يخشى اللبنانيون من امتداد نيران الأزمة السورية إليهم، وجرّ حزب الله إلى مواجهة مفروضة مع جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، ما قد يصبّ زيت المذهبية على نار صراعات لم تنطفئ بعد، لتأخذ المعارك أبعادًا دموية يغرق معها لبنان في مستنقع الفتن الطائفية.


تسري تكهنات عن احتمالية وقوع مواجهة حاسمة بين حزب الله وجبهة النصرة، مع تواصل احتدام الصراع المشتعل في سوريا، واستمرار تشبّث الرئيس الأسد بالسلطة.

وكان يخشى اللبنانيون منذ بدء اشتعال الحرب الأهلية في سوريا من أن تطالهم نيرانها، وأن تُحدِث قتالاً طائفياً على حدودهم. ومع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين ووقوع تصادمات بين الحين والآخر في الشمال بين الفصائل اللبنانية المؤيدة للرئيس الأسد والأخرى المعارضة له، بدأت مثل هذه المخاوف تنمو خلال الأشهر الماضية.

أكد في هذا السياق موقع quot;ذا دايلي بيستquot; الأميركي أن هناك تطوراً جديداً من الممكن أن يُحدِث صراعاً طائفياً على مقربة من لبنان، الأمر الذي قد تنجم منه تداعيات كبيرة بالنسبة إلى المنطقة العربية بأسرها، وهو المتعلق باحتمالية نشوب مواجهة على طول الحدود بين حزب الله الشيعي من لبنان وبين المقاتلين السنّة المنتمين إلى جبهة النصرة، تلك الميليشيا الجهادية، التي تطورّت في مساعيها نحو الإطاحة بالأسد.

الثوار يناصرون النصرة رغم تصنيفها الأميركي
تستعين في كثير من الأحيان جبهة النصرة، التي أطلقت أكثر من 30 هجوماً ناجحاً ضد أهداف عسكرية حكومية في الأساس، بأشخاص انتحاريين، وتم تصنيفها منظمة إرهابية من قبل إدارة أوباما، بسبب علاقاتها بتنظيم القاعدة.

تحظى الجبهة بشعبية متزايدة بين الثوار السوريين على خلفية الإنجازات العملياتية، التي قامت بها خلال الآونة الأخيرة في ساحة القتال، كما كانت في طليعة الكثير من الصدامات، التي شنها الثوار بنجاح على نطاق واسع ضد القوات الموالية للأسد.

خلال الأسابيع الأخيرة، بدأ مقاتلو الجبهة القادمون من الشرق الأوسط ينتقلون إلى قرى شيعية على الجانب السوري من الحدود على طول مسافة قدرها 30 ميلاً في منطقة النبك الجبلية، على بعد حوالي 50 ميلاً شمال دمشق، طبقاً لمصادر استخباراتية لبنانية.

وأخلت وحدات الجيش السوري القرى، وتركتها كما هو مفترض، لتتم حراستها من قبل حزب الله الموالي للأسد، الذي يوجد معقله عبر الحدود في الجانب اللبناني من سهل البقاع.

quot;بوشارquot; حزب الله والنصرة
مضى الموقع ينقل عن جوناثان سكانزر، وهو خبير متخصص في دراسات الشرق الأوسط ونائب رئيس قسم الأبحاث لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن العاصمة، قوله: quot;يمكنني تشبيه المواجهة التي قد تنشب بين جبهة النصرة وحزب الله بفيلم Alien vs. Predator، حيث يتعيّن علينا الجلوس في الخلف، وتناول كيس من البوشارquot;.

وتابع: quot;لكننا نراقب حرباً محتدمةً، خلفت وراءها 70 ألف قتيل، وأكثر من مليون لاجئ، ومثل هذه المواجهة لن تعمل على تحسين الأمور، بل ستزيد الأوضاع سوءًا في واقع الأمرquot;.

وأشار الموقع من جانبه إلى كمّ المخاطر التي قد يتعرّض لها لبنان في حالة وقوع تلك المواجهة المرتقبة بين حزب الله وجبهة النصرة، حيث يهدد هذا السيناريو ذلك التوازن العرقي والديني الهشّ الحاصل في البلاد. كما قد تتسبب تلك المواجهة في تفاقم التوترات المتصاعدة بالفعل بين الشيعة والسنة، التي نتجت من الحرب الأهلية السورية.

أشارت جماعة جهادية على علاقة بتنظيم القاعدة، قبل أيام، إلى أنها المسؤولة عن المذبحة، التي وقعت في العراق أخيراً، وراح ضحيتها 48 جندياً سورياً و9 حراس عراقيين.

وهي المجزرة التي دفعت بالمفتي السوري، الشيخ أحمد بدر الدين حسون، إلى إصدار دعوة تنادي بحمل السلاح ضد أبناء العمومة الذين خانوهم. كما وجّه حسون انتقاداته إلى الدول العربية السنية، التي تدعم حركة التمرد السنية في الأساس في مواجهة الأسد.

عاود سكانزر ليقول: quot;إذا أُجبر حزب الله على التراجع إلى سهل البقاع، فهل ستلاحقه جبهة النصرة وبقية فصائل الثوار السوريين إلى داخل لبنان؟، فهذا موضوع مهم، وكان على الدوام ذلك الخطر الذي يراود حزب الله من خلال مقاتلة الأسدquot;.