اشترط رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على المحتجين في المحافظات السنية تخليهم عمّا أسماه المطالب الطائفية حتى يفاوضهم. ودعا المواطنين إلى دعم القوات الأمنية من أجل تفكيك الخلايا الإرهابية، وأشار إلى أنه وجّه هذه القوات لمواجهة عمليات تهجير تنفذها ميليشيات ضد عائلات وعشائر سنية في جنوب البلاد، مؤكدًا استعداد بلاده للمساهمةفي الدفع باتجاه جلوس طرفي الأزمة السورية على طاولة المفاوضات.


أسامة مهدي: قال المالكي في كلمته الأسبوعية إلى العراقيين اليوم الأربعاء إنه بعد انخفاض التوجّهات العسكرية نحو توجيه ضربة إلى سوريا، فإن الفرصة لحل سلمي قد أصبحت هي الحاكمة، ولذلك quot;علينا أن نكثف الجهود باتجاه الحل السلمي للأزمة السورية بعدما قدمنا مبادرة في هذا الاتجاه حظيت بقبول المجتمع الدولي الذي تفاعل معهاquot;.

وأكد استعداد العراق للعب دور في التوصل إلى بدء حوارات بين أطراف هذه الأزمة من أجل تجنيب المنطقة المخاطر التي قد تواجهها جراء حرب محتملة.

وكان القادة العراقيون أعلنوا عقب اجتماع لهم في التاسع من الشهر الحالي عن مبادرة حول سوريا تقوم على: رفض الضربة العسكرية ودعوة الأطراف الداعية إليها إلى دعم الجهود السلمية بدلًا من اللجوء إلى الخيار العسكري في سوريا.. ورفض الخيار العسكري وحشد الجهد السياسي والدبلوماسي والشعبي لإنجاحها وتشكيل حكومة انتقالة مشتركة من النظام والمعارضة، تشرف على انتخابات عامة وضرورة تكثيف الجهود واستمرارها لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية بما يحقق طموحات الشعب السوري.

التفاوض شرط إنهاء المطالب الطائفية
حول مطالب المعتصمين والمتظاهرين في المحافظات السنية الغربية والشمالية، أكد المالكي أن هؤلاء يعبّرون عن مشاكلهم سلميًا. وأبدى استعداده لبحث مطالبهم. وقال: quot;نتشرف بالتجاوب مع مطالب المعتصمين والمتظاهرين سلميًا حتى لا تضيع هذه المطالب في خضم الفتنة والأجندات الطائفيةquot;.

وقال إن على المعتصمين quot;أن يتقدموا مباشرة لنا من أجل التعامل معهم ومع مطالبهم المشروعة، وأشدد على كلمة quot;المشروعةquot;، لأن البعض أدخل السياسة عليها، وبدأ يطرح مطالب طائفية، مثل إسقاط النظام والدستورquot;. وأشار المالكي إلى أن الحكومة جاهزة للاستجابة لهذه المطالب شرط الابتعاد quot;عن أصحاب الأجندات الطائفيةquot;.

يذكر أن محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى تشهد منذ 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي تظاهرات احتجاج واعتصامات تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة quot;منتهكي أعراضquot; السجينات، فضلًا عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانوني المساءلة والعدالة والمخبر السري واصدار عفو عام وإلغاء الإقصاء والتهميش لمكونات عراقية.

تهجير العوائل السنية من الجنوب
وعبّر رئيس الوزراء العراقي عن ألمه وقلقه لعمليات التهجير التي تتعرّض لها عائلات سنية عراقية في المحافظات الجنوبية ذي قار والعمارة والبصرة، مثل عشيرة آل السعدون الكبيرة quot;من قبل مجرمينquot;. وأشار إلى أنه قد وجّه الأجهزة الأمنية لمواجهة كل من يستهدف هذه العوائل المسالمين وحماية مناطقهم والوقوف في وجه كل من يريد استهدافهم.

يذكر أنه بعد أعوام من الاستقرار الأمني النسبي عاد أخيرًا مسلسل التهجير القسري إلى جنوب العراق rlm;خصوصًا في محافظتي البصرة وذي قار، بعد اغتيال عدد من مشايخ أهل السنة في مناطق الزبير وأبي rlm;الخصيب والفضلية، في حين وزعت منشورات تهدد بعض العشائر السنية وتطالبهم بالرحيل عن rlm;أماكن وجودهم، وخصوصًا عشيرة السعدون (كبرى العشائر السنية في جنوب العراق) التي أسست rlm;مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار) قبل أكثر من 140 عامًا.

وفي حين أكد الشيخ عبد الكريم الخزرجي، مدير ديوان الوقف السني في المنطقة الجنوبية، وجود rlm;استهداف طائفي لأهل السنة، فإن الشيخ عبد الله السعدون، أحد شيوخ عشيرة السعدون في محافظة ذي rlm;قار، حذر من أن مدينة الناصرية، مركز المحافظة، قد تُخلى من أحفاد مؤسسيها.rlm;

كما تلقت عائلات منشورات تطالبها بالرحيل عن المحافظة. وقال الشيخ أحمد الدوسري، أحد شيوخ rlm;عشائر مدينة الزبير إن منشورات وصلت إلى عدد من العائلات تحمل توقيع لواء quot;أنصار rlm;المهديquot; تطالبهم بترك المدينة وإلا سيكون مصيرهم الموتquot;.

ميثاق شرف لإصلاح الأوضاع الداخلية
وأشار إلى أن القادة العراقيين قد نجحوا خلال اجتماعهم أخيرًا في التوصل إلى قرار موحد إزاء أوضاع المنطقة وموقف العراق منها، لافتًا إلى أنهم سيوقعون غدًا ميثاق شرف لإصلاح الوضع السياسي الداخلي والتفرّغ لخدمة المواطنين. وعبّر عن الأمل في أن تكون العلاقات إيجابية بين زعماء القوى السياسية والرؤساء الثلاثة والسلطتين التشريعية والتنفيذية.

وأضاف أن رؤية العراقي لحل أزمة سوريا قد أثبتت أنها الصحيحة، quot;ولذلك علينا الآن أن نواجه التحديات الأمنية وإدامة زخم المعركة ضد الإرهاب ومواجهة العصابات الإجراميةquot;. وناشد المواطنين والقوى السياسية والمؤسسات الإعلامية دعم ومساندة القوات الأمنية في هذه المعركة quot;من أجل تفكيك الإرهاب وخلاياه وسياساتهquot;. كما طالب المواطنين بمساعدة السلطات على مكافحة الفساد وإبلاغها عن كل quot;مفسد يثري على حساب المواطنين والمال العامquot;.

يأتي حديث المالكي عن مؤتمر القادة غدًا في وقت عبّرت قوى سياسية عن عدم تعويلها عليه لحلّ الأزمات التي تواجهها البلاد، وأكدت عدم مشاركتها في التوقيع عليه غدًا، معبّرة عن خيبة أمل من عدم تنفيذ اتفاقات مماثلة سابقة. فمن وثيقة مكة المكرمة، التي وقعتها شخصيات عراقية برعاية منظمة المؤتمر الإسلامي قبل سنوات عدة، إلى ميثاق الشرف الذي اقترحه نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي... تتصاعد وتيرة القتل والتهجير في هذا البلد.

وفي وقت سابق اليوم، قال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي إنه يتحفظ على بعض بنود هذه المبادرة، خاصة وأن هناك إخلالًا في عدم الالتزام باتفاقات مماثلة سابقة، ولذلك فإنه من المهم وجود تعهدات بتنفيذ الاتفاقات الجديدة هذه، ومنها تلبية مطالب المعتصمين والمتظاهرين في المحافظات الغربية والشمالية وتحقيق التوازن الوطني. وأكد وجود مشاكل لم تحل بعد للتوقيع غدًا على الاتفاقات، مشيرًا إلى أنه إذا لم تحلّ هذه المشاكل اليوم فإنه قد يتم تأجيل المؤتمر إلى إشعار آخر.