quot;تنبثق حضارة جديدة في حياتنا، وفي کل مکان يحاول رجال فاقدو البصر و البصيرة أن يوقفوا بزوغها. تجيئنا هذه الحضارة الجديدة بأساليب عائلية جديدة، و أساليب مختلفة لمزاولة العمل و الحب و الحياة، کما تجيئنا بإقتصاديات جديدة، و صراعات سياسية جديدة، و فوق کل هذا: تجيئنا بوعي مختلفquot;، هذا الکلام لآلفن توفلر في کتابه(بناء حضارة جديدة)، لفت إنتباهي وأنا أتابع عن کثب ماجرى و يجري على طول و عرض الساحة السياسية العراقية من أخذ و رد و مشاحنات و تجاذبات و تحالفات و مناورات و فذلکات و أمور قد تکون خاصة او بکلمة أدقquot;براءة أختراعquot;خاصة بالساحة العراقية دون غيرها بخصوص العمل من أجل العراق الجديد و مرحلة جديدة من التأريخ العراقي المعاصر و الوعي السياسي الجديد المتمخض عنه.


الحديث عن عراق جديد، و أوضاع جديدة، و عهد جديد، حديث ذو شجون تم تسويقه الى الشعب العراقي بشکل خاص و شعوب المنطقة بشکل عام، هذاquot;الجديدquot; الذي تتوق النفوس دوما إليه، والذي کانت قد تحرقت إليه و الى إطلالته الجماهير العراقية من کافة الاعراق و الاديان و الطوائف، کان جديدا لکن ذو طابع خاص و مميز لايمکن أبدا سحبه على أية ساحة او واقع سياسي آخر غير العراق، جديد لکن بنکهة القديم، جديد ليس في مضمونه و لاشکله و لاطروحاته، وانما فقط في الوجوه الکلام، الکلام الموجه و المنمق أيما تنميق من أجل القفز على حقيقة و ماهية الجديد، أما الوجوه، فهي ذات الوجوه التي تطل على الشعب العراقي منذ مصادرة الحکم الملکي الدستوري في ١٤ تموز عام ١٩٥٨، لکن باسماء مختلفة، وعندما تتمعن و تدقق النظر على الارض، لاتجد هنالك أي جديد بالمعنى الواقعي للکلمة، فکله دثار قديم موشح بألوان براقة تسعى للتغطية و التمويه على الاساس الحقيقي.


العراق الجديد، و مايشاع عن التأسيس لمرحلة جديدة في تأريخه المعاصر حيث تکون الرکائز الاساسية لها معتمدة بشکل مباشر على الديمقراطية و حقوق الانسان و إشاعة الحريات الاساسية، تم الترکيز و التعويل بشکل إستثنائي على مسألة الديمقراطية واتفقت مختلف الفصائل العراقية على أن عهد الاستبداد و الدکتاتورية و الاستئثار بالسلطة قد ولى الى غير رجعة، لکن، وبعد الانتخابات السابقة و ماتمخضت عنها من نتائج غير متوقعة بفوز القائمة العراقية و ذلك النکوص المفاجئ الذي لحق بقائمة دولة القانون، وتلك المواقف و الاصطفافات السياسية التي رافقتها والتي أرست وللمرة الاولى في تأريخ الديمقراطية التأسيس لإسناد مقاليد السلطة للمهزوم عوضا الفائز، وبهذه الصورة المشوهة و الممسوخة سعى ساسة العراق للتأکيد للشعب العراقي و شعوب المنطقة و العالم على الماهيةquot;الجديدةquot;لمرحلة مابعد صدام حسين، فأي وعي سياسي جديد هذا الذي يتراجع او ينتابه الخلل لأن المهزوم غير راض بالنتائج و في النهاية تسير الامور کلها وفق مزاجه!!


مرة أخرى يعود السيد نوري المالکي لمنصب رئيس الوزراء، وکما يعود في الوقت نفسه السيد جلال الطالباني لمنصب رئيس الجمهورية بعد مفاوضات مضنية إنتهت بإتفاقquot;جديدquot;على تقسيمquot;قديمquot;للسلطة ووفق قاعدة(وبعد جهد جهيد فسر الماء بالماء)، دشنت الفصائل و الاطراف و الشخصيات السياسية العراقية لمرحلة جديدة قديمة لکن من دون أن يکون هناك(مات الملك، عاش الملك) او حتى مضى الملك لشأن خاص، ذلك ان هذا الشعار في العراق الجديد قد تمت صياغته وفق اسلوب جديد هو:(عاش الملك، باق الملك)!