وجد الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه مضطراً السبت للعودة إلى المنبر الديموقراطي المتمثل بالكونغرس، وهو غرفة التشريع العليا في الولايات المتحدة، لإجازة قرار التدخل العسكري في سوريا.


نصر المجالي: يبدو أن إحباط مجلس العموم البريطاني لقرار مماثل لحكومة ديفيد كاميرون الائتلافية صعّد المشاعر الأميركية باللجوء إلى quot;قلعة الديموقراطيةquot; لإجازة قرار التدخل، لاسيما وأن آخر الاستطلاعات قالت إن 63% من الشعب الأميركي ضد أي عمل عسكري في سوريا.

ورحب عدد من زعماء الحزب الجمهوري بقرار الرئيس الأميركي باراك أوباما، بالرجوع إلى الكونغرس لطلب quot;الضوء الأخضرquot; قبل بدء أي عملية عسكرية ضد سوريا.

وتذكّر (إيلاف) هنا بأن مشرعين أميركيين كانوا حذروا من أن quot;التدخل عسكريًا في سوريا دون وجود خطر مباشر يهدد الولايات المتحدةquot; أو الحصول على تفويض من الكونغرسquot; يشكل انتهاكًا لمبدأ فصل السلطات بموجب دستور البلاد.

وقال 37 من أعضاء الكونغرس في رسالة وجهت، الثلاثاء الماضي إلى الرئيس أوباما إنّ القيام بعمل عسكري ضد سوريا: quot;في الوقت الذي لا توجد فيه تهديدات مباشرة ضد الولايات المتحدة، ودون الحصول على تفويض مسبق من الكونغرس، قد يعتبر بمثابة انتهاك لمبدأ فصل السلطات المرسوم بوضوح في الدستور.quot;

وأوضح الموقعون بأن المشاركة العسكرية الأميركية في ليبيا عام 2011، quot;غير دستورية وشكلت سابقة سيئة لإدارة أوباما ولا يجب تكرارها في هذه الحالة.quot;

إخطار بشأن ليبيا

وهنا يشار إلى أن أوباما كان قد أخطر الكونغرس بالمشاركة في العمل العسكري في ليبيا، لافتاً إلى أن quot;قرار سلطات الحربquot; الذي يقره الدستور الأميركي لا ينطبق على الحالة الليبية نظراً لعدم مشاركة الولايات المتحدة في أي أعمال عدائية، كما هو محدد في الدستور.

وكان المشرعون ومن بينهم 8 من الديمقراطيين، وكافة أعضاء مجلس النواب، جادلوا على هذا النص في خطابهم قائلين: quot;إذا لم يمثل استخدام 221 صاروخًا من طراز توماهوك، و704 من ذخائر الهجوم المباشر المشتركة، و42 صاروخ بريدتور هيلفاير، أعمالاً عسكرية فماذا يمكن أن يكون؟quot;

وكان مسؤولون كبار في إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عقدوا سلسلة من الاجتماعات، خلال الساعات المقبلة، مع أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري بمجلس الشيوخ، للتباحث حول خطة الولايات المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا.

وكان مسؤول في البيت الأبيض قال إن الاجتماعات quot;العلنيةquot;، التي من المقرر أن تجرى عبر دوائر الفيديو المغلقة بعد ظهر السبت، ستتم خلالها مواصلة التباحث حول استخدام الحكومة السورية الأسلحة الكيميائية، في quot;الغوطة الشرقيةquot; بريف دمشق، في 21 أغسطس/ آب الجاري.

وشارك في الاجتماعات كل من مستشارة الرئيس للأمن القومي سوزان رايس ووزيري الخارجية جون كيري والدفاع تشاك هاغل ونائب رئيس الأركان المشتركة الأدميرال جيمس وينفليد، إضافة إلى مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر.

ترحيب أعضاء بالكونغرس

وإلى ذلك، فإنه بعد ساعة من رجوع أوباما للكونغرس قبل بدء أية عملية عسكرية في سوريا، أعرب قادة الجمهوريين في مجلس النواب، في بيان مشترك عن سعادتهم بالقرار، وقالوا إن المجلس سينظر في طلب الرئيس أوباما، عند عودته للانعقاد في التاسع من سبتمبر/ أيلول المقبل.

وقع البيان كل من رئيس مجلس النواب جون بوينر، وزعيم الأغلبية بالمجلس، النائب الجمهوري إريك كانتور، والنائب كيفن مكارثي، إضافة إلى النائبة كاثي ماكموريس رودجرز.

كما أصدر زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل، بياناً أكد فيه أن quot;الرئيس نصحني اليوم بأنه سوف يطلب موافقة الكونغرس على قراره باستخدام القوة، قبل البدء بأي عمل عسكري ضد سوريا.quot;

وتابع ماكونيل في بيانه أن quot;اختصاصات الرئيس، بوصفه قائداً أعلى للقوات المسلحة، عادةً ما تصبح أكثر فعالية، عندما تحظى بدعم الكونغرس.quot;

من جانبه، قال السيناتور الجمهوري بوب كوركر، أحد أبرز الأعضاء في لجنة الشؤون الخارجية: quot;إنني سعيد للغاية أن الرئيس استمع إلى المقترحات التي قدمناها له مع آخرين، بأن يرجع إلى الكونغرس.quot;

وأضاف قائلاً: quot;في هذه النقطة الفاصلة في تاريخ أمتنا، فإن هذا هو القرار الصائب على الإطلاق، وإنني أتطلع لمشاهدة ما ستقدم عليه الإدارة، لتعزيز النقاش حول هذا المطلب المهم.quot;

واستطرد كوركر بقوله إنه quot;الآن، وبعد أن قرر الرئيس استخدام القوة، وطلب موافقة الكونغرس، فإنه من المهم أن يبدأ فوراً في استخدام كل طاقته لعرض الأمر على الشعب الأميركيquot;.

صلاحيات الحرب

يذكر أن الرئيس حسب الدستور الأميركي هو (القائد الأعلى) للقوات المسلحة ويملك صلاحية قرار (وقف تنفيذ عقوبات والعفو) وبإمكانه إبرام معاهدات (شرط استشارة مجلس الشيوخ) والحصول على موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الحاضرين.

ولا يملك الرئيس مبدئيًا صلاحية إعلان الحرب، فهو قرار يعود إلى الكونغرس، لكن ليست جميع حالات التدخل العسكري في الخارج تعتبر إعلان حرب وغالباً ما تعود صلاحية إرسال قوات إلى المعركة فعلاً إلى الرئيس.

وينص الدستور على تدخل الكونغرس عندئذ للإشراف على عمليات التدخل المسلحة في الخارج (مثل أفغانستان أو العراق) من خلال التصويت على قرارات تتناول عموماً جدولاً زمنياً للانتشار وطبيعته وحجمه والمهمات المنوطة به.

ويشار إلى أن الفقرة الثامنة من دستور الولايات المتحدة الأميركـية تحدثت عن دور الكونغرس في المواد التالية:

11- إعلان الحرب، والتفويض برد الاعتداء والاستيلاء على السفن والبضائع، ووضع قواعد تتعلق بالاستيلاء على غنائم في البر والبحر.
12- إنشاء الجيوش وتأمين نفقاتها، ولكن الاعتمادات المالية المخصصة لذلك الغرض يجب ألا تكون لفترة تزيد على سنتين.
13- تكوين قوة بحرية والتكفل بها.
14- وضع قواعد لإدارة وتنظيم القوات البرية والبحرية.
15- وضع أحكام لدعوة الميليشيا إلى تنفيذ قوانين الاتحاد، وقمع التمرد وصد الغزو.
16- وضع أحكام لتنظيم وتسليح وتدريب المليشيا، وإدارة أقسامها التي قد تكون عاملة في خدمة الولايات المتحدة، محتفظاً للولايات، كل على حدة، بحق تعيين الضباط، وسلطة تدريب الميليشيا وفقاً للنظام الذي يضعه الكونغرس.