لا يزال العراقيون يشعرون بالخوف وعدم الأمان بسبب عبوات أو سيارات مفخخة يقودها انتحاريون أو ما شاكل من وجبات عنف وموت شبه يومية تصادفهم وتحصدهم ضحايا، مؤكدين أن التغيير الذي طرأ بعد صدام كان نحو الأسوأ.
بعد عشر سنوات من غزو العراق، تستمر دوامة العنف التي تحصد أرواح الأبرياء، فيما تتوسع رقعة الانفجارات التي هزت العاصمة بغداد يوم الخميس، وأسفرت عن مقتل 18 شخصاً على الأقل.
سلسلة التفجيرات هذه ربما تكون الهجمات الأقرب والأجرأ في استهدافها منشآت حكومية في بغداد منذ الهجوم الذي أدى إلى تدمير مقر وزارة الخارجية العراقية عام 2009.
الهجمات الأخيرة التي جاءت قبل خمسة أيام من الذكرى العاشرة لغزو العراق تعد بمثابة تذكير بأن العنف لا يزال يمزّق هذا البلد. وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 500 شخص يقتلون شهرياً بسبب العنف في العراق على الرغم من انحسار موجة العنف التي كانت في أوجها في العامين 2006 و2007.
لم يتغير شيء
منذ سنوات ليست ببعيدة، كانت الطرقات في العاصمة بغداد والمدن العراقية الأخرى تعجّ بالمئات من أفراد الجيش الأميركي. الآن هناك المئات من رجال الأمن العراقيين المزوّدين بالعتاد والسلاح، فضلاً عن التشديدات الأمنية المكثفة حول المواقع الحيوية، لكن النتائج لا تزال كما هي.
على الرغم من هذه الإجراءات الأمنية اليومية، ما زال المهاجمون الانتحاريون يتجوّلون بحرية في البلاد لتنفيذ عملياتهم، ويعتبرون من العناصر الإرهابية الأكثر مهارة في العالم بعدما تعلموا تكتيكات التنفيذ والتحرك خلال عقد من القتال منذ سقوط الرئيس السابق صدام حسين.
على وجه الخصوص، يتقن هؤلاء فن الهجوم المنسق المتعدد المراحل، الذي تم تصميمه لتعطيل الدفاعات ونقاط التفتيش، ثم تدمير الهدف الرئيس. وهذا النوع من الهجوم تم اعتماده في هجوم يوم الخميس.
القنبلة الاولى انفجرت بالتوقيت المحلي 13:10 وسمع دويها على بعد شارعين، مسبباً بتحطيم نوافذ المنازل والمتاجر. بعد 20 ثانية بدأ إطلاق النار، تبعه انفجار ثان، ثم ثالث.
المقاومة بالصلاة
بعد عشر سنوات من التفجيرات، اعتاد العراقيون مثل هذه الحوادث، فالعديد منهم صار قادراً على التماسك والوقوف للتفرج على ما يحدث والرد فقط بتلاوة الصلاة.
لكن إحدى الشابات لم تستطع منع نفسها فامتلأت عيناها بالدموع، وصرخت بخوف عندما سمعت دوي الانفجار الرابع الذي هز المبنى الذي تسكن فيه، كما لو أنه زلزال. بعد بضع ثوان، سمعت أزيز الرصاص وشاهدت طائرتي هليكوبتر عسكرية تدوران فوق عمود من الدخان المتصاعد من الشارع على يمين وزارة العدل.
أقدم مسلحون على اقتحام وزارة العدل العراقية وهم يرتدون أحزمة ناسفة، واندلعت اشتباكات بينهم وبين الجيش العراقي.
الانفجارات الأربعة التي دوت في العاصمة العراقية أدت إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى. وذكرت مصادر طبية أن التفجيرات أودت بحياة 26 شخصاً، فيما أعلنت مصادر من وزارة الداخلية العراقية أن حصيلة الضحايا بلغت 85 شخصاً بين قتيل وجريح.
تغيير نحو الأسوأ
وكان أبو علي (65 عاماً)، الذي يعيش بالقرب من وزارة العدل، في حديقة منزله عندما وقع الانفجار، فقال: quot;الانفجار هزّ المنزل بكامله. كل عائلتي بخير، لكنهم يشعرون بالخوف. هذه القنبلة هي الأقوى منذ عام 2003. لا نشعر بالسلام في العراق. لا أحد يساعدناquot;.
اليوم، بعد مرور 10 سنوات على الغزو، الذي كان من المفترض أن يفتح عهداً جديداً من الديمقراطية، ما زال أبو علي لا يشعر بالأمان الكافي لإعطاء اسمه الحقيقي للصحافة.
يقول: quot;نحن لا نقول إن صدام كان رجلاً جيداً. إنه ليس كذلك، لكن التغيير الذي حدث كان للأسوأquot;. وأشار العديد من المراقبين إلى أن الهجوم يحمل بصمات quot;القاعدة في العراقquot;، والتي تهدف إلى الإطاحة بالحكومة التي يقودها الشيعة.
التعليقات