الصراع الداخلي العراقي الحاد الذي أعقب الإنتخابات الأخيرة أوائل الشهر الماضي و تشبث حكومة حزب الدعوة بالسلطة ومحاولتها الإلتفاف على نتائجها بمعونة شلة الإنتهازية و الطائفية المعروفة، وتصاعد سيناريوهات الرعب الإرهابية التي تهدد بعودة ساخنة للحرب الأهلية العراقية الطائفية المرعبة، جميعها مخلفات مرعبة لواقع شقاق و صراع عراقي داخلي عقيم ستتعاظم نتائجه و مؤثراته مع قرب التنفيذ الأميركي لسحب أكثر من نصف قواتها العاملة في العراق خلال الشهور الأربعة القادمة في ظل عجز أمني واضح وتمدد و إنتشار إيراني ملموس، وتوتر دولي و إقليمي ينذر بشر مستطير بشأن التصعيد في موضوع الملف النووي الإيراني على صعيد الأمن و السلام في منطقة الخليج العربي، فالسياسة الإيرانية المتهورة و التصريحات غير المسؤولة لرئيس النظام الإيراني و أساليب المناكفة المراهقة لإدارة ألأزمات للدولة الإيرانية جميعها عوامل تصب في مصلحة تصعيد التوتر خصوصا تلكم التصريحات التي تضخم من القوة العسكرية للنظام الإيراني التي تتشابه في طبيعتها الخرافية مع التصريحات التي كان يطلقها النظام العراقي السابق و أوهام قوته المبالغ بها و التي دفع ثمنها العراق و شعبه و لا زال حتى اليوم يدفع فواتيرها الثقيلة و المكلفة، و ألزمة الداخلية العراقية دخلت اليوم في طور جديد بعد إلتفاف الأحزاب الطائفية على نتائج الإنتخابات الأخيرة و الفشل السياسي العراقي في الخروج بحل يضمن تشكيل حكومة عراقية وطنية فاعلة تبعد البلد و الشعب عن سيناريوهات الخرافة و الدمار التي تنتهجها الأحزاب الطائفية المريضة ببرامجها التعبانة و بأساليبها المتخلفة و بتبعيتها الواضحة للنظام الإيراني وهي تبعية ليست تهمة بقدر ماهي حقيقة آيديولوجية لا يمكن الفكاك من تبعاتها، لقد تنادت تلكم الأحزاب و التجمعات الطائفية لإفشال العملية الإنتخابية من خلال المناورات الحزبية و مفاوضات تشكيل الكتل و التحايل على الناخب العراقي كما فعل التيار الصدري حينما إفتعل إستفتاء خاص هو بمثابة المهزلة القانونية و الدستورية و أختاروا مرشحهم عن طريق إمتزاج رأي ناخبيهم بطريقة غير قانونية و الذي إستقر على السياسي و المنشق عن حزب الدعوة و رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري!!

وهو إختيار ينم عن بؤس شديد و إحتقار حقيقي للمواطن العراقي، ثم بدأ موسم الزيارات الخارجية لدول الجوار وهي زيارات لا تسمن أو تغني من جوع و لا تحل أزمة، فالحل ينبغي أن يكون داخليا عبر إحترام إرادة الناخب العراقي وهو الأمر الذي لم يحصل بسبب تشبث حزب الدعوة و زعيمه المالكي بالسلطة و إلتفاف جميع ألأطراف على حق القائمة العراقية الفائزة في تشكيل الحكومة يضاف لذلك مناورات الأحزاب الكردية التي تهدف لإنتزاع تنازلات مهمة في موضوع عائدية مدينة كركوك و تطبيق المادة 140 الملغومة من الدستور، إضافة لذلك حرص جلال طالباني الشديد على التمديد لرئاسته رغم ظروفه الصحية المتردية وصعوبة حركته الواضحة التي تلقي ظلالها على أدائه، ويبدو أن الهدف من التمديد متعلق بمحاولات ( لبننة ) العراق من خلال ( تكريد ) منصب الرئاسة و( تشييع ) منصب رئاسة الوزارة و ( تسنين ) رئاسة البرلمان!! وفرض التحاصص الطائفي و العرقي في المناصب الأخرى وفي ذلك قمة الفشل و الجهل و التخلف المقيم، كما أنه إشارة واضحة للمستقبل العراقي المجهول! و الذي يسير وفقا لأداء القوى السياسية المتخلفة حاليا نحو محطة التقسيم بلاجدال، و أعتقد أن مؤشرات الإلتفاف و التحايل على نتائج الإنتخابات و تصعيد بعض المهزومين و الفاشلين للبرلمان ضمن حصة الكراسي التعويضية هو أمر أكبر من فضيحة و يدخل ضمن دائرة المهزلة، فالشيخ المجلسي همام حمودي مثلا الذي تعرض لهزيمة إنتخابية مدوية حينما رشح نفسه في السليمانية سيكون عضوا في البرلمان المحروس الجديد رغم هزيمته!!

و تصريحات السيد عمار الحكيم الأخيرة حول عدم وجود الشخصية المناسبة لترؤس الوزارة العراقية!! تعني ضمن ما تعني مناورات واضحة لترشيح الرفيق عادل عبد المهدي المجلسي كمرشح تسوية بين المالكي و علاوي و لا يستبعد أيضا أن يدخل على خط الترشيح الرفيق باقر صولاغ المجلسي أيضا ليتحول الإئتلاف الوطني المهزوم و جماعة المجلس الأعلى المهزومة أيضا لصانع الملوك العراقي الجديد!، ويبدو أن خطط الإنسحاب الأميركي و تسليم العراق بأسره للنظام الإيراني تسير بخطى حثيثة في ظل حالة التشظي العراقية الواضحة و إستنجاد إياد علاوي بتدخل الإدارة ألأميركية لحسم الموقف و الذي لن يلقي أي صدى، فالأميركان ليسوا أبدا في وارد حل المعضلة العراقية وفك الإشتباك بين القوى الطائفية و المتخلفة التي تحكم إيقاعات الشارع السياسي العراقي إنهم في واد آخر و متناقض بالكامل وفي حالة ضياع للبوصلة، وقد علمنا التاريخ بأن الأميركان لا ينجدون الملهوف و لا يغيثون المستغيث بل يتخلون عن حلفائهم بكل سهولة، لقد أخرجوا شاه إيران الراحل من باب نفايات إحدى مستشفيات نيويورك!! لذلك فإن أدائهم في التعامل مع ماهو كائن في العراق لن يكون مختلفا بالمرة.. إنه زمن الإنسحاب الأميركي و الإنتشار الإيراني المحسوب و المخطط.. فيما يستمر العراقيون في الشقاق و النفاق حتى عودة ( غودو )... سيما و أن المهزومين قد تحولوا لصناع للملوك.

[email protected]