تسعى الجماعات الإسلامية التي كانت تصنّف كقوى إرهابية في مصر للتحول إلى قوة أمنية رسمية، تحل محل الشرطة في حال غيابها عن الميدان.


القاهرة: تبذل الجماعة الإسلامية في مصر جهودًا من أجل التحول إلى قوة أمنية رسمية تساعد على حفظ الأمن والاستقرار.
وقالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، إن الجماعة حاولت تنفيذ مخططها في محافظة أسيوط ( بجنوب مصر )، على الرغم من تأكيد قوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية بأنها متواجدة بفعالية وتعمل على مدار الساعة، في وقت يشكو فيه كثير من المواطنين من غياب الشرطة وتراجع دورها.
وقال علم الدين ابراهيم، مدير متجر خاص بقطع غيار السيارات في أسيوط، حيث ترتفع معدلات الجريمة quot;إن استنجدت بالشرطة، فإنها لن تأتيك. ولا يمكنك الاستعانة سوى باللهquot;.
وهو الرأي الذي قالت الصحيفة إنه بات منتشراً على نطاق واسع في مصر، حيث تهدد الاحتجاجات العنيفة الواحدة تلو الأخرى بقلب أكبر بلدان العالم العربي، وأن تصيب عملة البلاد المتراجعة بالفعل والبيروقراطية الحكومية بموجة سقوط حر سريع.
وفي أسيوط، التي تعتبر العاصمة المترامية الأطراف لشباب مصر المحافظ والفقير، تعرض الجماعة الإسلامية، التي سبق لها أن قامت بتنفيذ مذبحة في الأقصر عام 1997 راح ضحيتها 62 شخصاً، أن تقدم يد العون على صعيد حفظ النظام والقانون هناك.
ومعروف أن أسيوط لطالما كانت معقلاً للجماعة الإسلامية، حيث سبق أن قام متطرفون إسلاميون هناك وفي مدن أخرى بطول وادي النيل بشن أعمال عنف ضد حكومتي أنور السادات وحسني مبارك في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. وهي الأعمال التي كان يترتب عليها دخول أعضاء تلك الجماعة وأنصارها السجن في وقت لاحق.
وأوضح قادة الجماعة في وادي النيل وفي القاهرة أن الأيام التي كانوا يمارسون فيها أعمال العنف قد ولت وانتهت، لكنهم مازالوا يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر.
وقد أتيحت مساحة للمتشددين الإسلاميين في أعقاب الثورة لكي يستعرضوا عضلاتهم، وقد قام القادة المحليون بتكوين ما أطلقوا عليها quot;اللجان الشعبيةquot; للمساعدة في ملء فراغ مستمر منذ تنحي مبارك عن السلطة طوال ما يربوعلى عامين.
ونقلت الصحيفة بهذا الخصوص عن شعبان علي وهو أحد قادة الجماعة في أسيوط قوله :quot; لقد خرجت الأمور عن السيطرةquot;. ومنذ عدة أسابيع، كان دور الجماعة واضحاً، حيث بدأ متطوعون منهم في توزيع اسطوانات الغاز على الفقراء، إلى جانب اللحم المدعم.
وحين أضرب عمال النظافة في أسيوط، بدأوا يوزعون منشورات يدعون فيها العمال للعمل في خدمة جديدة خاصة بتجميع القمامة هم من سيديرونها. كما ألقوا القبض على quot;بلطجيةquot; متهمين بالسرقة، وقاموا بتسليمهم لقوات الشرطة. كما لفت علي إلى أنهم نجحوا كذلك في تخليص أشخاص من أيدي أناس كانوا قد قاموا باختطافهم.
وحين تراجعت قوة الشرطة الوطنية وسط دعوات بالإضراب، بدأ يعرض المتطوعون الإسلاميون خدماتهم، والإعلان عن إمكانية القيام بدور الشرطة في ظل إضرابها عن العمل.
غير أن مبادرة الجماعة الإسلامية لم تسر وفقاً لما كانوا يرغبون، خاصة بعدما تصدى لها المسيحيون، الذين يشكلون أقلية لا بأس بها في أسيوط، وكذلك الليبراليون السياسيون، حيث عبروا عن تخوفهم من الاندفاع بشكل أكثر قوة لتطبيق الشريعة.
وقال في هذا الصدد رفعت حكيم وهو مدرس مسيحي يقطن بإحدى القرى القريبة :quot; هم من يفتعلون المشاكل. وأنا لست وحدي من أقول ذلك، بل أن الجميع متفق على ما أقولهquot;.
فيما عبّر سكان آخرون عن تخوفهم من أن يكون ذلك مسعى خطراً للاستيلاء على السلطة، أو أن يكون مسعى للظفر بالأصوات في الانتخابات البرلمانية المقبلة. أما الشرطة فتخشى من إمكانية استغلال الإسلاميين للموقف الراهن، لاسيما وأن لديهم ميليشيات. فيما شدد قائد محلي للجماعة الإسلامية يدعى طارق بدير على أنهم لا يمتلكون أسلحة، وأن ما يقومون به فقط من تحركات هو ما أصاب قوات الشرطة بالحرج.