يقول العراقيون في ما يشبه الامثال او الحكمة للمتورطين او المخطئين، ان العودة من نصف الطريق تقلل الخسائر او ربما ترفع الإثم والذنب او كما يأتي المثل نصا ( الراجع من نصف الطريق لا يندم )؟.

وهذه ليست دعوة للرجوع بقدر ما هي تصحيح لمسار ابتدأ بعناصر وضعت في اماكن ومحطات لا تصلح لها، بل ربما ستكون سببا في تدهور المسيرة برمتها، خصوصا اذا ما ادركنا إن ما انتجته تلك العناصر خلال ستة اشهر من توليها مواقعها في مجلس النواب، وما انتجته ذات العناصر واشباهها في الدورة الاولى من خراب ويباب للعباد والبلاد!

وقد نبهنا في عدة مقالات عن هذه العناصر التي تعمل من اجل ان تتبؤ تلك المناصب لتتمكن من تعطيل حركة البلاد باتجاه التغيير الجذري لنمط الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وها هي تفعل فعلتها في اشاعة الشلل والانكماش والتقهقر وتأخير تشكيل حكومة وطنية لقيادة البلاد في هذه المرحلة المهمة من تاريخها، لتغطية اهدافها ومآربها الشخصية او العامة في الفساد والافساد سياسيا واقتصاديا واداريا، ضاربة عرض الحائط ما يجري في البلاد من مآسي فقدان الامن والسلام وتقهقر الخدمات بشكل كبير مما خلق اجواء وشعورا خطيرا بالاحباط واليأس خلال السنوات المنصرمة، حيث نجحت تلك القوى المتخلفة والانتهازية من الاندساس في الجسد السياسي العراقي الذي بدأ يتبلور على خلفية تختلف جذريا على ما كان عليه خلال العقود الطويلة الماضية من عمر الدولة العراقية.

وازاء ما يحدث منذ انتهاء الانتخابات واعلان نتائجها وما يحصل من استحواذ على المال العام تحت غطاء الادارة المؤقتة في الحكومة او الجلسة المفتوحة في مجلس النواب وما يرافق ذلك من تدهور مريب للوضع الامني وانهيار شبه كامل للخدمات الحياتية المهمة للمواطن والاهالي، نرى ان اعادة الانتخابات رغم صعوبتها الا انها ربما تكون عملية جراحية لتطهير الجسد السياسي العراقي من كثير من الدرنات والانتانات الملتهبة هنا وهناك ومحاولة جدية لبث الروح في جسد العملية السياسية التي باتت تتخبط بل تنحسر لصالح تلك القوى التي اخترقت صفوفها.

ان افواجا من الفاسدين والمفسدين لا يمكن أن تسمح باحداث تغيير في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية العراقية بعد ان نجحت في اختراق كثير من المؤسسات التي تدعي انها ستنجز ذلك التغيير او التحديث، وعليه فان حل مجلس النواب واعادة الانتخابات ربما ستختزل مساحة الفساد والفاسدين وتمنح العناصر الخيرة والكفوءة خصوصا وقد ادركت قطاعات مهمة من الاهالي حقيقة كثير من المرشحين او المتهالكين على مناصب الدولة ومكاسبها في ضل غياب كبير لأجهزة النزاهة والمراقبة والمسائلة، بل ان وعيا جماهيريا مهما يتبلور الآن مع اشتداد هذا الصراع المقيت على السلطة والمال العام، وقد ادركت تلك القطاعات ان ديدن هذا الصراع ليس له علاقة بمصالح البلاد العليا او ثوابت وحاجات المواطن والاهالي في المدن والارياف، بقدر تعلقه باجندات حزبية او فئوية او خارجية لا تخدم بأي شكل من الاشكال تلك المصالح والثوابت.