يبادر شبان عراقيون إلى التطوع في ألوية شيعية مقاتلة تتوجه إلى سوريا، وهم يؤكدون أنهم لا يقاتلون دفاعًا عن بشار الأسد بل عن مراقد شيعية في سوريا، على رأسها مرقد السيدة زينب.

بغداد: تتزايد بشكل مثير اللافتات السود التي تنعى مقاتلين عراقيين لقوا حتفهم في سوريا، مع صور المقتولين وكلمات ذات دلالة واضحة مثل أداء الواجب المقدس أو الشرعي، في اشارة واضحة إلى المشاركة في سوريا بالتحديد، لكن الجميع يؤكد أن هؤلاء ما كانوا يدافعون عن نظام بشار الاسد، ولم يطلقوا رصاصة واحدة للذود عنه، بقدر ما كانوا يدافعون عن المراقد المقدسة في سوريا، وأهمها مقام السيدة زينب.
لا توجد احصاءات معلنة عن عدد المسلحين العراقيين الذين قتلوا في سوريا، ولم تكشف الجهات المسؤولة عنهم شيئًا، لكن مجالس العزاء واللافتات تؤكد أن العدد ليس قليلًا.
واجب جهادي
يقول رجل الدين الشيخ محمد راضي: quot;بعد الاستشعار بالخطر الداهم على الأضرحة في سوريا، وتخوفنا من أن يصيبها ما اصاب المرقدين المقدسين للامامين العسكريين في مدينة سامراء، فإننا شجعنا على أن يتطوع الشباب المؤمن لحماية المقدسات، وبالفعل انخرط الكثيرون وسافروا إلى سوريا للدفاع عن الاضرحة وليس عن شيء آخر، فليس مهمة هؤلاء الشباب القتال لغير هذه المهمة التي نعتبرها مقدسة وواجبًا دينيًا شرعيًا، لأننا لا نريد لمقدساتنا أن تتعرض للانتهاك من أية جهة كانتquot;. ويعلق راضي على ما يردده البعض من أن مشاركة المقاتلين الشيعة في سوريا، تحت ذريعة حماية العتبات المقدسة، مشروع طائفي يعرض المنطقة كلها للخطر، قائلا: quot;لا ننظر إلى الامور بعيون طائفية، فالمقدسات إسلامية ولا اعتقد أن سنة العراق أو مصر أو لبنان يرضون بأن يتهدم ضريح السيدة زينب، وانا لا اعتقد أن الشباب العراقيين يشاركون الجيش السوري معاركه التي يخوضها ضد المعارضة او المقاتلين الاجانب، فنحن ندافع عن مقدساتنا هناك وشبابنا يتدفقون طواعية لحمايتهاquot;.
يضيف: quot;قصة تشكيل لواء عسكري للدفاع عن السيدة زينب بدأت من محافظة النجف الاشرف، من خلال مجموعة من الشباب استأذنوا المراجع في تشكيله، فالمحافظة على المرقد الطاهر صمام أمان الوحدة الوطنيةquot;.
وقال خضر عبد علي، صديق أحد الشباب الذين قتلوا في سوريا: quot;أقيم له مجلس فاتحة، وكان المعزون يفتخرون بكونه استشهد دفاعًا عن المقدسات، خصوصًا أن الناس تعرف أن الارهابيين التكفيريين يريدون هدم المراقد المقدسة، لذلك فأهل المقتول وجيرانه واقاربه يفتخرون بأنه مات شهيدًا من اجل المقدسات، ولو كنت اعلم بذهابه إلى سوريا لذهبت معه، ليس دفاعًا عن بشار الاسد الذي أتمنى أن يسقط، ولكن مسألة المقدسات في سوريا والاعمال التي ارتكبها التكفيريون مثل نبش قبر الصحابي حجر بن عدي تضعنا امام واجب شرعي، وإذا سنحت لي الفرصة فسأذهب حتى لو عدت إلى بلادي ملفوفا بعلم، فسوف أكون حينها شهيدًاquot;.
ألوية شيعية
اما عبد الحسن شاهين الذي يعمل كاسبًا، فقال: quot;لا أريد أن أكون طائفيًا وأقول من حق الشيعة الدفاع عن مقدساتهم امام المد التكفيري الذي يريد حرق كل شيء له علاقة بالائمة الاطهار، من حقي كمواطن يحب مقدساته أن يدافع عنها اينما تكون وليس في سوريا فقط، فنحن الآن مثلا نتعاطف مع الشعب المصري ونادينا بسقوط مرسي، لكن اذا حاولت دولة اجنبية الاعتداء عليه سنكون اول المدافعين عنه لاننا عرب ومسلمون، لذلك نحن كمسلمين شيعة او سنة الان امام هجوم تكفيري على مقدساتنا، وما علينا الا أن ندافع عنها، فنحن لن ندافع عن نظام الاسد، فواجبنا حماية ضريح السيدة زينب فقطquot;. اضاف: quot;سمعت عن تشكيل ألوية عسكرية شيعية من داخل العراق لحماية مرقد السيدة زينب، مثل لواء ذو الفقار وابو الفضل العباس وجيش الإمام، وأعرف أن هناك شبابا لا علاقة لهم بالاحزاب فكروا بالذهاب إلى سوريا لمجرد انهم تحمسوا للدفاع عن مرقد السيدة زينبquot;.
من جهته، أكد النائب عن ائتلاف العراقية مظهر الجنابي، عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، أن مشاركة المقاتلين العراقيين في الصراع السوري القائم هي بعلم الحكومة العراقية ومباركتها، وقال: quot;هناك العديد من مجالس العزاء التي تقام بشكل رسمي لمقاتلين عراقيين قتلوا في سوريا، ويحضرها الكثير من الساسة العراقيين، وهذا دليل على دعم الحكومة لهؤلاء المقاتلين، ويثبت وجود أجندة تعمل في سوريا تابعة للحكومة العراقية، واعتقد أن الحكومة العراقية تدعم نظام الاسد عسكريا، وهو امر لا يمكن انكاره، إذ تفيد معلومات بتشكيل لواءين عسكريين من مقاتلين عراقيين بمشاركة حزب الله اللبناني متواجدين في سوريا يقاتلون مع نظام الاسد، لهذا اجدني اطالب الحكومة العراقية بعدم تكرار تجربة النظام السابق وتجاوز الخطوط الحمراء بالتدخل بالشؤون الداخلية لدول الجوار، والتعامل مع سوريا كدولة لا كمحافظة من محافظات العراقquot;. اما النائب عباس البياتي، عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عن ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، فنفى أي ضلوع للحكومة العراقية بقضية ارسال مقاتلين شيعة إلى سوريا، وقال: quot;الحكومة ترفض مثل هذا رفضًا تامًا، لأن موقفها محايد من الأزمة السورية، لكن الشباب العراقيين ذهبوا إلى سوريا تطوعًا لحماية المراقد الدينية، وخصوصًا مرقد السيدة زينب، والحكومة تتخذ إجراءات أمنية مشددة تمنع أي عراقي من عبور سورياquot;.
الامن السلمي
كان المرجع الشيعي الفقيه الشيخ قاسم الطائي تحدث عن قصة تشكيل لواء عسكري من متطوعين عراقيين للدفاع عن مرقد السيدة زينب بالقول: quot;لكي لا تتكرر المأساة العراقية في سوريا، اعطينا الاذن بتشكيل لواء ابو الفضل العباس في سوريا، وقلنا للمؤمنين المدافعين يجب علينا المحافظة على مرقد السيدة زينب، بل نعتبر الدفاع عن مرقدها امرًا ضروريًا جدًا، وهو يمثل المحافظة على تشيعنا وامننا السلمي في العراق، فضلًا عن سورياquot;.
أضاف: quot;قبل فتره جاءتني مجموعة من هؤلاء المؤمنين من لواء ابو الفضل العباس يشكروني فيها على دعمهم، والاذن لهم، ويؤكدون لي بأني المرجع الوحيد الذي شجعهم على تشكيل حماية السيدة زينبquot;.
وعن اهتمام الشباب بالانضمام إلى لواء ابو الفضل، اوضح الطائي: quot;يوجد الآن تفاعل للمجتمع المسلم مع تشكيل اللواء العسكري لواء ابو الفضل العباس، فالمجتمع المتدين متفاعل مع الموضوع، وكثير من الشباب المتدين بعد زيارتنا الاخيرة إلى سوريا اصبح مندفعًا بشكل عالٍ ولديه رغبه شديدة في الالتحاق والذهاب والمشاركة في هذه الخدمة، للتدليل على انتمائهم لمذهب اهل البيت، وارتباطهم باهل البيت واحقيتهم في الدفاع عن المقدسات الشيعيةquot;.