کثيرة هي التأکيدات التي يطلقها الرئيس علي عبدالله صالح بخصوص ثبات اليمن و استقراره و استمرار وحدة البلاد الى الابد، لکن، التقارير المتباينة المسربة او المتداولة او المنقولة من اليمن ذاتها بخصوص تلك التأکيدات، لاتحمل في ثناياها أية إشارات تدعم أقوال الرئيس صالح وانما حتى انها تناقضها تماما و تٶکد العکس بالضبط.

حرب الرئيس صالح ضد فلول القاعدة الناشطة في اليمن، و ازمته الطاحنة مح الحوثيين، و الحراك الجنوبي الناشط بإتجاه فك ارتباط جنوب اليمن مع شماله بالسبل السلمية، بالاضافة الى معارضة نشطة متصاعدة في المناطق الشمالية من اليمن، کل ذلك بات يٶذن بأنه ليس نظام حکم الرئيس علي عبدالله صالح في خطر وانما تٶکد تقارير عديدة بأن مستقبل اليمن ذاته کدولة بات مهددا بالتفكك و الانهيار، وهو أمر أثار رعب الغرب لتداعياته البالغة السوء على دول المنطقة و ماسينجم عن ذلك من أحداث و تداعيات و مستجدات غير منتظرة او غير مرحب بها. وفي هذا الخضم، فإن الحراك الجنوبي وعلى الرغم من التعتيم الاعلاميquot;العربيquot;النسبي عليه، لکنه، ليس معزولا او بعيدا عن دوائر القرار العربية التي أخذت تأخذ المسألة على محمل الجد و تدرس بجدية مختلف الاحتمالات الوادرة هناك بما فيها فك ارتباط الجنوب بالشمال و عودة دولة جنوب اليمن الى الوجود مرة أخرى، خصوصا وان معظم الجنوبيين قد باتوا يٶمنوا بضرورة فك الارتباط وعودة دولتهم التي لم يذوقوا الهناء و الرفاهية الموعودة منذ ضحوا بها على معبد الوحدة، ومن هنا، فإن الحراك الجنوبي قد يتطور مستقبلا و يتخذ شکلا و مضمونا قد يختلفان کثيرا عن ماهو عليه الان.

اما في السودان، حيث تتزايد التوقعات و التکهنات بخصوص إنفصال الجنوب ولاسيما بعد الاستفتاء المزمع إجرائه في التاسع من کانون الاول/يناير المقبل هناك والذي تٶکد معظم الاراء و التوقعات و التحليلات بأن الاغلبية ستصوت للإنفصال واعلان دولة مستقلة عن السودان، وعلى الرغم من أن البعض من المراقبين و المحللين السياسيين يربطون مسألة الانفصال بنوع من العقوبة الرادعة لنظام حکـم الرئيس عمر حسن البشير، بيد ان حيثيات القضية و تفصيلاتها و خلفياتها التأريخية و إنعکاسات کل ذلك على أرض الواقع تدل على عکس ذلك تماما، وان المعطيات کلها تدل على أن معظم الفرقاء السودانيين قد إتفقوا من أنه لامناص من تقبل الخيار مهما کان شکله او مضمونه ومن هنا فإن دولة مستقلة في جنوب السودان قد بات إعلانها في العام المقبل في حکم المٶکد.

هذان المشهدان، يلفتا نظر و انتباه المواطن الکوردي في إقليم کردستان العراق بشدة، ولاسيما اولئك الذين صوتوا في الاستفتاء الذي جرى قبل أکثر من عامين لصالح الانفصال عن العراق و إعلان دولة کوردية مستقلة(والذين تجاوز عددهم المليوني شخص)، حيث أن قادته قد باتوا يلهثون و يتهافتون على بغداد ضعيفة متداعية مسکونة بالازمات و مبتلية بکل أشکال وباء التدخل الخارجي، بل وان هناك ماراثونا تنافسيا محتدما بين الحزبين الرئيسيين من أجل نيل حظوة أکبر لدى الدول العربية ويکفي الاتحاد الوطني الکوردستاني فخرا بأن الرئيس جلال الطالباني من الداعمين و المٶکدين على ضرورة أحياء دور العراق في الجامعة العربية(يرحمها الله تعالىquot;کما قال مظفر النوابquot;)، فيما يبادر الحزب الديمقراطي الکوردستاني الى جذب رٶوس الاموال العربية و الترکية الى الاقليم و يتباهى بذلك حتى لم يبق من تلك الشعارات البراقة التي أطلقها الحزب لعدة سنين خلت سوى ألفاظها المفرغة من معانيها والاجدر بالحزبين الحليفين أن يعقدا مٶتمرا استثنائيا و يحثان کلا من جنوب اليمن و جنوب السودان على الاحتکام لمنطق الاعتدال و التمسك بثوابت وحدة التراب الوطني کما يحدث في شمال العراق، والعدول عن الانفصال.


جنوب يمني و جنوب سوداني، يسيران بخطى ثابتة نحو الانفصال و شمال کوردي يوغل أکثر فأکثر في الاندماج مع العراق حتى أن معظم القرائن و الادلة تقود الى أن مسألة الدولة الکوردية التي شغل بها الحزبان الرئيسيان عقول الشعب الکوردي لم تکن أکثر من quot;حلم مستحيلquot;کما صور ذلك الرئيس طالباني في تصريحات له للصحافة الترکية، وان وحدة التراب العراقي هو أمر فوق کل الاعتبارات الاخرى ومن هنا فإن إقليم کوردستان ومن خلال قائديه الرشيدين قد حسم أمره بالاندماج النهائي مع العراق.