منذ انطلاق الحرب على الإرهاب التي أعقبت تفجيرات نيويورك في 11 أيلول 2001 وتكتيكات هذه الحرب تأخذ أشكال شتى من كلا الطرفين الإرهابيين والمجتمع الدولي ففيما يتعلق بالإرهابيين فقد تنوعت تكتيكاتهم تبعا للزمان والمكان واتخذت صورا وأشكال شتى كالقتل الطائفي وضرب المصالح الأجنبية في المنطقة وفي خارجها واستهداف السواح الأجانب وضرب الأقليات الدينية ورفض مظاهر العصرنة والحداثة.. الخ مع استخدام أساليب تنسجم مع واقع الإرهابيين وظروفهم والأهداف التي يتوقون إلى تحقيقها من خلال عملياتهم الإرهابية فكانت هناك أساليب متنوعة كالذبح و التفخيخ والهجوم الانتحاري الذي قد يستخدم فيه الأطفال أو النساء أو حتى المجانين والمعاقين في بعض الأحيان كما حصل في العراق على سبيل المثال وكان الهدف في الغالب قتل اكبر عدد من الناس بغض النظر عن الجنس أو العمر أو الموقع الاجتماعي والوظيفي أما المجتمع الدولي فقد اتخذت مواجهته للإرهاب أشكال شتى وتكتيكات مختلفة أيضا استندت في الغالب إلى صيغ من العمل الاستخباري والميداني ولكن رغم الجهود التي بذلت وتبذل من اجل قهر الإرهاب مازال الطريق بعيدا لتحقيق هذا الهدف بسبب صعوبات شتى من بينها صعوبات لوجستية وسياسية.

لقد وصل الإرهاب إلى الحد الذي أصبح فيه يشكل خطرا على الجميع ليس للغرب الذي يسعى للحفاظ على تفوقه وتطوره المدني وحسب بل ومنطقتنا التي مازالت ترنوا بعين آملة إلى الرقي والتطور المفقود فقد سبب الإرهاب عودة التيارات ذات الصبغة الدينية المتطرفة أو ذات المنحى الطائفي الذي يمقت الآخر و يتبع مختلف الحجج لإلغائه ما يجعلها من اكبر التيارات التي تهدد استقرار وتطور المجتمع المدني.

ومع أن منطقتنا مهددة بالإرهاب مثل الغرب تماما إلا أنها لم تساهم جديا في الحرب ضده ربما لأنها لم تدركه خطره بعد أو لأنها لا تعده تهديدا رئيسيا لها لكونها دول كراسي ومكاسب لا دول مجتمعات ومؤسسات وقد لا تجد هذه الدول في الإرهاب عدوا مباشرا لها وقد لا تجد دافعا لمواجهته إلا من منطلق درء الشبهات وتطمين المخاوف وبالتالي لا تصل مواجهة الإرهاب إلى النتيجة المرجوة لان اليد الواحدة لا تصفق.

إن مواجهة الإرهاب بقدر ما تمثل ضرورة وحاجة فهي واجب أخلاقي أيضا لا سيما بالنسبة لنا لان الإرهاب قد عكس صورة سيئة لنا لدى الغرب ولم يعد بإمكاننا أن نتجاهل هذا التشويه الذي يمارسه الإرهاب بحقنا وبالتالي علينا أن نشارك جديا في هذه الحرب من خلال تجنيد شتى الوسائل والإمكانيات لدعم الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب بما في ذلك الإمكانيات ذات الطابع المؤسسي أو الشعبي فبإمكان مؤسسات كالتربية والإعلام ممارسة دور فاعل في هذا المجال حتى تكون المواجهة اشمل وأوسع ورغم أن هذه المؤسسات تعد أداتا من أدوات المجتمع وسبلا من سبله إلا أن للمجتمع دوره أيضا فهو المعني أكثر بهذه المواجهة ومن واجبه أن يكون حاضرا فيها بقوة.

إنني اقترح اختيار يوم لجعله يوم للبراءة من الإرهاب يتوافق مع إحدى المناسبات التي لها علاقة بالإرهاب كحادثة كنيسة سفينة النجاة أو احد أيام بغداد الدامية أو حدثا من الإحداث العالمية الكبيرة كتفجيرات نيويورك أو بالي أو أي حدث أخر المهم أن يغدو فعالية سنوية تعبر فيها شعوب منطقتنا عن براءتها من الإرهاب لتكون هذه الفعالية بمثابة رسالتنا إلى عموم المجتمع الدولي نبين فيها بأننا سنكون معهم بالقول وبالفعل حتى يغدو الإرهاب جزء من الماضي ولنعلم الإرهابيين بمختلف عناوينهم إننا لن نالوا جهدا عن مواجهتهم وسيبقون دائما أعدائنا الحقيقيين.

إذن لنخرج جميعا ولنعلن براءتنا من الإرهاب فهذا واجبنا بل سبيلنا للحياة دعونا نفعل ذلك أرجوكم...