وضع النظام الخميني ومنذ الأيام الاولى من وصوله الى سدة الحکم، دول الخليج بشکل خاص، و الدول العربية بشکل عام، نصب عينيه من أجل أهدافه و أجندته السياسية و الايديولوجية المختلفة، ولاسيما المتعلقة منها ببناء نظام سياسي-مذهبي يجعل من نظام ولاية الفقيه القوة الاکبر و الاعظم نفوذا في المنطقة. ولم يأت تفکير نظام ولاية الفقيه بدول الخليج إعتباطا او لمجرد الصدفة، وانما لکون هذه المنطقة تعتبر شريانا حيويا للعالم مثلما يمکن إعتبارها قلب و رئة الوطن العربي، وان السيطرة عليها او التحکم بها من جانب او جوانب محددة، يمکن أن يعطي للنظام الايراني قاعدة اساسية وليس مجرد موطئ قدم يناور و يسايس و يراوغ من خلاله.

لقد کانت هنالك دوما ملفات خاصة بدول الخليج في الاوساط الامنية و الاستخبارية الايرانية سيما لدى قيادة فيلق القدس و وزارة الاطلاعات الايرانية و الاستخبارات العسکرية التابعة لوزارة الدفاع، وقد حاول النظام الايراني وعبر هذه المنافذ الامنية، تأمين مواطئ أقدام لهquot;کبدايةquot;في هذه البلدان و الانطلاق من خلالها صوب إنجاز الاهداف التي يرنو إليها.


لقد کانت المملکة العربية السعودية و لازالت تشکل هاجسا سياسيا و عقائديا خاصا لنظام ولاية الفقيه، وأدرکت بأنها ومن دون تخطي و تجاوز هذه العقبة الکبيرة أمامها فإن الجزء الاکبر من برنامجها و مخططها الامني الخاص بالمنطقة، يصبح من المتعذر إنجازه او على الاقل تحقيق جانب ملموس منه، ومن هذا المنطلق، وضع نظام الخميني ضمن أولوياته التصدي المواجهة مع المملکة العربية السعودية وتحت ذرائع و حجج متباينة کانت من أهمها السعي لتسييس شعيرة الحج و جعلها مادة للمساومة و الابتزاز، وقطعا ان الموقف الحازم الذي أتخذته السلطات المعنية في المملکة و معالجتها الحکيمة و المنطقية لذلك الموقف الغريب الصادر من جانب نظام ولاية الفقيه، دفعت الملالي الى زاوية ضيقة و حرجة، إذ أنهم و بعد أن سعوا لکي يظهروا المملکة العربية السعودية على أنها دولة ذات طابع طائفي و معادية للشيعة، فإن الطاولة إنقلبت عليهم و جعلتهم في وضع قد لايحسدون عليه، إذ أن المملکة العربية السعودية و على الرغم من کثرة الخيارات المتاحة لديها لممارسة الضغط على نظام ولاية الفقيه(من خلال الايرانيين من أهل السنة في مناطق سيستان و بلوجستان و کردستان و ترکمان صحراء و غيرها)، إلا أنها و مشيا على سياستها الخارجية التي بنيت اساسا على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للاخرين، فإنها لم تتجه إطلاقا وفق سياق سياسي أمني يتم من خلاله توظيف تلك الحالة لصالح أجندتها و اهدافها السياسية.


النظام الايراني، ومع الاخفاق المستمر الذي لاحقه في صراعه الخفي ضد المملکة العربية السعودية خصوصا بعدما تصاعد الدور السعودي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عربيا و اسلاميا و عالميا و صار له أکثر من شأن ومع الفشل و الاخفاق الذريعين اللذين لحق بهذا النظام على صعيد سعيه لإستخدام شعيرة الحج لأغراض سياسية، فإن نظام الملالي لم يتمکن من تقبل و إستساغة ذلك وانما لجأ الى مختلف السبل من أجل تضييق الخناق على المملکة العربية السعودية وجعلها على الاقل في الظل، ومن هنا، فقد حاول جاهدا الضغط و التأثير سلبا على العربية السعودية ولم يجد أمامه من سبيل سوى محاولة توظيف الورقة الطائفيةquot;کدأبه دوماquot;من خلال بعض طلاب العلوم الدينية للوصول الى غاياته، وبهذا الاتجاه، طفق يعمل بکل مافي وسعه في سبيل زرع بؤر و خلايا تئامرية مشبوهة هنا و هناك بين أخواننا من الشيعة السعوديين، ولم تکن اطروحة حزب الله السعودي الذي رادف نماذج خليجية أخرى مشابهة تهدف فيما تهدف الى زعزعة أمن و استقرار هذه الدول بشکل خاص و المنطقة بشکل عام، لکن، وعلى الرغم من الحيطة و الحذر و التکتم و السياج الاستخباري الذي ضرب على حزب الله السعودي و نشاطاته المتباينة، لکنه في نهاية الامر لم يتمکن من العمل بتلك الطريقة التي خطط لها نظام ولاية الفقيه خصوصا وان أجهزة الامن السعودية قد وقفت بالمرصاد و ضربت بيد من حديد على کل تحرك يهدف الى الاضرار بالامن و الاستقرار السعوديين، بيد أننا کمرجعية سياسية للشيعة العرب، في نفس الوقت، نحذر بشدة من النوايا الخبيثة و المبيتة لنظام الملالي حيث لانميل الى الاقتناع بأن هذا النظام سيدع المملکة العربية السعودية و شأنها وانه سوف يسلك مختلف السبل من أجل الوصول الى أهدافه العدوانية خصوصا في هذه الفترة.


لقد دعونا کمرجعية سياسية للشيعة العرب، خلال الاعوام الاربعة المنصرمة من عمر المجلس الاسلامي العربي الى الحذر من هذا النظام و احابيله و أکدنا في تصريحات و بيانات في مختلف المناسبات بأن نظام ولاية الفقيه قد وضع ضمن اولوياته إيجاد موطئ قدم له في المملکة العربية السعودية و ان الطريق الامثل لکشف أحابيل و دسائس هذا النظام يکمن في نقطتين أساسيتين هما:
1ـ يقظة الاجهزة الامنية المختصة في السعودية و إتخاذها للحيطة و الحذر اللازمتين من أجل کشف اوکار التئامر و التخريب المجندة من قبل نظام ولاية الفقيه.
2ـ توعية الاخوة الشيعة السعوديين و تحذيرهم من الافکار المنحرفة و المزاعم الباطلة التي يلجأ إليها نظام ولاية الفقيه من أجل إستغلال الورقة الشيعية في سبيل أجندته و أهدافه المريبة الخاصة.


*المرجع السياسي للشيعة العرب.