بعدما تم الإعلان عن أن الرئيس الأميركي سوف يبدأ جولة شرق أوسطية في نهاية الأسبوع الجاري، بدأ البعض يتحدث عن أن أوباما لن يتخذ خلال تلك الجولة أية قرارات كبرى في ما يتعلق بالمشاكل الشائكة التي تئن منها المنطقة منذ فترة زمنية طويلة.


كل ما سيحاول أوباما أن يفعله في جولته هو أنه سيبقي على تلك المشكلات، بدءًا من سعي إيران إلى امتلاك سلاح نووي، وانتهاءً بالخلاف المرير بين الفلسطينيين والإسرائيليين، عند المستوى الذي تقف عنده في الوقت الراهن، وألا تتفاقم أكثر من ذلك.

وينتظر أن يصل أوباما إلى إسرائيل يوم الأربعاء، وستكون على رأس أولوياته إعادة ضبط علاقته المضطربة في كثير من الأوقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الضعيف حالياً بنيامين نتانياهو وتقويم الحكومة الائتلافية الجديدة، التي كوّنها نتانياهو بمشقة.

رحلة دفعة أولى
كما سيسعى أوباما أيضاً إلى تحسين صورته أمام الشعب الإسرائيلي، الذي يتعامل معه بشك وحذر، وكذلك مع الفلسطينيين المحبطين. ونقلت في هذا الخصوص صحيفة هفنغتون بوست الأميركية عن آرون دافيد ميلر، الذي عمل كمستشار لشؤون الشرق الأوسط لدى ست وزارات للخارجية، ويعمل الآن لدى مركز وودرو ويلسون الدولي، قوله quot;لا ترتبط الزيارة بإنجاز أي شيء الآن. بل هي ما أُطلِق عليها رحلة دفعة أولىquot;.

وفي ظل حالة الجمود، التي تهيمن على الملف الفلسطيني الإسرائيلي، أشار مسؤولون إلى أنهم يرون أن انخفاض التوقعات بالنسبة إلى تلك القضية يمثل فرصة لخلق مساحة لإجراء محادثات صريحة بين أوباما والطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بشأن ما يتعيّن القيام به من أجل العودة مرة أخرى إلى مائدة المفاوضات.

وأوضح في هذا الصدد حاييم مالكا، وهو زميل بارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن أوباما سيستغل اجتماعاته المباشرة لإقناع كلا الطرفين بالإحجام عن القيام بأعمال استفزازية أحادية الجانب، من شأنها أن تلحق بهما الهزيمة.

تشارك آراء إقليمية
بعيداً عن ملف سلام الشرق الأوسط مع الجانب الفلسطيني، أشارت الصحيفة إلى أن أوباما ونتانياهو يتشاركان وجهة النظر المتعلقة بالرغبة في إنجاز أهداف إقليمية أخرى، مثل إنهاء العنف الدائر في سوريا، واحتواء الاضطرابات السياسية الحاصلة في مصر التي تحتفظ باتفاق سلام مع تل أبيب منذ عشرات السنين.

كما أن الزيارة تأتي في وقت تشهد فيه إسرائيل موجة من التغيير السياسي. حيث بدا واضحاً تراجع سلطة نتانياهو في انتخابات كانون الثاني/ يناير الماضي، وما واجهه من صعوبات في سبيل تشكيل الحكومة، التي خرجت إلى النور أخيراً بعد مفاوضات صعبة.

وقال بين رودز، نائب مستشار الأمن القومي لدى إدارة الرئيس أوباما، إنه في ظل تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، لا يمكن توقع إتمام اتفاقات بشأن أية مبادرة كبرى، وإن تلك المحادثات الآن قد تعمل على تشكيل تلك القرارات التي سيتم التوصل إليها في الأخيرquot;.

فرصة دبلوماسية
من بين هذه القرارات تلك الخطوات، التي سيتم اتخاذها في المرحلة المقبلة، للتعامل مع برنامج إيران النووي المثير للجدل. وبينما سبق لإسرائيل أن هددت مراراً وتكراراً بشنّ هجوم عسكري في حال ثبت لها أن إيران على وشك امتلاك قنبلة نووية، فإن واشنطن قد دعت إلى ترك الفرصة للدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية.

وحاول مايكل أورين، السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، أن يخفف من التقارير التي تتحدث عن وجود انقسامات بخصوص القضية الإيرانية قبيل زيارة أوباما. وأكد في تصريحات له أول أمس على اتفاق رؤى أميركا وإسرائيل بشأن الملف الإيراني.

لفتت الصحيفة كذلك إلى أن زيارة أوباما المنتظرة هذه لإسرائيل سوف تهدّئ المنتقدين له في الولايات المتحدة ممن فسّروا عدم تمكنه من السفر إلى هناك خلال ولايته الرئاسية الأولى، باعتبارها إشارة دالة على أنه أقل تأييداً من سابقيه للدولة اليهودية.

وبينما سيلتقي أوباما أيضاً نظيره الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض في رام الله، فإنه سيقوم بزيارة قصيرة إلى الأردن، مدتها 24 ساعة، سيركز خلالها على العنف الحاصل في الجارة سوريا. وأوضح البيت الأبيض أنه لا يعتزم زيارة أحد مخيمات اللاجئين السوريين هناك، وإن كان سيجري مناقشات مع المسؤولين الحكوميين بخصوص الطريقة التي يمكن أن تزيد من خلالها بلاده المساعدات.