خضع النظام في إيران التي تستعد للانتخابات الرئاسية المقررة يوم الجمعة المقبل لعملية تصويت مختلفة. حيث أجرى مركز بيو الأميركي استطلاعًا لآراء العالم في 39 بلدًا حول إيران وقيادتها، والنتيجة أنّ العالم أجمع ينظر نظرة سلبية للجمهورية الإسلامية باستثناء باكستان وإندونيسيا.


لندن: فيما تستعد إيران للانتخابات الرئاسية يوم الجمعة، أُخضعت قيادة النظام برمته لعملية تصويت مغايرة، دائرتها الانتخابية الرأي العام العالمي ونظرته إلى الجمهورية الاسلامية. إذ استطلع مركز بيو الأميركي للأبحاث آراء المواطنين في 39 بلدًا بإيران وكيف ينظرون إلى قيادتها. واتضح من نتائج الاستطلاع ان إيران ليست معزولة سياسيًا فحسب بل ان العالم أجمع تقريبا ينظر اليها نظرة سلبية.

إيجابية في باكستان وإندونيسيا

وتبين نتائج الاستطلاع ان بلدين فقط كان لدى أغلبية تزيد على 50 في المئة من مواطنيهما موقف ايجابي من إيران هما باكستان بأغلبية 69 في المئة قالوا انهم مع إيران بسبب مقاومتها الولايات المتحدة، واندونيسيا حيث قال 55 في المئة انهم ينظرون إلى إيران نظرة ايجابية.

البلدان المسلمة تنظر لإيران بسلبية

وتتسم نظرة الرأي العام إلى إيران بالسلبية على نطاق واسع بصفة خاصة في اسرائيل وغالبية بلدان اوروبا الغربية حيث ابدى 80 في المئة على الأقل ممن شملهم الاستطلاع موقفا سلبيا من إيران. وقال زهاء 70 في المئة من الاميركيين انهم ينظرون نظرة سلبية إلى إيران.

كما اظهر الاستطلاع ان أغلبيات واسعة في البلدان المسلمة تتخذ موقفا سلبيا من إيران مثل الاردن بنسبة 81 في المئة ومصر بنسبة 78 في المئة وتركيا بنسبة 68 في المئة ولبنان بنسبة 60 في المئة والأراضي الفلسطينية بنسبة 55 في المئة. ويُلاحظ انه رغم ان نحو ثلثي اللبنانيين ينظرون نظرة سلبية إلى إيران فان 11 في المئة فقط من شيعته يشاركونهم هذه النظرة.

ويرى غالبية المواطنين في 24 بلدا من اصل 39 بلدا شارك مواطنوها في الاستطلاع ان طهران لا تحترم حقوق مواطنيها بينهم 75 في المئة أو اكثر من مواطني الدول الاوروبية بأغلبيات من 88 في المئة في فرنسا إلى 59 في المئة في بريطانيا، واميركا الشمالية بأغلبية 69 في المئة من الاميركيين و70 في المئة من الكنديين فضلا عن البرازيل واستراليا وكوريا الجنوبية بأغلبيات مماثلة وأقل منها في تشيلي بأغلبية 55 في المئة والمكسيك بأغلبية 52 في المئة وفنزويلا بأغلبية 51 في المئة ينظرون نظرة سلبية إلى إيران.

نظام ممقوت

وأكد محللون ان النتائج الاجمالية للاستطلاع ليست مفاجئة. ففي كانون الثاني (يناير) الماضي توصل استطلاع اجراه مركز بيو إلى نتائج مماثلة. ولكن هناك بعض المفاجآت وإن كانت كلها ليست سارة للنظام الإيراني الذي يبدو ممقوتا بصورة متزايدة في عالم ما زالت تعتمد إيران على استيراد الكثير من بضائعه وتصدير نفطها اليه على الضد من مزاعم القيادة الإيرانية بالاستقلال الاقتصادي.

ورغم توتر العلاقات الدبلوماسية بين اسرائيل واوروبا بسبب القضية الفلسطينية فان نتائج الاستطلاع تشير إلى انهما لا تختلفان اختلافا يُذكر حين يتعلق الأمر بعدم الثقة بالنظام الإيراني حتى وإن كانت اوروبا لا تتفق مع اسرائيل على شكل مواجهة طهران والتصدي لمشاريعها، كما تلاحظ صحيفة واشنطن بوست.

وما يثير الاهتمام ان الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين عملتا أكثر من أي دولة أخرى، ربما باستثناء اسرائيل، على احتواء النظام الإيراني تبديان قدرا أكبر بعض الشيء من النظرة الايجابية إلى إيران بالمقارنة مع بقية الدول الاوروبية.

ويرى محللون ان هذا قد يكون تعبيرا عن موقف قطاعات من الرأي العام الاميركي والبريطاني ضد توجيه ضربات عسكرية مباشرة إلى إيران، وهو خيار يُناقش على نطاق أوسع في هذين البلدين منه في بلدان اخرى مثل المانيا وايطاليا.

ولعل الأشد وطأة بنتائجه على طهران هو الموقف السلبي منها في دول شرق آسيا وخاصة اليابان والصين اللتين تعتبران من اكبر مستوردي النفط الإيراني. وفي حين ان البلدان الآسيوية لم تنضم إلى العقوبات الشديدة التي فرضتها اوروبا والولايات المتحدة ضد قطاع الطاقة الإيراني ولا يبدو انها تعتزم الانضمام إلى هذه العقوبات في وقت قريب فانها تبدي ممانعة متزايدة إزاء استيراد النفط من إيران.

وتبين نتائج الاستطلاع ان إيران ممقوتة حتى في لبنان والأراضي الفلسطينية حيث تدعم فصائل محلية مسلحة وتحاول ان تصور نفسها مدافعة عن حقوق اللبنانيين وقضية الفلسطينيين ضد اسرائيل. فان 37 في المئة من الفلسطينيين ينظرون إلى إيران نظرة ايجابية وهي نسبة منخفضة جدا إزاء العداء الفلسطيني واسع النطاق لاسرائيل وسياسة الولايات المتحدة.

لبنان وطوائفه

ولكن الوضع أشد تعقيدا في لبنان، مثل كل شيء فيه. فان 89 في المئة من شيعته ينظرون نظرة ايجابية إلى إيران يشاركهم فيها 38 في المئة من المسيحيين و6 في المئة فقط من السنة. كما تسود النظرة السلبية إلى إيران في بلدان مثل مصر وتركيا وحتى دول افريقية جنوب الصحراء الكبرى.

وهناك مزيد من الأخبار غير السارة للنظام الإيراني في الاستطلاع. فان باكستان، البلد الوحيد الذي تحظى فيه إيران بشعبية واسعة، سجلت هي ايضا تراجع نسبة المتعاطفين مع النظام الإيراني فيها.

وبعد ان اظهر الاستطلاع الي اجراه مركز بيو للأبحاث في كانون الثاني/يناير ان 79 في المئة يتعاطفون مع إيران، انخفضت هذه النسبة في الاستطلاع الجديد إلى 69 في المئة. وهي نسبة ما زالت عالية بالمعايير النسبية والمطلقة ولكن الهبوط الحاد في سعة المواقف المؤيدة لإيران يشير إلى تحول لا تخطئه العين.

وكان مرشحو الانتخابات الرئاسية ابدوا في المناظرات الأخيرة صراحة لافتة في انتقاد كل شيء في إيران من المفاوضات النووية مع الغرب إلى ملاحقة الحركات الطلابية. ولكن المرشحين لم يولوا اهتماما يُذكر لبحث سبل تحسين سمعة إيران السيئة في العالم سوى بعض التصريحات بشأن تطوير قطاع السياحة وكيف يمكن ان تسهم في اقناع الزائرين بتزيين صورة إيران في الخارج.