تتنافس كل من مصر وإيران لفرض نفوذهما في قطاع غزة، فإذ تشعر طهران بخيبة أمل من وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل وتهدف إلى التصعيد، تسعى مصر جاهدة إلى إحلال السلام وفرض الهدوء في القطاع، إذ ترى فيه مصلحة قومية تخدمها.


رغم التقارب الواضح الذي شهدته العلاقات المصرية الإيرانية خلال الفترة الماضية، وتحديداً عقب ثورة 25 من كانون الثاني/ يناير عام 2011، إلا أن ثمة اختلافا بدأ يطفو على السطح بين الجانبين بشأن تطورات الأحداث في غزة، وهو ما اعتبرته صحيفة جيروزاليم بوست العبرية صراع قوى بين البلدين بشأن القطاع.

وأوضحت أنه بينما تنتاب طهران حالة من عدم الرضا بسبب وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، فإن مصر تبذل في واقع الأمر قصارى جهدها لتعزيز السلام.

صراع نفوذ
أضافت الصحيفة أن البلدين يخوضان صراع قوى بشأن نفوذهما وأهدافهما المتضاربة في قطاع غزة، ويبدو أن مصر تحظى باليد الطولى في تلك المواجهة الحاصلة.

وبينما تشعر طهران بحالة من عدم الرضا بخصوص الدوام النسبي لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وتدفع الفصائل الفلسطينية المسلحة إلى خرق الهدنة، فإن القاهرة تبذل كل ما بوسعها لتعزيز الهدوء، الذي ترى أنه يخدم مصلحة مصر القومية.

وتتصدى مصر بكل قوة لمحاولات تسعى من خلالها إيران إلى إرسال أشخاص وأسلحة إلى غزة. بالاتساق مع المجهود الضخم الذي تقوم به قطر، حيث أفادت تقارير بأنها تبرّعت بـ 452 مليون دولار من أجل إتمام مجموعة من أعمال البناء هناك.

تأثير قطري متواضع
وأوضحت الصحيفة أن تلك الاستثمارات القطرية تحظى بتأثيرات متواضعة، لكنها متنامية على قطاع غزة، إذ إنها تساعد حماس على تعزيز سيادتها وبنيتها الاقتصادية.

نتيجة لذلك، بدأت التوترات تتصاعد بين المعسكرين الشيعي، متمثلاً في إيران، والسني متمثلاً في مصر وقطر وتركيا. ثم قالت الصحيفة إنه من الأسلم افتراض أن حماس ستقوم بكل شيء للحفاظ على الهدنة، لتتمكن من مواصلة جهودها لتعميق مؤسساتها.

استمتاع بالشرعية
ثم لفتت الصحيفة إلى أن حماس تستمتع بشرعيتها المكتشفة حديثاً في العالم العربي، وستود أن تتجنب التعرّض لهجوم جوي أو عملية برية من جانب القوات الإسرائيلية. ورغم أن محاولاتها لا تتسم دوماً بالنجاح، إلا أنها لا تزال مستمرة ومتواصلة.

هذا ويتسم الجناح العسكري لحركة حماس، عزّ الدين القسام، بتنظيم صفوفه وطاعته لأوامر وقف إطلاق النار. كما تسعى الحركة إلى الحصول على استقلاليتها الاقتصادية في غزة، بالاتساق مع معالجتها لأزمات المياه والطاقة والتضخم في سوق الإسكان.

وتشتري غزة الآن كل احتياجاتها من الوقود من مصر، بحوالى 30 مليون لتر شهرياً. وتكون لمحطة الطاقة الوحيدة هناك أولوية الحصول على الوقود، وذلك في سياق المساعي التي تبذلها حماس من أجل الحدّ من التخفيضات في إمدادات الكهرباء.

كما بدأت الحركة تفرض ضرائب على القطاع من أجل تجميع أموال تدعمها، وذلك في الوقت الذي تمضي فيه إلى الأمام بشكل موقت عبر برنامج إسلامي ترمي إلى تطبيقه. ولهذا، فإنها تتعامل بشكل تدريجي، لكي لا تصيب المواطنين هناك بحالة من الإحباط.