ماهو الزعيم؟ وهل هو ضرورة لابد منها لکل أمة او شعب؟ هل ان الامور و المصالح تصاب بحالة من الشلل من دون زعيم؟ هذه الاسئلة و مثيلات کثر لها، تطرح نفسها ونحن في زمن باتت التجارب و الاختراعات و الاکتشافات العلمية تحقق إنجازات و مکاسب استثنائية بحيث وصل الامر الى حد ليس التشکيك بنظرية الخلق و الخالق وانما حتى حصرها في زاوية ضيقة جدا کي تدافع عن نفسها باستماتة بعد أن کانت و الى زمن قريب في موقع الهجوم، في هذا الزمن الذي تحول العالم فيه الى قرية صغيرة وباتت النظم الدکتاتورية و الشمولية تسعى بمختلف السبل و الوسائل لإضفاء مساحيقquot;الديمقراطية التمويهيةquot;على وجهها الکريه و تسعى لتنقية و تلطيف أنفاسها العفنة من خلال قنوات و وسائل إعلاميةquot;موجهة بطرق خاصةquot;، مازالت ظاهرة الزعيم في أغلب البلدان الشرقية تفرض نفسها کخيار لامناص من القبول به، وحتى لو أن الزعيم مات او توفي لأي سبب کان، فإن ظله او إمتداده(العائلوي) يقفز على الدستور وعلى کل القوانين المعمولة بها في البلدquot;فيما لو کان هناك نوع من التعارضquot;، وتفرض الرئيس quot;الخليفةquot; کأمر واقع على الجميع، و تحاك کالعادة مختلف الاساطير و القصص الوردية عن الخير و البرکة اللذين سينعمان به الشعب في ظل حکمه الوارف المديد.


الزعيم، أو القائد الاسطوري الذي يقود الامة او الشعب بحنکة و دراية و إرادة فولاذية فذة، کلمة تجلت في زعماء و قادة عظام کغاندي و تيتو و شارل ديغول ومن کان على شاکلتهم، لئن حفلت العقود الاولى من الالفية الماضية بزعماء کبار ترکوا آثار بصماتهم على تأريخ شعوبهم و العالم، فإن بدايات الالفية اواخر و بدايات الالفية الثالثة بعد الميلاد تکاد تکون خالية او شبه مقفرة من تواجد زعيم بالمعنى الحرفي و الواقعي للکلمة، بل وان معظم اولئك الساسة و قادة و رٶساء الاحزاب و الطوائف و ماشابه، ماخلا الدالاي لاما، لم يکونوا إلا شخصيات عادية و نمطية لم ترقى الى مستوى مثالي يمنحها شيئا من البعد الاسطوري، بل وان معظم اولئك الذين لمعت اسمائهم بتأثير من آبائهم، لم يتمکنوا في النهاية أبدا ان يکونوا ولو بمستوى مقارب لما کان عليه آبائهم وانما ظلوا(يرضعون)من تراث و ماضي آبائهم من دون أن يأتوا بأي جديد في تراث الزعامة غير إجترار تأريخ و مجد الراحلين!


البحث عن الزعيم الاسطورة، هو في واقع الامر مسألة ارتبطت بمرحلة زمنية محددة إنعدمت فيها الکثير من المقومات و السبل الاساسية لتوعية و إستنهاض همم الامم و الشعوب، لکن، وفي ظل التحولات الکبيرة التي جرت و تجري في العالم، و صارت للدساتير و القوانين و النظم الاساسية و مبادئ الديمقراطية و حقوق الانسان، کلمة الفصل، فإن الحاجة لزعيم بالصيغة السابقة قد إنتفت نهائيا بل وان وجودها او فرضها قد صار عائقا او حجر عثرة في طريق تحرر و تقدم الشعوب.