على الرغم من الوعود التي قطعتها جماعة الاخوان المسلمين بتحقيق نهضة وتقدم في منطقة الفيوم المصرية، والتي تعتبر من افقر المناطق، إلا أن المآسي والمعاناة لم تتراجع بل على العكس بحسب الأهالي.

على امتداد عام من حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، لم تعرف مدينة الفيوم التي تخترقها قنوات آسنة ويتطلع أهلها إلى مساعدة الحكومة، أي تغير نحو الأفضل.
ضربة موجعة
والآن بعد عزل مرسي، قال الناشط علي السيد الذي تظاهر مع ملايين نزلت إلى الشوارع مطالبة برحيله، انه يشعر بالتوجس أكثر مما يحس بانفتاح آفاق جديدة. فالاخوان المسلمون، وهم أقوى حركة سياسية منظمة في الفيوم، تلقوا ضربة موجعة بعزل مرسي ولكنهم لم يُهزموا في المدينة. ونفوذ السلفيين أخذ يتعاظم فيما يتآمر فلول النظام السابق من اجل العودة.
وبذلك، تكون قوى كبيرة راسخة الجذور في هذه الواحة المصرية حجبت رؤية علي السيد المتفائلة بمستقبل أفضل للفيوم بعد انتهاء حكم الاخوان. وكانت اسابيع من الاحتجاجات والاشتباكات اعقبها احساس بالهدوء، ومع بداية شهر رمضان، ازدحمت السوق الكائنة في شارع مصطفى كمال بالمتسوقين وعلى أطراف المدينة، عاد الفلاحون يعتنون بحقول السمسم وغيره من المحاصيل الصيفية.
نكث بالوعود
وفي الفيوم، كما في غيرها من مدن مصر، عملت الآمال المحبَطة على إذكاء غضب المواطنين. ويؤكد غالبية أهل هذه المنطقة، التي تُعد من أفقر مناطق مصر على بعد نحو 130 كلم جنوب غرب القاهرة، أن الفيوم لم تعرف في عهد مبارك سوى الحرمان من خدمات اساسية مثل الماء وتوفير فرص عمل، وأن مرسي وجماعة الاخوان المسلمين الذين نالوا تأييدًا ساحقًا من الناخبين في الفيوم نكثوا بوعد quot;النهضةquot; الذي كسبوا به الأصوات.
وقال عصام الخولي (45 عاما) quot;كل شيء اصبح أغلى من قبل، ولم نتمكن من شراء الغاز، وازدادت البطالةquot;.
واضاف الخولي الذي يعمل في شركة تأمين quot;ان كل شيء كان فوضى في زمن الاخوانquot;.
وكانت الاشتباكات بين مؤيدي مرسي ومناوئيه بدأت قبل اسابيع على عزله متسببة في مقتل شخصين على الأقل احدهما فتى في السادسة عشرة من العمر. وبعد عزل مرسي، أُعفي محافظ الفيوم من مصبه وإن كانت طريقة اعفائه غير واضحة. وقال موظف في مكتب المحافظ لصحيفة نيويورك تايمز إن المحافظ quot;بكل بساطة توقف عن الدوام في مكتبهquot;.
مشاركة بالاحتجاجات
وفي الأيام التي أعقبت عزل مرسي، غادر مئات من الاخوان المسلمين مدينة الفيوم إلى القاهرة، بعد أن جُهزت لهم عشرات الحافلات للمشاركة في الاحتجاجات المطالبة بالإفراج عنه وإعادته إلى منصبه.
ولكن حمدي طه، عضو جماعة الاخوان المسلمين والنائب السابق في البرلمان بقي في الفيوم. ورفض في مقابلة مع صحيفة نيويورك الانتقادات التي يوجهها الأهالي إلى الأداء الهزيل لعام من سيطرة الاخوان، قائلًا إن الجماعة quot;كانت تعمل نهارًا وليلًا من اجل خدمة المواطنينquot;. واتهم من سمّاهم quot;بلطجية مدعومين من الشرطةquot; بالإعتداء على الاخوان ومؤيديهم.
ولكن عندما طُلب منه ان يقدم دليلًا واحدا على منجزات الاخوان في الفيوم اكتفى بالقول quot;الآن ليس وقت التقييمquot;. وبعد إلحاح قال طه إن نوعية الخبز تحسنت في ظل حكم الإخوان المسلمين وكانت لديهم مشاريع اخرى للمنطقة لكن quot;الانقلابquot; اجهضهاquot;. وتوقع طه ان يصدر بحقه أمر القاء قبض في أي وقت كما صدر بحق قياديين آخرين في جماعه الاخوان المسلمين.
وفيما كان طه يتأمل نهاية حياته السياسية بعد فشل جماعته في تقديم ما هو أكثر من تحسين نوعية الخبز، تحدث النائب السابق أيضا محمد هاشم عن التطورات الأخيرة. وقال هاشم وهو من مؤيدي الرئيس المخلوع حسني مبارك وعضو سابق في الحزب الوطني الديمقراطي، إنه لم يشارك في الاحتجاجات المطالبة برحيل مرسي خشية ان يُطرد بوصفه من الفلول ولكنه شامت بعزله.
مرسي اسوأ من مبارك
وأضاف هاشم أن الاخوان المسلمين لم يكونوا واعين سياسيًا لحكم مصر. وأن إدارة مرسي كانت quot;اسوأ بكثيرquot; من حكم مبارك. وأكد هاشم انه سيرشح مجددًا في الانتخابات إذا سُمح له بذلك وإذا لم يتسبب ترشيحه في اندلاع أعمال عنف في الفيوم.
وابدى الناشط علي السيد المناوئ للاخوان ولمرسي، قلقه من عودة فلول نظام مبارك في الفيوم. وقال إن المحتجين الذين تظاهروا في الفيوم مطالبين برحيل مرسي، رفضوا المساعدة التي عرضها هاشم. واضاف السيد الذي ينتمي إلى حركة 6 ابريل الشبابية وحركة quot;تمردquot; التي قادت الحملة ضد مرسي، انه عمل مع رفاقه بكل طاقاتهم، مساهمين في عزل رئيسين في ظرف عامين ولكنهم ما زالوا يكافحون لإحداث تغيير حقيقي في السياسة المصرية.
ولفت الناشط علي السيد، إلى أن معركة واحدة أصبحت فجأة معارك على جبهات متعددة وأن حركة 6 ابريل تعمل الآن على استعادة النقابات المهنية من هيمنة الاخوان والتصدي للأحزاب الدينية وقطع الطريق على عودة فلول النظام السابق.
في غضون ذلك قال مزارعون على اطراف الفيوم إن المستقبل ما زال يكتفه الغموض، ولكن ما حققه مرسي للفيوم خلال عام لا يُرى حتى بالمهجر. فإن محصولهم من القمح حقق خلال العام الماضي ايرادات أعلى ولكن الفارق التهمته اسعار الأسمدة المرتفعة وكان الأمن منعدما في المنطقة.
ورغم عزل مرسي، ما زال يمثل تغييرًا جذريًا في مصر لا يمت بصلة إلى احوال مزارعي الفيوم أو سجل حكومته البائس. فان انتخابه بصناديق الاقتراح يعني إسدال الستار على عقود من التسلط وفتح صفحة جديدة في تاريخ مصر الحديث سمتها الأبرز أن الشعب هو صاحب الكلمة الأخيرة في اختيار حكامه.