بعد عام على انطلاق فرقة quot;مصاصة متةquot; التي تسخر من الرئيس السوري بشار الأسد، وتتخذ من الانترنت ساحة لها لانتقاد ممارسات النظام العنيفة والقمعية، خرجت هذه المجموعة اليوم إلى الشوارع في مسرح دمى متنقل تحت عنوان quot;يوميات الديكتاتور الصغيرquot;.


بيروت: انطلقت فرقة quot;مصاصة متةquot; سوريا منذ نحو عام تقريبًا. وتعمل الفرقة على السخرية من عنف نظام الأسد وممارساته القمعية وفي الوقت نفسه تسلط الضوء على المعارضة المسلحة التي لم تسلم من سهامها أيضًا.

وquot;مصاصة متةquot; هي تجمع لفنانين محترفين من سوريا، ينتمون إلى عدة اختصاصات فنية يجمعهم إيمان حقيقي بدور الفن في ايصال رسالة انسانية جوهرها قيم مثل العدالة، المساواة، قبول الآخر وغيرها.

الهدف الأساسي لـ quot;مصاصة متةquot; هو تفعيل العمل الفني وتسخيره في مجابهة الدكتاتورية، وتحطيم الهالة التي يحيط بها النظام نفسه من خلال الكوميديا، ومنح بسمة من الامل للسوريين تنسيهم - وإن للحظات - مشاهد العنف والتدمير التي يمارسها النظام السوري.

هذه الخطوة ليست سهلة على الإطلاق في البلاد التي تمزقها الحرب الطائفية، فهذا التجمع من الفنانين السوريين المجهولين الذي يهدف للسخرية من الأسد وانتقاد المقاومة المسلحة في الوقت نفسه، مهمة جريئة تتطلب شجاعة لا محدودة.

quot;يوميات الديكتاتور الصغيرquot;

بدأت quot;يوميات الديكتاتور الصغيرquot; على شكل سلسلة ساخرة في محاولة لتعزيز الاحتجاج السلمي وتشجيع الحركة الفنية الثورية، بطلها quot;بيشوquot; الديكتاتور الصبياني ذو الأنف المستدق والآذان الكبيرة، المحاط بمجموعة من الأتباع الأشرار، الذي يقاتل السوريين الشجعان والمثاليين.

وسيتم عرض هذه السلسلة في لندن الشهر المقبل كجزء من مهرجان الشباك للثقافة العربية، وفقاً لما قاله جميل، مدير العرض، لصحيفة quot;الغارديانquot; عبر سكايب من لبنان، مشيراً إلى أنه قرر استخدام الدمى لحماية هويات الفنانين وأيضاً لـ quot;تصغير النظام والسخرية من اعتداده بنفسهquot;.

تغيير quot;بيشوquot;

تم تصوير حلقات الدمى المسرحية في بيروت، باستخدام الدمى والدعائم التي عمل الفنانون على تهريبها. وتقصّد هؤلاء تغيير أشكال الدمى حتى لا تشبه كثيراً الشخصيات التي تقصد السخرية منها وفي محاولة لمنع التعرف عليها وكشف الهدف منها.

ويقول جميل: quot;عمدنا إلى تغيير شكل دمية quot;بيشوquot; خصيصاً، فوضعنا له شارباً والكثير من الشعر، حتى لا يتعرف عليه البعضquot;.

وجذبت السلسلة الأولى، التي بدأت في خريف عام 2011 أكثر من 200 ألف متفرج على quot;يوتيوبquot; وتم بثه على (تلفزيون المشرق)، قناة المعارضة السورية ومقرها دبي. لكن تصاعد العنف وانقطاع التيار الكهربائي أدى إلى انكماش الجمهور المحلي للسلسلة الثانية والثالثة.

عرض في الشارع السوري

في كانون الثاني (يناير)، سافر الفريق خلسة إلى بلدة منبج التي يسيطر عليها الثوار في المنطقة الشمالية من حلب لتقديم أداء حي في مهرجان الفنون الذي نظمته مجموعة من الناشطين المحليين. وعلى الرغم من أن البلدة كانت تتمتع بهدوء نسبي لمدة شهر، وغابت عنها الهجمات أو عمليات الخطف، إلا أنها تعرضت للقصف من قبل قوات الأسد في نفس اليوم الذي وصل فيه فريق quot;مصاصة متةquot;، مما أدى إلى مقتل 12 شخصاً وجرح العشرات.

quot;صدمنا جداً بما حدث، ورأى منظمو المهرجان أنه ينبغي أن نؤجل العرضquot;، قال جميل، لكن الفريق أصر على أن الحلقة لا يمكن أن تنتظر أسبوعاً آخر، وفي الوقت ذاته لم يرغبوا في أن يحتشد الناس في حال حدوث هجوم جوي آخر، فكان الخيار الوحيد عرض بعض الفقرات في الشارع خلال الاحتجاجات.

فبركة إعلامية

في إحدى الفقرات، تحت عنوان quot;الإعلام العاهرquot;، تدور أحداث العرض حول إرغام أحد المتظاهرين على الاعتراف بأنه مجرم عنيف خلال برنامج إخباري للقناة السورية الرسمية. ويقول الرجل المغلوب على أمره: quot;أنا أمسك بغصن الزيتون في يدي ... أعني...أنا أمسك قذيفة صاروخية وقنبلة نووية وبندقية حصلت عليها من تنظيم القاعدةquot;.

ويسلط هذا المقطع الساخر الضوء على التعتيم الإعلامي والفبركة التي تعتمدها القنوات السورية الرسمية ومن يقف إلى جانبها من أجل تصوير المعارضين جميعهم على أنهم مجموعات إرهابية مجرمة.

سهام إلى المعارضة

وفي فقرة أخرى، ينتقد مسرح الدمى المقاومة المسلحة أيضاً، فيظهر quot;بيشوquot; وهو يعذب أحد المتظاهرين ويسخر منه، إلى أن يتمكن الأخير من الانتقام فيهاجم الديكتاتور الذي يقول له بدوره: quot;أرأيت؟ أنت وحش، مثلي تماماًquot;.

اختبار

مسرح الدمى هذا ليس مجرد أداة ترفيه، إذ أنه يهدف أيضاً إلى اختبار حدود النظام الجديد في المناطق المحررة، فيقول جميل: quot;المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام تتعرض الآن لمغريات من الاسلاميين والمشاعر الطائفية. لقد كنا متخوفين من رد فعل البعض عند سماع أغنية مشهورة بصوت سيدة مثيرة. لكن العرض حظي بترحيب وإعجاب الجميعquot;.

ويستعد فريق quot;مصاصة متةquot; لأداء العروض الحية في حلب والمناطق الشمالية. وعلى الرغم من تشكيل لجان الفنون والصحف في مناطق الثوار، إلا أنه تم إغلاقها من قبل العناصر المتشددة من الجيش السوري الحر.

وقال جميل quot;هناك مجتمع مدني كامل يجري تجاهله من قبل النشطاء ووسائل الإعلام الغربية والعربيةquot; مضيفاً: quot;نحن نحاول التوصل إلى مفهوم مسرح الشارع حيث سنتنقل بين المناطق، نقف في الشارع ونضع منصة العرض، ثم نعلم الناس كيفية استخدام الدمى المتحركة لصنع عروضهم الخاصة. نحن نعطي بعض الأمل للناس كي يتمكنوا من الاستمرارquot;.