في الشرق الأوسط حالة شاملة من الهرجلة و الفوضى الناجمة عن إزدحام الملفات و الأجندات التخريبية لأمن وسلام المنطقة و شعوبها ألأهلي و الإجتماعي، فما حدث من أحداث ذات دلالات وأهداف معينة في مملكة البحرين و من ثم محاولات خلق و إحياء الفتنة الطائفية في الكويت التي أريد لها أن تتجاوز الكويت لتشمل حزام الأزمات المحيط بها جميعها صور علنية واضحة تحدد شكل وطبيعة المأزق الذي يراد جر شعوب المنطقة إليه، وهو ملف يقف خلف كل تفاصيله النظام الإيراني الذي تحول اليوم بفعل تخادمات المرحلة الماضية و الإستفادة من أخطاء السياسة الغربية والأمريكية تحديدا في المنطقة لمركز إستقطاب ودعم وحشد و تجميع أدوات اللعبة الطائفية المريضة و المشبوهة و التي شهدت أبشع صورها التدميرية و الظلامية في العراق المبتلي بأمراضها و بأمراض بقايا الفاشية المضمحلة و الإحتلال الأجنبي وفوضى الصراعات الداخلية و تسلط ألأحزاب الدينية المتخلفة و الجماعات الظلامية التي تعتبر الخزين الأساس والإحتياطي الستراتيجي الحقيقي للمشروع التخريبي الإيراني في المنطقة العربية وعموم الشرق ألأوسط، فالجماعات الظلامية المتخلفة أفرزت حالات غير مسبوقة من الدمار الداخلي إتصحت صورتها في الساحتين العراقية و اللبنانية على وجه الخصوص دون تجاهل الجماعات التخريبية التي تحاول التسلل في دول الخليج العربي وغالبيتها كما هو معلوم وموثق ذات ولاءات و تخادمات و مرجعيات إيرانية واضحة لا تخطيء العين الخبيرة تشخيصها، فمحاولات إختراق الإقليم الخليجي والمحيط العربي من خلال إحياء روايات وأحداث وزمن الفتنة المندرس قد بات اليوم من حقائق صور المشهد الخلفي للصراعات الآيديولوجية ومن مستلزمات وأدوات عملية إدارة الصراع الإقليمي الشرس، فالأزمة السياسية العنيفة التي نجمت عن الإنتخابات العراقية الأخيرة قبل ثمانية شهور مضت وحيث فشلت الأحزاب و النخب السياسية العراقية في التوصل لتشكيل حكومة بشكل ينسجم مع النتائج الإنتخابية المتداخلة والمعقدة والغريبة قد أدت في النهاية لتلاشي وتحلل مفهوم وإحتمال قيام دولة وطنية ناجحة في العراق؟ بل أن تواصل الفشل وإستمراريته قد أفرز عن إظهار حقيقة فشل النخب والأحزاب العراقية وغالبيتها ذات آيديولوجية طائفية مفلسة وبما أدى ذلك لإنعكاسات قوية ومباشرة على ملفات السياسة والأمن الذي إنهارت ركائزه فيما أفرز الصراع السياسي عن تبلور وتعاظم الدور العلني لقوة النظام الإيراني الكبيرة والكاسحة في السياسة العراقية وحيث إستطاع هذا النظام من فرض منطقه الأمني وأجندته السياسية وبات يمتلك ( حق النقض أو الفيتو ) في تشكيل الحكومة في بغداد أو عرقلتها، بل أن الإيرانيين قد نجحوا نجاحا ملفتا للنظر في قلب التحالفات وتغيير الصورة النمطية المعروفة لحلفاءهم في العراق! وتمكنوا من ( جمع راسين في الحرام )!! من خلال إذابة الجليد بين مجموعة مقتدى الصدر والتيارات المنشقة عنه من جهة وبين حزب الدعوة بقيادة نوري المالكي وحيث تحول ( الصدريون ) لدعاة رغم العداء المعلن السابق بين الطرفين!

ولكن الإرادة الإيرانية وحدها من نجحت في تعبيد الطريق لحكومة مالكية ثانية وإناطة ملف الأمور الأمنية الداخلية بقياداتهم في الحكومة المقبلة!! وهي عملية إختراق ستراتيجي إيرانية غير مسبوقة للحالة الإقليمية وبشكل يتوافق مع حملة هجومية شرسة يقوم بها أكبر حزب موالي للسياسة الإيرانية في الشرق الأوسط وهو حزب الله اللبناني بقاعدته الإستخبارية الهائلة وأدواته المالية التي توفرها له شبكة من كبار رجال الأعمال العرب وبعضهم من العراقيين وحيث تمتد نشاطاتهم من أميركا اللاتينية وجنوب إفريقيا وحتى شرق آسيا مرورا بمنطقة الخليج العربي وحيث لحزب الله اليوم قواعد مؤسسية ومالية وإستخبارية عملاقة و متنفذة نافذة ومؤثرة للغاية تجاور القواعد ألأمريكية!!!! ( والحر تكفيه الإشارة )!!

والدور الخطير لحزب الله يتمثل اليوم بفاعليته في تعكير و تكسيح الأوضاع الإقليمية قخياراته البلطجية والتهديدية في لبنان بشأن موضوع المحكمة الدولية هي أمر يهدد بجولة دموية عنيفة في لبنان وبضرب عملية السلام الأهلي اللبناني الهش في العمق، فسلاح حزب الله بعد إبتعاده عن جبهة الجنوب بات موجها بشكل واضح اليوم لتكريس المصالح السورية والإيرانية! وهي مصالح تحالفية راسخة لا تنفصم عراها إلا من خلال تغيير المشهد الستراتيجي في الشرق الأوسط، فمساحة الدور الإيراني الممتد من كابول والمار ببغداد والمحتوي لدمشق والمسيطر على إيقاعات بيروت وصولا لتفاعلات غزة!!

هي مساحة تتحكم بشكل وأدوات وطبيعة الصراع الإقليمي الذي أفرز حفنة من الشقاوات تحاول تجيير شؤون وهموم مستقبل شعوب المنطقة لصالح الخيارات الإيرانية، فحزب الله اللبناني والعصابات الصدرية في العراق وخلايا النظام الإيراني السرية في الخليج العربي التي أظهرت أسنانها في أكثر من موقف جميعها أدوات حرب حقيقية تؤمن للمشروع الإيراني التعطية المناسبة لتحقيق المصالح وإستثمار الظروف وزرع بذور التخريب وزعزعة الأوضاع من الداخل العربي، ونمو تأثير هذه الجماعات قد أضحى للأسف من الظواهر المعاشة وحيث باتت طهران تتحكم بتفاصيل عملية التخادم السياسي وتحريك الملفات وإشعال الأزمات أو إطفائها!!

وهو دور لم يكن الإيرانيون يحلمون به قط ولكنه قد تحقق واقعيا !!، فمن ( قم ) و ( طهران ) ومن كواليس المخابرات السورية في دمشق تتحرك اليوم بيادق الفتنة ورؤوسها المعروفة في أكبر تجمع وحلف للبلطجية و الشقاوات في التاريخ الحديث؟.. ومن تلك البؤر بالذات سترسم معالم مشاهد الصراع الإقليمي المقبل؟ وهي حالة غير مسبوقة في عملية إدارة الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط؟... فهل سينجح ( حلف البلطجية الشرق أوسطي ) في تحقيق أهدافه؟ أم أن كل مانراه حاليا لا يعدو سوى أن يكون صورة تمويهية لمتغيرات كبرى ستضرب المنطقة قريبا؟ الشيء المؤكد هو أن البلطجية لا يصنعون التاريخ أبدا لكونهم شهود زور في أحداثه الكبرى!

[email protected]