برزت على الساحة اللبنانية مؤخرًا مؤشرات على تلطيف الأجواء بين تيار المستقبل وحزب الله، بعد خصومة سياسية عميقة بين الجانبين وصلت إلى حد التلويح بالقوة من جانب حزب الله يوم أسقط حكومة الحريري في اليوم الذي عرف لاحقاً بيوم quot;القمصان السودquot;.
بيروت: قبل أيام أطل علي عواض عسيري، السفير السعودي في لبنان عبر شاشة محطة تابعة لحزب الله وتحدث بلهجة فيها الكثير من ترطيب الأجواء مع الحزب، مشددًا على وجوب التهدئة بين كل الفرقاء اللبنانيين، وأن المملكة تقف على مسافة واحدة من الجميع.
أشاع هذا الكلام ارتياحاً في الأوساط السياسية المحلية واستخلص منه المراقبون وجود فرصة كبيرة لإحياء الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، واستشعر البعض ضغطًا سعوديًا في اتجاه إنضاج هذا التقارب.
quot;أنا لا أعتبر أن هناك ضغطاً سعودياً بل نوايا طيبةquot;، هكذا رأى غطاس خوري مستشار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الأمور عند هذه النقطة.
وتابع في تصريح لـquot;إيلافquot; quot;برهنّا ذلك بإختيار رئيس الحكومة وذهبنا إلى خيار من 14 آذار لكنه معتدل، وهناك أيضًا محاولة لتسهيل عمل رئيس الحكومة ونسعى إلى أن نفتح حوارًا مع كل الأطراف لتسهيل عمل الحكومة بما ينعكس إيجابًا في ظل الأوضاع التي نمر بهاquot;.
وفي رد على سؤال عن الدور السعودي الدافع في اتجاه الحوار، قال خوري: quot;السعوديون أيضاً يتمنون للبنان الخير ويريدون أن يروا القوى السياسية متفقة ولو بالحد الأدنى، ويتمنون أيضاً أن لا تنعكس الأزمة السورية على لبنانquot;.
ورأى أنّ الرد الإيجابي على الموقف السعودي الذي عبّر عنه السفير عسيري يمكن فهمه من خلال موقف الرئيس سعد الحريري بإبداء كل الاستعداد للحوار بشرط أنّ يكون حوارًا بناءً ومثمرًا.
المحلل السياسي قاسم قصير لفت في حديث لـquot;إيلافquot; إلى وجود quot;جو سعودي حريص على الإستقرار في لبنان، لكن أي تطور في الحوار لا يمكن الحديث عنه قبل إنتهاء تشكيل الحكومة، فالسعوديون اعتبروا إستقالة الحكومة السابقة خطوة إيجابية، والتعاطي الإيجابي لحزب الله مع إستقالة الحكومة وتسمية تمام سلام شكل عاملاً إيجابياً إضافياً يحاول السعوديون مقابلته بجو إيجابي من ناحيتهمquot;.
أضاف quot;قياس هذا التقارب سيكون من خلال تشكيل الحكومة، فإذا كان التشكيل متوازناً ويمثل كل الأطراف فهو دليل وجود رغبة سعودية بدفع الأمور بشكل إيجابي، كل ما يمكن قوله حاليًا إن هناك مناخات إيجابية بإنتظار الخطوات العمليةquot;.
رد سعودي
ونشرت إحدى الصحف المحلية أن خلافاً نشأ بين السعودية من جهة والتحالف القطري التركي من جهة ثانية على خلفية تباين في الآراء من الأزمة السورية، فأتى الرد السعودي في لبنان من خطوتين الأولى إستقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتسمية تمّام سلام المقرّب من السعودية رئيسًا مكلّفًا، والخطوة الثانية فتح باب الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله.
وتعليقاً على هذا السيناريو قال خوري quot;لا يخفى الأمر أن السعودية لم تكن تريد بقاء حكومة ميقاتي أو عودته على رأس أخرى، بسبب الانقلاب الذي حصل، لكني لا أظن أن القطريين أرادوا بقاء ميقاتي أو عودته أيضاً لأن حكومته تصرفت في الموضوع السوري بخلاف الإرادة العربية، وكان وزير الخارجية فيها وكأنه وزير خارجية نظام بشار الأسد، لذلك كان هناك إجماع عربي على ضرورة رحيل الحكومة، ولا أظن أن هناك صراعاً قطرياً تركياً مع السعودية في هذا الموضوعquot;.
أفق الحوار
واعتبر قصير أن أفق نجاح أي حوار يمكن تلمسه عبر خطوات تشكيل الحكومة والإتفاق على قانون الإنتخابات، وقال: quot;هذه هي افضل الخطوات التي تبين النوايا، ففي ظل الحكومة السابقة ساد جو خلافي إضافة إلى التباين بشأن الوضع السوري وجملة عناصر أخرى، الواضح الآن أن هناك مصلحة لفتح صفحة جديدةquot;.
وأكد النائب السابق غطاس خوري أن quot;تيار المستقبل منفتح على أي حوار بناء وعلى إيجاد صيغة لبنانية تجنب البلد تأثيرات الأزمة السورية، ونعتبر أن أهمية الحوار تكمن في التوصل إلى قرار قابل للتنفيذ، ونعتبر أننا وصلنا إلى إجماع في إعلان بعبدا، يقال إنه سيكون جزءاً من البيان الوزاري للحكومةquot;.
وأضاف quot;إذا ارتضى حزب الله بهذه المقولة يكون عندها جديًا ليستكمل الحوار إنطلاقاً من هذه النقطة، أما إذا أراد الحزب العودة إلى الإنقلاب على إعلان بعبدا بالإصرار على العودة الى معادلة الجيش والشعب والمقاومة فلا فائدة من الحوار الذي أجريناه، ولا فائدة من الحوار الذي سنجريهquot;.
التعليقات