الغارات الإسرائيلية على سوريا والتي استنكرها نظام بشار الأسد وقال إنها تفتح الباب على كل الاحتمالات، يبدو أنها أدخلت إلى قلب الرئيس السوري شيئا من السعادة، فكثيرا ما كان يروج أن بلاده تتعرض لمؤامرة من اسرائيل.

بيروت: ذكرت تقارير صحافية أن الغارات التي شنتها إسرائيل على سوريا في الأيام الأخيرة شكلت خدمة للرئيس السوري بشار الأسد ونظامه. وقالت صحيفة فاينانشال تايمز إن الأسد هو الوحيد الذي شعر بالسعادة وهو يرى إسرائيل تقصف العاصمة دمشق فتتصاعد ألسنة النار والدخان.
وبحسب الصحيفة فإن هذه الغارات تشكل دعما للرواية التي يروج لها النظام السوري بأن البلاد تتعرض لمؤامرة quot;صهيونية استعماريةquot;.
ونظرية المؤامرة التي يعتمدها النظام السوري عن وجود quot;مؤامرة صهيونيةquot; يمكن أن تحظى برواج كبير في منطقة الشرق الأوسط، لكن كان ينقصها أمر ملموس على الأرض، وهذا ما وفرته الغارات الإسرائيلية لتلك الرواية، وفقاً لصحيفة الـ quot;فاينانشال تايمزquot;.
الكثير ممن يحسبون أنفسهم ضمن طبقة المثقفين في العالم اليوم باتوا مقتنعين بأن ما يحدث في المنطقة مخطط له سلفاً، وهذا ما يريده نظام الأسد بهدف إطالة أمد بقائه في الحكم.
الأسد يحارب مسلحي المعارضة بضراوة للبقاء في سدة الرئاسة، وجاءت هذه الغارات الإسرائيلية على بلاده لتصب في مصلحته.
ووراء شكليات التهديد والوعيد، فإنه لا يبدو أن النظام يكترث كثيراً لمسألة أن إسرائيل - العدو التاريخي لسوريا - قد ضربت البلاد للمرة الثالثة هذا العام مع الإفلات من العقاب.
والتعرض للهجوم من قبل إسرائيل يساهم في تدعيم رواية النظام العبثية سياسياً بأن سوريا هي هدف لمؤامرة إمبريالية وصهيونية تقودها جماعات الإرهابيين والجهاديين.
تاريخ من الهجمات
لكن ما هي حقيقة الغارة الإسرائيلية على سوريا نهاية الأسبوع؟
إسرائيل لديها تاريخ طويل من شن الهجمات الوقائية على جيرانها العرب، لكنها نادراً ما تعترف بها رسمياً، فتكتفي بالإيماءات والغمز واللمز. في الهجوم على سوريا، قالت اسرائيل ان الهدف كان مخزنا لصواريخ فاتح-110 طويلة المدى التي تعمل بالوقود الصلب الذي يصعب على دفاعات إسرائيل كشفها بسرعة.
وتقول مصادر إسرائيلية إن إيران زودت سوريا بهذه الصواريخ التي كانت متجهة إلى حزب الله، الجماعة المدعومة من طهران والتي تعتبر الأقوى في لبنان ولاعباً استراتيجياً في المنطقة أيضاً.
في أواخر شهر يناير/كانون الثاني، ضرب سلاح الجو الإسرائيلي ما قال انه قافلة من الصواريخ المضادة للطائرات كانت في طريقها من سوريا إلى حزب الله، ما يعتبر بمثابة تغير غير مقبول في ميزان القوى في المنطقة. بهذا المعنى، يبدو أن إسرائيل بعثت برسالة إلى طهران ودمشق في وقت واحد.
لا يتطلب الأمر نظرية مؤامرة لمعرفة أن الهجمات الاسرائيلية على سوريا ستخفض العائق أمام الضربات الجوية التي تتوعد تل أبيب بشنها على المنشآت النووية الإيرانية. من الواضح، عندما تتوفر أدلة متزايدة تشير إلى أن نظام الأسد (وربما بعض المعارضين المتطرفين) يقومون باستخدام الأسلحة الكيماوية، سيكون هناك إلحاح أقل في مطالبة إسرائيل بأدلة تؤكد مزاعمها بشأن نقل الأسلحة من سوريا إلى حزب الله في لبنان.
مع ذلك تجدر الإشارة إلى أنه، منذ 10 سنوات، كانت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تروج بأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قد نقل أسلحة الدمار الشامل لسوريا، الأمر الذي أدى إلى تداعيات سلبية كثيرة ما زالت نتائجها تعصف بالبلاد حتى اليوم.
وعلى الرغم من هذه الاعتقادات، يبدو أن نظرية المؤامرة التي تزدهر في الشرق الأوسط قد أقنعت الكثير من المعتدلين في العالم العربي بأن ما يحدث في سوريا متعمد، وعبارة عن محاولة غربية لتدمير وتقسيم سوريا.