لم يكن أمراً مستغرباً، في ظل هذا الجو المشحون بالعداء والبغضاء ضد الشعب الكردي، ان يلجأ أحد الفاشيين الأتراك إلى الإعتداء على أحمد ترك رئيس حزب المجتمع الديمقراطي الذي حظرته المحكمة الدستورية التركية، السياسي المخضرم وأحد رموز النضال في كردستان الشمالية. وقد بثت وكالات الأنباء مشهد اعتداء شاب في 27 من العمر على ترك في مدينة quot;سامسونquot; الواقعة على البحر الأسود، مما أدى إلى اصابة ترك بجروح في الأنف والفم.

الإعتداء يأتي في ظل الشحن والتحريض المستمر ضد الكرد في تركيا. فقبل الإعتداء الآثم بيومين اقدم فاشيون أتراك على اغتيال ابن شقيقة ترك، وقبل ذلك قتلوا متين آتالاش الصحفي العامل في صحيفة ( Azadiya Welat)، كما قتلت الشرطة التركية 3 أطفال كرد في الشهرين الماضيين. هناك اذن حملة تعبئة شاملة تقوم عليها وسائل الاعلام التركية الرسمية والمعارضة هدفها تخوين الكرد وطبعهم بquot;الإرهابquot; لشرعنة الجرائم والقتل بحقهم.

الشاب العنصري، الذي حولته الايديولوجيا الرسمية الى مسخ شوفيني فقد آدميته، قال بانه رد على احمد ترك لأنه quot;يكره حزب العمال الكردستاني ولايريد أن يرى تركيا مقسمةquot;. وبعض وسائل الإعلام التركية سارعت في شرح quot;الحالة النفسيةquot; للمعتدي وتصوير الأمر وكأن هجومه جاء كرد فعل طبيعي على quot;إرهاب الكردستاني ودفاع أحمد ترك المتكرر عنهquot;. وقليلون هم الذين تحدثوا عن كيفية اختراق المعتدي لصفوف الشرطة وتمكنه من الوصول الى ترك( وهو الشيخ السبعيني العليل) والاعتداء الجسدي عليه. ولو كان هذا المجرم يمتلك سلاحاً لتسنى له اغتيال ترك، كما اغتال مجرم شوفيني آخر الصحفي الأرمني هيرانت دينك منذ 4 اعوام.

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الموجود في العاصمة الأميركية واشنطن الآن، اتصل بترك وابلغه ادانته لحادثة الإعتداء واعداً بالتحقيق فيها. أردوغان الذي التقى عددأ من المسؤولين الأميركان طالبهم مجدداً بالتحرك العسكري ضد قوات حزب العمال الكردستاني، رافضا كل مشاريع الحل والتسوية ومصراً على الحرب والمواجهة.

حزب العمال الكردستاني، وفي بيان رسمي، ادان الإعتداء وإعتبره موجهاً لعموم الشعب الكردي وليس لشخص ترك فقط. كما وصف البيان السياسي أحمد ترك بquot;ممثل الشعب الكرديquot;، مشيدا بمواقفه ونضاله الطويل، ومتوعدأ ذهنية الإقصاء التي ساهمت في الاعتداء عليه بالعقاب.

السياسي المخضرم احمد ترك معروف بالإعتدال والوسطية بين أبناء الشعب الكردي، ودأب دائماً على طرح السلام والحل الديمقراطي كأساس لإنهاء حالة الحرب الأهلية الناشبة بين الكرد والدولة التركية. ترك قال ذات مرة quot; نحن مستعدون لأن نغفر لقتلة 17 ألف مواطن كردي بريء إذا كان الثمن هو السلام ووقف اراقة الدماءquot;. والرئيس الأميركي الاميركي باراك أوباما اشاد بترك حينما التقاه في انقرة، وقال بالحرفquot; هذه هي المرة الاولى التي التقي فيها مسؤولاً عن أكراد تركياquot;.

حكومة حزب العدالة والتنمية وعوض أن تحاور شخصاً كترك عملت على حظر حزبه واقصاءه وحرمانه من العمل السياسي لمدة 5 اعوام. وهاي هي تتقاعس في حمايته وتمهد للإعتداء الجسدي عليه. وقد فعلت الحكومة نفس الشيء مع الزعيم الكردي الأسير عبدالله أوجلان حينما شددت من حالة العزلة عليه وحاولت تسميمه وحرضت بعض العناصر في سجن جزيرة quot; إيمراليquot; للإعتداء الجسدي عليه، فضلاً عن وضع يدها على مشروع quot; خارطة الطريقquot; الذي كتبه أوجلان في 160 صفحة كأساس لحل القضية الكردية وإنهاء النزاع في تركيا. حزب العدالة والتنمية ماض في المواجهة غير آبه بالعواقب الوخيمة التي تنتظر تركيا نتيجة ردة الفعل الكردية على حالة الظلم والقمع والتقتيل...

التظاهرات عمت مدن وولايات كردستان الشمالية اثر مشاهدة الكرد لأحد قادتهم وهو يتعرض للإعتداء والإهانة في المناطق التركية الداخلية. لكن الأرجح ان الرد الكردي لن يقتصر على التظاهر والإحتجاج هذه المرة.


[email protected]