يستعد الثوار السوريون لـ quot;معركة دمشق الكبرىquot; للسيطرة على العاصمة فيما تتحدث تقارير عن أن الأسد يقضي معظم وقته متحصنًا في القصر الذي يمتلكه على جبل قاسيون المطل على مدينة دمشق.


القاهرة: يعكس القتال داخل العاصمة السورية وحولها، خلال الأيام الأخيرة، احتدام موجة العنف، الأمر الذي وصفه الكثير بـ quot;المعركة الكبرى للاستحواذ على دمشقquot;، وهي عملية هجومية كبرى يحضر لها الثوار منذ شهور وقد تبدأ عما قريب.

وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الثوار فرض سيطرتهم على دمشق، فقد سبق لهم أن تقدموا في العديد من الأحياء خلال شهري تموز (يوليو) وكانون أول (ديسمبر) الماضيين، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد نجاحهم إلى فرض سيطرتهم على مدن تعيش حالة من الاضطراب حول دمشق.

تقلبات السيطرة على دمشق

لكن ما كانوا يحققوه من تقدم كان يتم إيقافه أو احتوائه بسبب افتقارهم للموارد المناسبة وتفوق قوات النظام عليهم بفضل ما تمتلكه من مدفعية وطائرات. ويحتمل أن تشهد معركة السيطرة على دمشق المزيد من التقلبات.

وكان يشيع اعتقاد خاطئ بأن دمشق في مأمن من الاضطرابات السياسية التي تعيشها البلاد منذ آذار (مارس) عام 2011. لكن الرئيس بشار الأسد كان بوسعه الارتكاز على قاعدة ضخمة من الدعم، وقد نجح النظام في الحفاظ على ولاء سكان دمشق، وبخاصة طبقة التجار السنة التي استفادت من فترة حكم الرئيس السابق حافظ الأسد لاستمرارهم في الولاء له خلال الانتفاضة الإسلامية التي شهدتها سوريا خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي ومن سياسات تحرير بشار في العقد الماضي.

لكن كثير من المدن النائية التي تم دمجها في النسيج الحضري للعاصمة قد انضمت بكل إخلاص للثورة. فقد انتقل، على سبيل المثال، المنشقون المسيحيون والعلويون إلى داريا ودوما للانضمام إلى التظاهرات.

وانضم كذلك سكان حي برزة وحي الميدان (في دمشق) المحافظون الذين ينتمون للطبقة المتوسطة إلى الانتفاضة المشتعلة ضد الأسد. وهو نفس الأمر الذي ينطبق على سكان حي القابون السني الفقير.

موالاة علنية

وبينما ظل عدد كبير من رجال الدين السنة الحضريين مواليين (علانيةً على الأقل) للأسد، فقد انضم آخرون للثورة وقاموا بفتح مساجدهم أمام المتظاهرين الغاضبين. وهو ما قام به معاذ الخطيب الذي كان إماماً من قبل للمسجد الأموي في دمشق.

وقالت مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية إن الأخطار لكلا الجانبين المتعاركين لا يمكن أن تكون أكبر من ذلك. فالسيطرة على دمشق مهما تكلف الأمر بالنسبة للأسد أمر حيوي وضروري. فبدونها، ربما يفقد الأسد القيادة والسيطرة على الوحدات الموالية بكافة أنحاء البلاد، ما عدا الجزء الشمالي الغربي، حيث يقيم معظم أنصاره المواليين.

الفرار إلى quot;علويستانquot;

وفي حال خسارته بالفعل لدمشق، وتمكنه من النجاة، فقد يلوذ الأسد وكبار قادته من العلويين بالفرار إلى quot;علويستانquot; تلك الدويلة الافتراضية التي ينظر إليها كثيرون باعتبارها ملاذ العلويين الأخير. وتوحي الطبيعة الجغرافية للأعمال القتالية بالجزء الشمالي الغربي من البلاد بأنه يتم التحضير في تلك الأثناء لمثل هذه الإستراتيجية.

ولكل ما سبق يبدو من الواضح أن الأسد عازم على الدفاع بكل قوة عن دمشق، ويكفي أن عالم الجغرافيا السياسية الفرنسي، فابريس بالانشي، قد أشار إلى دمشق باعتبارها quot;مدينة تحت السيطرةquot;، ومحاطة عمداً بحاميات عسكرية وأمنية وأحياء موالية.

كما قام الأسد بتجميع قوة نيران كبيرة في دمشق وحولها. ولاستباق احتمالية التعرض لهجوم كبير، حاولت القوات الحكومية خلال الأسابيع الأخيرة أن تقوم بمسح للعديد من الضواحي التي تنشط بها العناصر التابعة لوحدات الثوار المسلحين.

الأسد متحصن

ونوهت المجلة في غضون ذلك إلى تلك التقارير التي تتحدث عن أن الأسد يقضي معظم وقته متحصنًا في القصر الذي يمتلكه على جبل قاسيون المطل على مدينة دمشق. وهو إذ يواصل حتى الآن الظهور بوجه الشخص المتحدي للعالم حين يظهر للعلن.

ورغم ضعف موقف الأسد عما كان يُتَصَور، إلا أنه ربما يرتكز على حقيقة أن إستراتيجية الثوار الموحدة قد تنهار أيضاً تحت وطأة وحشية المعركة المتوقعة وتكلفتها. وبمجرد أن يحدث ذلك، فإنه يتوقع أن يحدث انقسام بين الثوار وأن تصعد للواجهة عناصر معارضة متطرفة، مثل جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة، وأنه سيعلن عن نفسه حينها باعتباره الضامن الوحيد للبلاد ضد التطرف الإسلامي والفوضى.

غير أن قادة الثوار أكدوا من جانبهم على أنهم تعلموا بالفعل من درس مدينة حلب، لافتين إلى أن عدداً كبيراً من المقاتلين الذين سيشاركون في الهجوم المنتظر هم منشقين عسكريين، يعملون تحت قيادة عسكرية منضبطة، وليسوا مقاتلين مدنيين مشاكسين.