تشنّ حركة حماس حملة رادعة للمحافظة على مجتمعها الإسلامي، بحسب أيديولوجيتها، فبدأت تلاحق وتعتقل الشبان ذوي الشعر الطويل والسراويل الضيقة والمنخفضة عند الخصر، في خطوة لاقت استنكارًا على المستويين الشعبي والحقوقي الفلسطيني.


في خطوة جديدة لفرض أيديولوجيتها على سكان قطاع غزة، اتخذت حماس خطوة جديدة تمثلت في اعتقال الشبان من الشوارع وحلق رؤوسهم بعد السخرية منهم، وذلك لأن الشعر الطويل للرجال بنظرهم يتنافى مع quot;المظهر الإسلاميquot;.

هذه الخطوة هي أحدث علامة على الممارسات الصارمة، التي تفرضها حركة حماس على سكان القطاع، لا سيما الشبان، الذين يطيلون شعرهم أو يرتدون السراويل الضيقة والمنخفضة عند الخصر.

الكثير من حالات الاعتقال، يرافقها الضرب والشتم، وفقاً لإفادات الكثير من الشبان، الذين قالوا إن الحملة بدأت في الأسبوع الماضي، بعدما نفذ رجال الشرطة في القطاع مداهمات منفصلة في مدينة غزة، أسفرت عن اعتقال أكثر من عشرين شاباً.

نزعة تشددية
منذ ست سنوات، انتقلت حماس تدريجياً إلى نشر سياستها المحافظة المتشددة. وأصدرت القواعد، التي تقيّد المرأة، وتطلب من النساء التستر في اللباس الإسلامي التقليدي.

ودعا المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى التحقيق مع quot;حماسquot; في quot;الاعتقالات التعسفية وانتهاكات الحقوق المدنية للمدنيينquot;.
يذكر أن هذه الحملة جاءت بعد أيام فقط من إقرار مشروع قانون، يفرض فصل الجنسيين في الفصول الدراسية بدءًا من سن التاسعة.

سياسة حلق الرؤوس
سياسة quot;حلق الرؤوسquot; طالت أيمن السيد (19 عاماً)، الذي يعمل في طلاء المنازل. وقال إن شعره كان يصل إلى كتفه، قبل أن تمسك به الشرطة، وتحلق رأسه يوم الخميس.

ويقول: quot;الشيء الوحيد الذي أريد القيام به هو مغادرة هذا البلد. أنا خائف. في لحظة تكون فيها سائرًا في الشارع، وفجأة يتم اعتقالك بدون أي سبب. لا أحد يعرف ما يمكن أن يقوموا به، وما ستكون خطواتهم المقبلةquot;.

عمد مسؤولون في حماس إلى التقليل من أهمية الحملة، وهي استراتيجية تعتمدها الحركة، وتتيح لها أن تنأى بنفسها عن الحملات المثيرة للجدل، وفي الوقت نفسه زرع الخوف لدى الناس الذين تستهدفهم.

لن يستمر طويلًا
من جهته يؤكد زياد الظاظا، نائب رئيس الوزراء في غزة، أن حلق الشعر الطويل quot;كان محدوداً للغاية، وأنه سلوك معزول ومحدد من قبل الشرطة، ولن يستمر طويلاًquot;.

في الشهر الماضي، منعت حكومة حماس الفتيات والنساء من المشاركة في الماراثون، الذي ترعاه الأمم المتحدة، مما دفع وكالة مساعدات الأمم المتحدة إلى إلغاء السباق. وعمل نشطاء حماس أيضاً على ممارسة ضغوط اجتماعية، لإرغام كل فتيات المدارس على ارتداء الزيّ الإسلامي.

يروي أيمن السيد أنه بينما كان عائداً من عمله في مدينة غزة، وكان ينتظر سيارة أجرة عند تقاطع، اقترب منه جيب تابع للشرطة، فألقي به في مؤخرة السيارة مع أكثر من 10 آخرين، حيث قام رجال الشرطة بشتمهم والاستهزاء بهم، إلى أن وصلوا إلى مركز الشرطة. هناك، اصطف عشرات من المعتقلين، وبدأ شرطي بحلق رؤوسهم في خطين، الأول من الأمام إلى الخلف، والثاني من الأذن إلى الأذن، ثم أمرهم بأن يقوموا بإتمام المهمة في صالون الحلاقة القريب.

أكد السيد أن الذين قاوموا... تعرّضوا للضرب، مشيراً إلى أنه طلب من شرطي إنهاء المهمة، وحلق رأسه بالكامل، حتى لا يضطر للخروج إلى الشارع، وهو حليق الرأس جزئياً.

غزة إسلامية
بينما أشار شاب آخر، رفض الكشف عن اسمه، إلى أن الشرطة أخذته من أمام منزله، ووضعته في سيارة جيب، جنباً إلى جنب مع أربعة شبان جاءوا إلى مدينة غزة من بلدة خان يونس الجنوبية. في الطريق إلى مركز الشرطة، قال الشاب إن الشرطة هددتهم وحذرتهم بأن غزة إسلامية، وعليهم احترام تقاليدها.

في حادث مختلف، يحكي شاب آخر، طلب عدم الكشف عن هويته، خوفاً من الانتقام، أنه رأى الشرطة تقوم بضرب ثلاثة شبان باستخدام الهراوات في وسط مدينة غزة، لارتدائهم سراويل ضيقة ومنخفضة عند الخصر.

منافسة مع السلفيين
تتنافس حماس أيضاً في خطواتها هذه مع السلفية الأكثر أصولية، وهي حركة اكتسبت قوة وشعبية في غزة في السنوات الأخيرة. وانتقد السلفيون حماس لعدم تنفيذ الشريعة الإسلامية في غزة بسرعة كافية.

بالنسبة إلى الشباب في غزة، تعني حملة الاعتقالات هذه تقلص مساحة التعبير عن الذات. كما إنها أثارت مشاعر التحدي لدى بعضهم، فقال محمد حنونة (18 عاماً) إنه بدأ في إطالة شعره بعدما استهدفت الشرطة أصدقاءه.

ويوم الأحد، سار محمد معهم في الشوارع في وقفة تضامنية، مؤكداً أنه ليس خائفاً من الاعتقال، يضيف ساخراً: quot;ليس لديّ ما أخسره سوى شعري!quot;.