شن معارضون سوريون هجوما على المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة الأميركية، واتهموا واشنطن بالتواطؤ مع نظام الأسد ومنحه مزيدا من الوقت لقتل الشعب السوري بالأسلحة الكيميائية.


القاهرة: بينما كانت دول العالم تحيي ذكرى اليوم العالمي لضحايا الأسلحة الكيمائية في 29 نيسان (أبريل) ، كان النظام السوري يستخدم تلك الأسلحة لقمع الثورة الشعبية المشتعلة ضده منذ أكثر من عامين.
ورغم تحذيرات الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن quot;إستخدام الأسلحة الكميائية خط أحمرquot;، إلا أن ردود الفعل لم تكن على مستوى الحدث، فيما أعتبر معارضون سوريون، أن الخط الأحمر الأميركي، لم يكن سوى ضوء أخضر للأسد، لإبادة الشعب السوري وتدمير الدولة، من أجل عيون إسرائيل، بينما يرى خبراء أن استخدامها دليل على أن النظام يلفظ أنفاسه الأخيرةquot;.
دعوات لنزع الأسلحة
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون في هذا المناسبة: quot;يأتي الاحتفال هذا العام في أوانه تماما، حيث يرخي شبح الأسلحة الكيميائية مرة أخرى بظله المشؤومquot;. وأضاف مون في رسالة له، تلقت quot;إيلافquot; نسخة منها عبر مكتب الأمم المتحدة بالقاهرة: quot;وتأتي الادعاءات الأخيرة باستخدام هذه الأسلحة ذات التأثير العشوائي والبغيضة أخلاقيا في سوريا للتذكير بالأهمية الحيوية المستمرة لاتفاقية الأسلحة الكيميائيةquot;.
ودعا مون إلى نزع الأسلحة الكيميائية، وقال: quot;في يوم إحياء الذكرى من السنة الماضية، كان قد جرى تدمير ما يقرب من ثلاثة أرباع عوامل الحرب الكيميائية المعلن عنها على نحو يمكن التحقق منه. ويقترب هذا الرقم هذه السنة من 80 في المائة. ويشكِّل هذا التقدم المستمر دليلا على فعالية اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائيةquot;، داعياً المجتمع الدولي إلى اليقظة، لاسيما أنه quot;لا يزال خطر الأسلحة الكيميائية قائما، ولا تزال ثماني دول خارج الاتفاقية.quot;، وتابع: quot;وإلى أن تشمل الاتفاقية جميع الدول ويجري تدمير آخر المخزونات، ستظل ديوننا المستحقة لضحايا الحرب الكيميائية غير مسددةquot;.
وحث مون: quot;المجتمع الدولي على تكثيف الجهود الرامية إلى تخليص العالم من الأسلحة الكيميائية، إلى جانب جميع أسلحة الدمار الشامل الأخرىquot;، مشيراً إلى أن quot;هذا هو السبيل الأفضل الذي يمكننا به تكريم ضحايا الماضي وتحرير الأجيال المقبلة من خطر الأسلحة الكيميائيةquot;.
ضوء أخضر أميركي للأسد
وقال معارضون سوريون أن المجتمع الدولي بقيادة أميركا، أعطى الضوء الأخضر، وليس الضوء الأحمر لبشار الأسد من أجل استخدام الأسلحة الكيمائية، ضد الشعب السوري، بهدف إبادته وتدمير الدولة السورية، وقال المعارض السوري بالقاهرة، الدكتور سقراط البعاج، إن الشعب السوري يعرف جيداً أن هناك تواطؤ من المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية مع نظام حكم بشار الأسد، منذ منتصف العام 2012، مشيراً إلى أن المجتمع يعطي النظام الفرصة تلو الأخرى من أجل سحق الثورة، وتركيع الشعب، وتدمير البنية التحتية للدولة السورية.
وأضاف البعاج لquot;إيلافquot; أنه رغم تحذيرات الرئيس الأميركي باراك أوباما للأسد من إستخدام الأسلحة الكيميائية، معتبراً إياها quot;خطا أحمرquot;، إلا أن الأسد ضرب بعرض الحائط تلك التحذيرات، بل إعتبرها بمثابة ضوء أخضر لضرب الشعب السوري بها، وأوضح أن ما يهم أميركا هو عدم إستخدام تلك الأسلحة ضد إسرائيل، لافتاً إلى أن وزير الإعلام السوري عمران الزغبي طمأن أميركا بهذا الشأن وقال: لن نستخدم الأسلحة الكيميائية ضد إسرائيلquot;.
ووصف البعاج ما يحدث في سوريا بquot;المهزلة التاريخيةquot;، مشيراً إلى أن تلك المهزلة لم تحدث في العالم إلا مع شعبين إثنين، هما الشعبان الفلسطيني والسوري، وكلاهما لصالح إسرائيل، متهماً اللوبي الإسرائيلي في الخارج، لاسيما في أميركا وأوروبا وروسيا بدعم بشار الأسد، من أجل القضاء على الثورة السورية أو تدمير الدولة، حتى لا تقوم لها قائمة مرة أخرى. وأرجع السبب من وراء هذا الدعم إلى أن quot;سوريا تمثل رأس حربة للمشروع العربي في المنطقة، مما يعتبر تهديداً لدولة إسرائيلquot;.
quot;مسرحية جديدةquot;
وتوقع البعاج أن تقوم أميركا والمجتمع العربي بما أسماها quot;مسرحية جديدةquot;، على خلفية إستخدام النظام السوري للأسلحة الكيمائية، وقال إن المسرحية الجديدة سوف تتمثل في إرسال فرق للمراقبة والتحقيق على غرار مبادرة كوفي أنان، ثم المبادرة العربية، ويحدث تجاذب وزيارات وغيرها من الأمور من أجل ضياع الوقت، ومنح بشار الأسد المزيد من الفرص لتدمير الدولة والشعب السوري، وهذا هو الهدف، على حد تعبيره.
وكشفت صحيفة quot;الغاريانquot; عن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا، مشيرة إلى أن quot;روايات الشهود تؤكد تعرضهم لهجوم باستخدام غاز السارين المدمر للأعصابquot;. وأضافت أن: quot;الحكومة البريطانية وجهت إلى الأمم المتحدة، تطالبها فيه بالتحقيق الفوري في استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، ولفتت إلى أن quot;الخطاب أشار إلى أن لندن حصلت على عينات محدودة لكنها تؤكد استخدام السلاح الكيميائي من قبل نظام الأسد في حلب ودمشق يومي 19 و23 آذار (مارس) الماضي، علاوة على هجوم آخر في أحد أحياء حمص في ديسمبر الماضيquot;. وأشارت إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قال: quot;لدينا أدلة تشير إلى إمكانية وقوع هجمات باستخدام أسلحة كيميائية في سوريا، لكنها لا توضح متى ولا كيف ولذا علينا أن نتصرف بتعقل ونقوم أولا بتقييم الموقفquot;.
وكانت quot;إيلافquot; كشفت استخدام نظام الحكم في سوريا الأسلحة الكيميائية في الرستن وحمص، في غضون شهر فبراير/ شباط 2012، أي منذ عام وشهرين، واتهم المعارض السوري رياض غنام، في مقابلة مع quot;إيلافquot; نشرت في 19 فبراير/ شباط 2012، النظام السوري باستخدام quot;أسلحة كيماوية ضد الشعب في الرستن، ضمن عملية عسكرية تحت إسم (نسر الشبكة)quot;.
وأوضح أنه quot;يتواصل مع المعارضين والثوار في الداخل يومياً، مشيراً إلى أنهم نقلوا إليه quot;أن الجيش التابع للنظام إستخدم غازات الأعصاب أو غازات تصيب من يستنشقها بالتخدير، ويمتد مفعولها لمساحة كيلو متر مربع، وأكد أن النظام يستخدم هذه الغازات في حملته القمعية ضد حمص حالياً، معتبراً أن ما يحدث يعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيةquot;.
وإتهم غنام النظام السوري باستخدام quot;أسلحة كيماوية ضد الشعب في الرستن، ضمن عملية عسكرية تحت إسم (نسر الشبكة)quot;.
الرمق الأخير للنظام
ومن جانبه، قال اللواء صلاح سعيد، الخبير العسكري، لquot;إيلافquot; أن إستخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية تؤكد أنه في الرمق الأخير، مشيراً إلى أن النظام لم يعد يسيطر على الأرض على الإطلاق، ودلل على ذلك بإستخدام الطائرات والأسلحة الكيميائية، مما يؤكد أنه أستنفد الأسلحة التقليدية، وأنها لم تعد تجدي في المواجهات الجارية الآن مع المعارضة، التي تسيطر على الأرض فعلياً، ولا يستطيع زحزحتها.
وأضاف سعيد، أن الأسلحة الكيمائية تمثل الورقة الأخيرة التي يلعب بها النظام، وتؤكد إدراكه أن نهايته صارت وشيكة، فلم تعد الأمور تفرق معاها، لأنه quot;ميت ميتquot;، على حد تعبيره. ونبه إلى أن المجتمع الدولي لن يصمت، وخاصة أميركا، لاسيما أن إستخدام تلك الأسلحة يمثل خطراً على حلفائها بالمنطقة في إسرائيل وتركيا ولبنان، متوقعاً أن يتم حسم هذا الصراع قريباً لصالح الثورة السورية.