قررت أمل تحدي الظروف المادية الصعبة التي تمر بها أسرتها، وأن تكون معيلة لا عالة على مجتمعها، فاتجهت لما هو صعب، وعملت في مهنة النجارة، غير عابئة بما يقوله الناس. واليوم حققت الشهرة وأصبحت تشارك في معارض مختلفة في دول عدة.

غزة: كلماتها المقتضبة تحمل خوفها ورهبتها من انتقادات المجتمع الذي لا يرحم، صباحاً تخرج للبحث عن الأخشاب في البساتين، لمساعدتها في مهنتها quot;النجارةquot; التي يقتصر العمل فيها على الرجال. قررت أمل وهي من سكان قطاع غزة تحدي كل العادات والتقاليد في المجتمع، وتأمين لقمة عيشها ومساندة أسرتها.
تتحدث أمل لـquot;إيلافquot; عن حياتها وبدايتها في ممارسةالمهنة، وقالت:quot; أنتمي لعائلةٍ كبيرة، معظم أفرادها لا يعملون، لدي ابنة معاقة وتحتاج لعلاج بتكاليف مرتفعة الثمن كل ذلك دفعني لاحتراف هذه المهنةquot;. وتضيف:quot;أُعجبتُ جداً بمهنة النجارة بل أحببتها، وتحديتُ مجتمعي الفلسطيني وشخصيتي ، بل وصلَ الأمر حين قررت العمل في منجرة إلى تحدي عائلتي وتقاليدي، أستطيع القول إن مهنة النجارة ليست جديدة علي وإنما الانخراط والعمل هو الجديد .
نوع العمل
وتقول أمل إن إنتاجها في المهنة يقتصر فقط على الزينات المصنوعة من الخشب، وتضيف:quot;لكنني أطمح يوماً ما أن أصنع الأثاث المنزلي والمؤسساتي الذي قد أصل فيه إلى العالمية والشهرة، أركز في عملي على ديكورات المنازل، وكذلك بعض النثريات، جربتُ العمل في الانخراط في مجال صناعة غرف النوم، لكنني أعتقد أن المعدات التي تبلغ تكاليفها الكثير تقف حائلاً بيني وبين تحقيق حلميquot;.
وتتابع:quot;ساهم عملي في إعالة عائلتي وابنتي بشكل أساسي ونجحتُ في علاج ابنتي المعاقة جسدياًquot;. وتوضح أمل أن زوجها رفض في البداية عملها مؤكداً على تقاليد المجتمع المحافظ، وتقول:quot;شيئاً فشيئا تطور الأمر إلى تقبل زوجي الموضوع، ثم أهلي وعائلة زوجي الذين اعتبروا قراري شأنا خاصاً بيquot;.
نجحت أمل فعلياً في المشاركة في بعض المعارض التي تُقام في غزة، وبعض الدول العربية المجاورة كالأردن ومصر ، وتقول:quot;كردة فعل طبيعية اعتبرتُ أن نجاحي نابع من اتخاذ قراري الصائب بالعمل داخل هذه المهنة التي أحببتها وتعلقتُ بها، وهذا تمرد على التقاليد والعادات في مجتمعنا الغزيquot;.
وأضافتquot; أشارك في المعارض بمعدل سبعة معارض سنوياً، بل أفتخر بأنني نجارة، والفخر الأكبر أنني أعرض أعمالي على الناس بمختلف شرائحهم، فأرى نظرات الإعجاب تنتابهم حين يرون تصميماتي وأعمالي للمرة الأولىquot;.

صعوبات كبيرة
وعن الصعوبات التي واجهتها كامرأة تقولquot;أبرز ما اعترضني من صعوبات كان نظرة المجتمع لي على أنني امرأة وهذه المهن لا تناسب مجتمعنا المحافظ، هذه القضية عارضها زوجي في البداية وحتى محيطي الذي أسكن فيه، كنت أسمع الشتائم تجاهي ولم ألتفت لها، تغيرت النظرة من جديد إلى بداية تقبل الأمر لدى بعض الشرائح المجتمعية وليس كلها، أيضاً قلة المعدات ومنع دخولها من قبل الاحتلال الإسرائيلي إلى غزة ، فنضطر لشرائها بأسعار مرتفعة جداً لأنها تدخل عبر الأنفاق الواصلة بين مصر وغزةquot;.
طموحات وأمال
وعن طموحاتها، فهي تحلم كما تقول بأن تنشئ منجرة خاصةً بالفتيات الغزيات تعلمهن أصول المهنة والاحتراف، وتقول:quot;أشعر أنني على بعد أميال من تحقق حلمي الذي بدأته بكسر حاجز الرهبة من هذه المهن ثم الانخراط فعلياً وبدء انجاز بعض المشغولات الخشبية المختصة بالمنازل، سأنشئ عما قريب بيتاً صغيراً للديكور ضمن المنحة التي منحتني إياها الأمم المتحدة في صندوق الانجاز تقديراً لأعمالي المنزلية النسويةquot;.
جمعية شؤون المرأة في غزة قالتquot;إن 15% من النساء يعملن في المجالات المختلفة كالتعليم والتمريض والإدارة،وأن معدلات البطالة في غزة تجاوزت 30% ولذلك تُعتبر حالة أمل نادرة ومتجاوزة لكل القوانين، والعادات في غزة.
رأي الأخصائيين النفسيين
الدكتورة ختام السحارquot;أخصائية نفسيةquot; تعلق على نجاح أمل بأن quot;النساء الغزيات اضطررن إلى اقتحام الكثير من مجالات العمل المختلفة وذلك تلبية لنداء الواجب ومساعدة الزوج وإعالة العائلة، مثل هذه الوظائف قد لا تناسب المرأة بشكل خاص نظراً لطبيعتها واهتماماتها التي تبتعد بشكل أو بأخر عن هذه التخصصات لكن إذا ما أحبت المرأة عملها فما الداعي لمنعها، في مجتمعاتنا العربية العادات من تحكمنا وهي التي وقفت بشكل كبير في وجه أمل في البداية، وسبب انتصار أمل هو تحديها ورغبتها في ممارسة عملها بشكل جديquot;.
وتضيف السحار:quot;من الناحية الاجتماعية والنفسية يمكن اعتبار حالة أمل بأنها نادرة في المجتمع الغزي وهي الأولى على مستوى المدينة، ولذلك ستواجه كل الصعوبات وستجد أمامها التحديات الكبيرة جداً، هذا التحدي يجب أن يواجه من قبلها بإرادة حديدية، لن يؤثر العمل في مثل هذه المهن على شخصيتها التي قد تميل في بعض الأحيان إلى اتخاذ منحى آخر مختلف بعيداً عن بعض الأنوثة، فالمهنةquot;النجارة تتطلب حمل معدات كبيرة وهذا يشكل خطرًا على حياة المرأة لأنها أضعف بنية من الرجلquot;.