رحّبت الأمم المتحدة بإنشاء الائتلاف الوطني، معتبرة أنه ضروري للانتقال السياسي، ونددت بتصعيد يمارسه الأسد. في حين انتقدت روسيا بشدة القرار واعتبرته انحيازيًا ويشجّع المعارضة على القتال ويضرّ بجهود أميركية روسية من أجل تنظيم مؤتمر دولي، إلا أن قرار الجمعية الأممية لم يتطرق بوضوح إلى مصير الأسد.


نيويورك: دانت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء quot;تصعيدquot; النظام السوري لهجماته، ودعت إلى مفاوضات تشمل ائتلاف المعارضة، الذي قدم على أنه محاور يتمتع بصفة تمثيلية.

جاء في قرار تبناه 107 أصوات مقابل معارضة 12، وامتناع 59، أن الجمعية العامة، التي تعد 193 عضوًا، quot;ترحّب بإنشاء الائتلاف الوطنيquot; للمعارضة السورية، وتصفه بأنه quot;محاور فعلي، يتمتع بصفة تمثيلية ضرورية لعملية انتقال سياسيquot;. وquot;تلحظquot; أن الائتلاف يحظى بـquot;اعتراف دولي واسعquot;، لكنه لا يصل إلى درجة تقديمه على أنه الممثل الشرعي الوحيد، كما فعلت دول الجامعة العربية.

هذا القرار غير الملزم، الذي أعدته خصوصًا قطر، التي تعتبر من الداعمين الرئيسيين للمعارضة السورية، يكتسي أهمية رمزية.
وحصل على أصوات أقل بكثير من قرار سابق للجمعية العامة بخصوص سوريا تم تبنيه في الثالث من آب/أغسطس الماضي بغالبية 133 صوتًا مقابل 12 ضد وامتناع 31 عن التصويت.

وقد صوّتت روسيا ضد القرار، وكذلك الصين وإيران وكوبا وكوريا الشمالية ونيكاراغوا. وامتنعت عن التصويت الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي والهند وأندونيسيا وعدد من الدول الأفريقية (جنوب أفريقيا وتوغو وغينيا).

حافز للقتال
وانتقد المندوب الروسي الكسندر بانكين بشدة القرار، واعتبره quot;انحيازيًاquot;، مؤكدًا أنه quot;سيشجّع المعارضة على القتالquot;، وسيضرّ بالجهود الأميركية الروسية من أجل تنظيم مؤتمر دولي.

على عكس ذلك، اعتبرت المندوبة الأميركية روزماري ديكارلو أن القرار quot;يتوافق مع (هذه) المبادرةquot;، فيما رأى السفير الفرنسي جيرار آرو أنه quot;نص معتدل سيساعد قوى المعارضة على الذهاب إلى التفاوضquot;. أما السفير السوري بشار الجعفري فاتهم quot;بعض مروّجي النص بأنهم لا يريدون حلًا للنزاع، بل تغيير النظامquot; في دمشق.

يدين هذا القرار، المؤلف من سبع صفحات، quot;التصعيد المتواصلquot; لهجمات الجيش السوري وquot;انتهاكاته الفاضحة والمنهجيةquot; لحقوق الإنسان. ويدعو quot;جميع الأطراف إلى الوقف الفوري لكل أشكال العنف، بما في ذلك الأعمال الإرهابيةquot; وإلى المشاركة في quot;انتقال سياسيquot; على أساس إعلان جنيف في 30 حزيران/يونيو 2012، الذي ينص على تشكيل حكومة انتقالية.

غيّب مصير الأسد
بحسب القرار، يفترض أن تضطلع هذه الهيئة quot;بصلاحيات تنفيذية كاملةquot;، بما في ذلك الصلاحيات المنوطة حاليًا بالرئاسة والحكومة السورية. لكن القرار لم يتطرق بوضوح إلى مصير الرئيس بشار الأسد. وتسعى واشنطن وموسكو إلى عقد مؤتمر دولي على أساس اتفاق جنيف، لكنهما تختلفان حول تفسيره. ففيما تعتبر واشنطن أنه يمهّد الطريق أمام مرحلة quot;ما بعد الأسدquot;، تشدد موسكو وبكين على أنه يعود إلى الشعب السوري تحديد مصيره. لكن المعارضة السورية تجعل من رحيل الأسد شرطًا لازمًا، بينما ترفض دمشق أية إملاءات.

ويطالب القرار بـquot;دعم مالي عاجلquot; لدول، مثل الأردن ولبنان وتركيا، التي تستضيف مئات آلاف اللاجئين السوريين. وتعرب الجمعية العامة للأمم المتحدة في القرار quot;عن قلقها الشديدquot; حيال احتمال استخدام أسلحة كيميائية في النزاع، لكنها لا تحسم موقفها بشأن الاستخدام الفعلي لهذه الأسلحة من هذا الجانب أو ذاك.

وتطلب من النظام السوري السماح لخبراء الأمم المتحدة التحقيق بحرية ميدانيًا، وهو ما ترفضه دمشق في الوقت الراهن. ويشير القرار أيضًا إلى quot;المخاطر الكبرىquot; لتوسع النزاع. وquot;يدين بشدةquot; النيران السورية باتجاه جيرانها، ويطلب من دمشق quot;احترام سيادتهمquot;.

أخيرًا، قال القرار إن الجمعية العامة للأمم المتحدة quot;تؤكد مجددًا دعمهاquot; للوساطة التي يقوم بها الأخضر الإبراهيمي، الذي وافق على مواصلة مهمته وسيطًا في الأزمة السورية.

رسالة لوقف القمع
من جهته، اعتبر الائتلاف السوري المعارض الأربعاء أن إدانة الجمعية العامة للأمم المتحدة quot;تصعيدquot; نظام الرئيس بشار الأسد لهجماته، رسالة إلى الأخير ليوقف quot;قمعه الوحشيquot;، داعيًا المجتمع الدولي إلى القيام بالمزيد من أجل وقف العنف المستمر منذ 26 شهرًا.

ورحّب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، في بيان بالقرار، قائلًا quot;يعد تصويت الأمم المتحدة اليوم رسالة واضحة من المجتمع الدولي لنظام الأسد كي يوقف قمعه الوحشي للثورة السورية المباركةquot;.وأضاف إن القرار quot;يدين استخدام نظام الأسد الوحشي للقوة ضد السوريين، ورفضه المتواصل للاعتراف بالتطلعات المشروعة للشعب السوري إلى الحرية والديموقراطيةquot;.

ورأى أن القرار، الذي اتخذ مساء اليوم، quot;يثبت أن المجتمع الدولي لن يقبل بعد الآن باستمرار العنف والانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان، لكنه غير كافٍ لإنهاء معاناة الشعب السوري، ويجب فعل المزيد، وبشكل فوريquot;.

ودعا الائتلاف quot;أصدقاء الشعب السوريquot; لتكثيف جهودهم quot;للدفع بانتقال ديموقراطي للسلطة في سورياquot;، والضغط على النظام للسماح بمرور المساعدات الإنسانية، وضمان quot;محاسبة مرتكبي جرائم الحرب يوماً ما على جرائمهمquot;.

وأعرب الائتلاف في بيانه عن استعداده quot;لدعم أي خطوة سياسية تنهي الصراع، وتوقف معاناة الشعب السوريquot;، والتزامه quot;بأي جهد دولي من شأنه دفع بلدنا نحو مستقبل أكثر سلاماً وديموقراطيةquot;. وشدد الائتلاف في وقت سابق على أن أي حل سياسي يجب أن يبدأ برحيل الأسد، الذي تنتهي ولايته في العام 2014، علمًا أن المعارضة ستبتّ مسألة مشاركتها في المؤتمر خلال اجتماع تعقده في 23 أيار/مايو الجاري.