في كافة مراحل العلم وفي جميع الأختراعات الكبرى العظيمة مثل أختراعات : الهاتف والطائرة والسيارة والتلفزيون والكومبيوتر والأنترنت وغيرها.. لم نشاهد خروج تظاهرات حاشدة تحتفل في الشوارع والبيوت بهذه المناسبة التي غيرت وجه الحياة والحضارة ونمط عيش الانسان.

بينما مجرد فوز فريق لكرة القدم في أبسط بطولة.. نشاهد الأعداد الضخمة من الناس تخرج محتفلة تغني وترقص وتطلق، وتظل مناسبة الفوز حديث المجتمع لأيام طويلة، وتعد انجازا بطوليا وطنيا جسد ارادة الشعب وكرامته وأعلى من شأنه في الميادين الدولية، حيث تتحول كرامة الوطن وسمعته أسيرة وسجينة بأقدام لاعبي كرة القدم!

لاحظوا الانحطاط الفكري والحضاري دائما لدى - أكثرية - أبناء المجتمعات في كافة الشعوب، فالأكثرية هم الغوغاء الذين يتصفون بتدني مستوياتهم الفكرية والثقافية والحضارية، وضعف الشعور بالمسؤولية نحو الجماعة وادراك أهمية ترتيب الأولويات الضرورية، ولعل هذه النقطة تقودنا الى خطورة التصويت الديمقراطي من قبل الأكثرية الجاهلة المتخلفة التي قد تنتخب أي شخصية غير جديرة وليست مؤهلة ولكنها تنتخبها لأسباب عاطفية، اذ بأمكان أي مطرب أو راقصة أو لاعب كرة القدم ان يفوز في الأنتخابات والصعود الى أرفع المناصب، بل ان أي لاعب أو فنان يستطيع هزيمة أكبر سياسي مثقف ووطني شر هزيمة في الأنتخابات في كل مكان من دول العالم!

خطير جدا هذا الجنون بكرة القدم واحتلالها صدارة مشهد الأحداث، والاخطر ان يصبح لاعب كرة القدم الذي هو عبارة عن شخص ابن شوارع فاشل في دراسته، وجاهل في كل شيء.. ان يصبح رمزا وقدوة للشباب الذين يحلمون بالوصول الى مستوى شهرته وكسب ملايين الدولارات، وهذه الشهرة والأضواء وملايين الدولارات التي يحصل عليها اللاعب.. ستكون ضربة قاسية لصميم أسس المجتمع أذ ستسبب خللا كبيرا في موازين القيم والأعتبارات وترتيب الأولويات بحيث يصبح شاب مراهق يلعب كرة القدم أشهر واغنى من أكبر علماء العالم !

وجزء من الترويج لهذا الإفساد للشباب والعبث واهدار الاموال والوقت... من يساهم به هي أجهزة الأعلام التي تلاحق اخبار كرة القدم وتبرزها في جميع الاوقات، وتقوم بتكريسها في اذهان القراء والمشاهدين، أما الجزء الآخر يتحمله مافيات المراهنات وشركات الأعلانات والشركات التجارية.

ترى من يعرف توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي الذي أضاء ظلمات الحياة مثل ما يعرف ملايين الناس إسم لاعب مراهق مثل : ميسي؟!

[email protected]