبادرة ستكشف النظام بصفته جهة ميليشياوية مسلحة من دون رؤية سياسية. ولا ننسى أن ثمة شعباً يقتل وبلداً يحترق، ولا يمكن المزايدة على الدم والوجع السوريينquot;.

ويرى دحمان أن توقيت المبادرة مناسب، فالأمور وصلت إلى مراحل خطيرة بفضل جنون النظام وعربدته ومحاولاته تدمير النسيج الوطني بعد محاولته إحراق سوريا، quot;والمطلوب الضغط لإخراج المعتقلين وعودة المهجرين قسريًا، ودعم المجالس المحلية التي تشكلت كأطر قيادية وإدارية في المناطق المحررةquot;.

مرحب بها

الناشطة والإعلامية إسراء تؤكد تأييدها للمبادرة، من دون إبداء أسباب واضحة لذلك، وهو ما ينعكس على مواقف العديد من النشطاء ذوي الميول الإسلامية، بوصف الخطيب داعية إسلاميًا، من دون أن يمنع ذلك وجود معارضين لمبادرته من داخل النسيج الإسلامي ذاته. تقول: quot;المطلوب في الوقت الحالي هو توحيد قوى المعارضة وتوحيد الكتائب ودعم الجيش الحر واطلاق سراح المعتقلين ووقف اطلاق النارquot;.

وتتفق الناشطة والإعلامية روشان بوظو مع إسراء في هذا الرأي، إذ ترى أن توقيت المبادرة مناسب، وأن أي مبادرة تأتي لوقف شلال الدم السوري مرحب بها، والمطلوب حاليًا إنشاء منطقة حظر جوي، ما لم نقل تدخلاً عسكرياً لإسقاط النظامquot;.

أما الإعلامية والناشطة رحيق، فتضيف إلى تأييدها المبادرة أنه كان يجب أن تكون في وقت أبكر، مطالبة بتزويد جميع كتائب الجيش الحر بالذخيرة والسلاح، وتأمين إيصال المساعدات الاغاثية للاحياء المتضررة والاعتناء باللاجئين في المخيمات، مع التركيز الاعلامي المكثف على الحراك الثوري داخل سوريا وخارجها.

موافقة مشروطة

يؤيد الناشط السياسي لؤي ياسين المبادرة بشروطها. يقول: quot;في البداية، نعم انا مع هذه المبادرة من حيث الشكل والتوقيت ايضًا، والمفترض أن يمثّل الشرطان اللذان أعلنهما الخطيب أرضية للذهاب إلى تفاوض مع النظام، وليس كما فهم البعض الذي اجتزأ المبادرة بما يتناسب مع وجهة نظره السياسية، فما أورده الخطيب مهم في توقيته، ومن الواضح وجود تجاذب كبير في أروقة الدول المؤثرة في الموقف السوريquot;.

يضيف: quot;لعل ما يميز المبادرة أنها حشرت الروس والايرانيين والنظام في الزاوية، ولا مفر لهم من رفضها، ولنكن متيقنين من أنها مبادرة، ستليها مبادرات تخص الشأن السوري وليست آخر المطاف، فلنكن على قدر المسؤولية ولنوقف سيل دماء الشعب السوري ولنتطلع إلى الخلاص من الاستبداد وبناء سوريا الحرة والديمقراطيةquot;.

وتابع ياسين قائلاً: quot;أذكّر أن التكتلات السياسية ليس بالضرورة هي رأيها الصائب، وهنالك كتلة كبيرة في الشارع السوري ترى فيها الخلاص وترى فيها وقفًا لشلال الدم السوري، فلنتباحث فيها ولنتفق ونختلف معها، فذلك أفضل من العبث بالرفض الصوري، ونحن لا نؤيد الاشخاص بل نريد أن لا يراق الدم الثوريquot;.

ثقة مفقودة

أما الناطق السابق باسم الهيئة العامة للثورة السورية في حلب، ورئيس الحملة الإنسانية السورية البريطانية، الدكتور نبال استانبولي، فهو يعارض المبادرة، quot;لأن لا يمكن لعاقل أن يثق بهذا النظام، كما أن توقيتها غير مناسب، خصوصًا بعد سقوط نحو 80 ألف شهيد، بل المطلوب زيادة دعم الثوار لوجستيًا على الارض، والضغط على روسيا تحديدًا لتوقف دعم النظامquot;.

وتقول الناشطة هديل: quot;انا ضد مبادرة الخطيب جملة وتفصيلًا، أولًا لأنها فردية من دون استشارة المجلس والائتلاف، وهذا يدل بحد ذاته على عدم نضوج سياسي، وثانيًا لأنها ساذجة جدًا، فهو طرح مثلًا تمديد جوازات السفر، فما هو هذا الطرح؟ وهل يكفي تمديد فترة جوازات السفر أمام ثورة تريد تغيير وجه التاريخ؟quot;.

تضيف: quot;يريد الخطيب أن يحاور من لم تتلطخ أيديهم بالدماء، لكن هل بقي أحد في هذا النظام لم تتلطخ يده بالدماء؟ وهو يقترح الشرع مقتنعًا بأنه قادر على إقناع بشار بالحجة والنقاش على الرحيل، فهل تنفع الحجة مع نظام يمارس الذبح الطائفي من خمسين عامًا؟ وهل سيرحل لمجرد أن الخطيب خطرت له هذه الخاطرة؟quot;.

ليتنحَّ الخطيب

تتابع هديل قائلةً: quot;في الحقيقة، معاذ الخطيب ساذج سياسيًا، اختارته المعارضة لمجرد أن له تاريخاً سياسياً ابيض، لكنه رجل غير متمرس في السياسة، اعتقدت لفترة أن الاخوان وأميركا يقفون خلف تصريحات الخطيب، لكن الامر لا يتجاوز مبادرة شخصية ساذجة، آمل أن لا تؤدي إلى شرخ جديد في المعارضةquot;، طالبةً من الخطيب التنحي بعد موجة الجنون الاخيرة، لأن النظام لن يحاور إلا معارضيه الذين اختارهم بعناية، كقدري جميل ولؤي حسين وهيثم مناع.

أما عن المطلوب في الوقت الراهن، فهو من وجهة نظرها، توحيد المعارضة. تقول: quot;المطلوب أن يوحد الجيش الحر صفوفه، وينتدب ناسًا من الداخل تمثله سياسيًا وتفرض وجهة نظرها على معارضة الخارج، ولا يمكن اضاعة المزيد من الوقت كل يومquot;.