على الرغم من أن معركة الإنتخابات البرلمانية الكويتية المقبلة مهمة، إلا أن العيون تشخص عادة إلى معركة أهم هي معركة رئاسة البرلمان الكويتي، الذي سيجري إنتخابه في السابع والعشرين من الشهر الجاري.


الكويت: في ظل توقعات بأن تشهد تركيبة البرلمان الكويتي المقبل تحسينًا من حيث النكهات السياسية التي يمكن أن تعود إليه، في ظل قانون الصوت الواحد المُحصّن دستوريًا، يتركز الحديث في الداخل الكويتي اليوم حول نتائج الإنتحابات المزمع إجراؤها في السابع والعشرين من الشهر الجاري، إذ تنشغل أوساط كويتية عدة في محاولة إقتفاء أثر تحليلات وإنطباعات يمكن أن ترصد مبكرًا اسم رئيس البرلمان الكويتي المقبل، أول برلمان تُقاطعه المعارضة السياسية، على اعتبار أن الإنتخابات الماضية أصبحت كأن لم يكن من الناحية الدستورية والقانونية.

ومنصب رئيس مجلس الأمة الكويتي الذي يشغل بال كثيرين في الداخل الكويتي هو منصب مهم جدًا في التركيبة السياسية الكويتية، وهو موقع يحظى شاغله بالأهمية السياسية التالية للأمير مباشرة، إذ يتقدم على شاغل منصب رئيس الوزراء، ويتقدم عليه بروتوكوليًا في المناسبات العامة، إذ يضبط أداء البرلمان ويدير جلساته، وفي أحيان كثيرة يحدد سقف الخطاب السياسي للبرلمان، ويلجم انفلاته. ورغم أن الدستور لا ينص على هذه المهام لرئيس البرلمان، لكن القانون الداخلي للمجلس يعطيه الكثير من هذه السلطات.

معارضتان ورئيس

لرئيس البرلمان حضور دائم في المعادلة السياسية الداخلية، إذ يجتمع مباشرة وعلى إنفراد بالقيادة السياسية، وغالبًا ما يكون جزءًا من الخطة السياسية المتعلقة بالمشهد الداخلي، ويتم إطلاعه على توجهات القيادة في المرحلة المقبلة.

كما هو همزة الوصل الأساسية بين القيادة السياسية ونواب البرلمان، لكن مقاطعة المعارضة السياسية ndash; وهي وازنة في المشهد الداخلي- من شأنها أن تضغط على أي رئيس مقبل للبرلمان. فبدلًا من أن يتعاطى فقط مع معارضة داخلية، يطلب منه التعاطي مع معارضة خارج البرلمان، علمًا أن الأخيرة كانت جزءًا فاعلًا من البرلمانات في السنوات الماضية.

بعد السابع والعشرين من الشهر الجاري، تتجه الأنظار إلى أول جلسة برلمانية للبرلمان المنتخب، إذ بعد كلمة إرشادية قصيرة لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح يوجهها للنواب من داخل برلمانهم، وهي كلمة ستتضمن غالبًا موقفًا عامًا من الملفات والقضايا الرئيسة، فإنه يغدو مطلوبًا من النواب إنتخاب رئيس جديد لهم. وهنا يقول فقهاء في الحالة السياسية الكويتية إن المعركة على كرسي الرئاسة قد بدأ قبل الإنتخابات، وأن المعركة محتدمة أساسًا.

توازنات وقواعد

تقول الناشطة السياسية الكويتية نوال المطيري لـquot;إيلافquot; إن معركة الرئاسة ستنحصر بين ثلاث شخصيات، لا يخفون تطلعهم لهذا المنصب المهم، quot;فبغياب رؤساء سابقين للبرلمان مثل جاسم الخرافي وأحمد السعدون، يتحتم أن تخوض المنافسة أسماء أقل في الوزن السياسي، كما أن مرشحين كثرا سيظهرون لهذا المنصب، يأتي في مقدمهم رئيس البرلمان المبطل علي فهد الراشد، كما أن فرص وحظوظ عبدالله يوسف الرومي ومرزوق علي الغانم لا يمكن التقليل منهاquot;.

من جهته، يقول محمد النقي لـquot;إيلافquot; إنه يستحيل أن يفوز مرشح لرئاسة البرلمان لا ترفع عنه الحكومة الكويتية الفيتو السياسي، إذ يعتقد النقي أن 17 نائبًا شيعيًا في البرلمان لم يستطيعوا أن يوصلوا نائبًا شيعيًا للرئاسة، ولا إلى نيابة الرئاسة، رغم أنهم القوة السياسية الأكبر داخل البرلمان، لافتا إلى وجود توازنات وقواعد سياسية دقيقة جدًا تحكم موقع رئاسة مجلس الأمة.

القطبة المخفية

تقول أوساط كويتية إن كل حديث عن حسم معركة رئاسة البرلمان المقبل لصالح شخصية ما وهم صرف، وإن رئيس البرلمان الكويتي لا يظهر إسمه إلا ليلة إفتتاح البرلمان، عندما تظهر للمنافسين القطبة المخفية، التي تكمن في موقف 16 وزيرًا في الحكومة، يحق لهم إنتخاب الرئيس كأعضاء غير منتخبين في البرلمان. وتقول الأوساط الكويتية إنه لن يعرف إسم الرئيس المقبل للبرلمان، من دون معرفة إسم رئيس الحكومة المقبل وتوجهاته السياسية والتمعن في تحالفاته السياسية، إذ أن الوزراء الستة عشر المشار إليهم سيتسلمون توجيهات التصويت الآمنة.

لكن هذه الأوساط تلفت إلى أنه قبل ظهور إسم رئيس الحكومة الجديدة، وقبل التأكد من التركيبة السياسية للبرلمان المقبل، لن يكون ممكنا تبيّن هوية الرئيس المقبل.