على الرغم من الفوارق بين المرشحين للرئاسة الإيرانية، إلا أن القاسم المشترك بينهم هو رفض التسوية في الملف النووي مع الغرب، وهو ما يخيف الإيرانيين من تضييق الخناق الاقتصادي عليهم بتعزيز العقوبات الغربية على طهران.


بيروت: أثناء إلقاء المرشح الرئاسي الايراني سعيد جليلي خطابًا في طهران، وقفت مجموعة من الشابات اللواتي يرتدين الشادور وهتفن تأييدًا له: quot;لا حلول وسط، لا تنازلات، انتخبوا جليليquot;، وحملن لافتات كتبت عليها عبارة: quot;التفاوض مع الشيطان ضد القرآنquot;.

وكان جليلي أطلق حملته الانتخابية بناء على مبدأ المعارضة التامة لأي حل وسط مع الغرب بشأن البرنامج النووي الايراني. وعلى الرغم من أنه وسبعة مرشحين آخرين يختلفون حول قضايا مثل حقوق المرأة والمشاكل الاقتصادية، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالبرنامج النووي الايراني، فجميعهم يقولون الجملة ذاتها: quot;لا تنازل ولا مساومة على حق الأمة في تخصيب اليورانيومquot;.

منافس جليلي على الجانب الآخر من الطيف السياسي الضيق في إيران، رجل الدين حسن روحاني، هو أقرب المرشحين إلى المعسكر الإصلاحي، ويتجنب أي ذكر لكلمة تسوية عند مناقشة البرنامج النووي.

ويمضي روحاني الكثير من وقته في صد هجمات المعارضين السياسيين الذين يتهمونه بأنه باع الحقوق في البلاد عندما كان المفاوض النووي، من خلال التعليق الموقت لتخصيب اليورانيوم، في حين كانت طهران تتعرض لضغوط دولية شديدة في العام 2004.

عبء العقوبات

أملًا في إرغام إيران على وقف تخصيب اليورانيوم وبدء التفاوض بشكل جدي، فرضت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عقوبات اقتصادية شديدة، يبدو أنها تعيث فسادًا في الاقتصاد الإيراني. لكن الإشارات التي تصدر عن الحملات الرئاسية الايرانية لا تدل على أي دليل على الاستسلام، ما ينبئ بأن العقوبات ستشتد في وجه الإرادة الإيرانية.

وقال نادر كريمي جوني لصحيفة نيويورك تايمز، وهو صحافي إيراني ينتقد سياسات الدولة: quot;العقوبات الأميركية تصبح أقسى عامًا بعد عام، ومع هؤلاء المرشحين، سنرى عواقب وخيمة، فالعقوبات تؤذي الناس وتضر بالإقتصاد، لكنها تجعل القادة أكثر تصميمًاquot;.

مواقف جليلي، المفاوض النووي الحالي، وروحاني، المفاوض السابق، توضح مدى تصلب موقف إيران بعد عقد من تصاعد العقوبات والعزلة الدولية المتزايدة. فحملة جليلي أدت إلى تحويل الانتخابات إلى استفتاء على الموقف النووي في البلاد، في حين أن روحاني، الذي استقطب دعم بعض قدامى نشطاء الحركة الخضراء، يجد نفسه موضع سخرية من معسكر جليلي، الذي يعتبر أن موقفه في المفاوضات النووية دليل على جهله وضعفه.

وقال مسؤول عن حملة جليلي الاسبوع الماضي: quot;موافقتنا في السابق على وقف تخصيب اليورانيوم كانت بمثابة نزع سلاحنا من إيدينا بأيديناquot;. من جهته، قال جليلي مرارًا وتكرارًا: quot;الغرب افترض أننا سنوقف البرنامج وندمر منشآتنا النووية، وهذا غير صحيح، فالمقاومة هي الحل لمشاكلناquot;.

تعريف المنطقي

يتفق مرشحو الرئاسة في ايران على مسألة أساسية، وهي أن الاستسلام للضغوط يضر موقف بلادهم في التفاوض على الملف النووي. وقال غلام علي حداد عادل، مرشح آخر لكرسي الرئاسة: quot;في اليوم الذي يفقد فيه الأميركيون الأمل في كل أنواع المؤامرات والحروب العسكرية والاقتصادية، سوف نكون قادرين على اجراء محادثات على أساس منطقيquot;.

واعتبرت نيويورك تايمز أن المعنى الحقيقي لكلمة منطقي التي يرددها المرشحون عند الحديث عن الملف النووي تعني الموافقة على الموقف الإيراني والاعتراف بحق طهران في تخصيب اليورانيوم من دون قيود.

وخلال المناقشات الانتخابية، قال المرشح الرئاسي علي أكبر ولايتي، مستشار السياسة الخارجية السابق للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، إن جليلي الذي يتحدث دائمًا عن عدم الاستسلام أو التنازل، لم يحرز أي تقدم في المفاوضات النووية.

وقال مشيرًا إلى أسلوب جليلي التفاوضي: quot;يريد أن يخطو ثلاث خطوات فقط، ويتوقع الجانب من الآخر أن يخطو 100 خطوة في المقابلquot;. وأضاف: quot;لا يمكن أن نأخذ كل شيء، ولا نعطي شيئًا بالمقابلquot;.