يحاول الثوار السوريون تعلم أساليب الحكم في المناطق التي يسيطرون عليها، ولهذا الغرض قاموا بتأسيس مجالس محلية تنظم عملية بيع الخبز وجمع القمامة.


في غياب الدولة، يخوض ثوار سوريا في بعض القرى بمحافظة حلب الشمالية تجربة فريدة من نوعها في تعلم أساسيات الحكم والتنظيم، بعد أن شكلوا سلطات محلية في البلدات والقرى التي انسحب منها نظام الرئيس بشار الأسد.
المهام التي انخرط بها الثوار تمتد لتشمل كل ما تحتاج إليه الحياة اليومية للمدنيين، بدءاً من جمع القمامة وتنظيف الأحياء وصولاً إلى حل النزاعات ومنع انجراف هذه البلدات إلى الفوضى.
باب السلامة
في قرية باب السلامة، وضع المجلس المحلي لافتة كبيرةتحذر أي شخص يلقي القمامة في الشارع من عقوبة تقضي بدفع غرامة وتصل إلى السجن في حال تكررت المخالفة. لكن رئيس المجلس خير الدين الأحمد، قال إنه غير قادر على تنفيذ هكذا عقوبة وأن الأمر لا يتعدى quot;التخويفquot; لردع الناس.
يضع الأحمد على مكتبه علمين: الأول للثورة السورية والثاني راية سوداء تشير إلى الإسلاميين المتشددين. ويقول إنه يرفعهما لأنه على استعداد لإرضاء كل من المانحين الغربيين والجمعيات الخيرية الإسلامية، من أجل تقديم المساعدات.
الكثير من المجالس المحلية الجديدة، التي حلت محل السلطة المركزية المنسحبة تقع فريسة آليات القوة لدى الجماعات المسلحة المحلية، إضافة إلى معاناتها من نقص الموارد والمساعدات الإنسانية التي وعدت بها الدول الكبرى.
اعزاز مهجورة
قرية أعزاز تحولت إلى منطقة مهجورة ومخيفة، شوارعها مليئة بالركام والحطام، وتتسلق جدرانها رسومات الغرافيتي التي تندد بأعضاء المجلس المحلي وتصفهم باللصوص. وتشير إحدى هذه الشعارات إلى مسؤولي المجلس بأنهم quot;لصوص الخبزquot;، في إشارة إلى احتكارهم المواد التموينية والاستهلاكية.
الشيخ وليد، أحد أعضاء المجلس المحلي في البلدة يقول إن الناس quot;أساؤوا فهم قرار ترشيد استهلاك الخبز بسبب نقص الطحينquot;.
وأضاف: quot;إذا وجدنا أن الخبازين يبيعون الخبز بأسعار مبالغ فيها أو إذا كانوا يتلاعبون بمزيج المكونات، سيتم القبض عليهم. نحن صارمون في هذا الإطار، وكتائب الثوار تتعاون معنا وتراقب هذه المسألة بدورهاquot;.
عفرين ملاذ آمن
أما بلدة عفرين التي تبعد 20 دقيقة بالسيارة إلى الغرب من أعزاز، فتعتبر ملاذاً آمناً وواحة تتمتع باستقرار يندر مثيله في شمال سوريا، وهي على النقيض من البلدات المجاورة المهجورة، تكتظ بسيارات الأجرة.
شوارع عفرين تمتلئ بالبضائع الاستهلاكية والكمالية من الفواكه إلى المجوهرات المعروضة للبيع في المحال التجارية، بعضها أتى من المناطق التي يسيطر عليها النظام، والبعض الآخر من تركيا المجاورة. وعلى الرغم من أنها واحدة من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في البلاد، إلا أن عفرين تعاني مشاكلها الخاصة.
صوران حرمت من الشتاء
على أن الصورة تختلف نسبياً في قرية صوران، فهذه البلدة حرمت من الشتاء منذ اندلاع الثورة في عام 2011، ويعتبر الأهالي الأمطار التي هطلت في الآونة الأخيرة quot;تدخلاً من السماءquot; بعد سنوات من الجفاف.
على الرغم من انسحاب النظام منها، تعتمد قرية صوران على المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في بيع محاصيلها الزراعية، مما يعني أن القمح الذي أنتجته لم يجد من يشتريه لأن الحكومة رفضت التعامل مع مزارعي القرية وجوارها.
وقال ياسر حمشو، أحد مسؤولي مجلس صوران المحلي: quot;أكاد أفقد صوتي من كثرة الحديث ومناشدة العالم بأن ينتبه إلى احتياجاتنا. لا أحد يسمعquot;.
الائتلاف الوطني السوري يحاول إضفاء الطابع الرسمي على هذه الإدارات المحلية وتوحيدها تحت مظلة واحدة على أمل الحصول على الدعم الدولي. لكن الجميع يعلم نقاط ضعف هذه السلطات المحلية، وبالتالي ستكون مهمة توحيدها شاقة وتتطلب الكثير من الوقت.