صعقتني الضجة الإعلامية التي رافقت تصريحات الإعلامي أو الشيخ محمد العريفي، والتي تحدث فيها عن نيته quot;الجادةquot; لزيارة للقدس و إعلانه عن تقديم برنامجه التلفزيوني على مقربة من المسجد الأقصى (الذي باركنا حوله).

وأنا أقرأ التعليقات على التصريح quot;الصاعقquot; بين مرحب ومعارض، عادت بي الذاكرة إلى آخر الثمنينيات الميلادية، حيث كانت تلك الفترة ملاذاً جيداً لسلسلة الأفلام الأميركية التي كان بطلها الممثل الشهير (سلفستر ستالوني) المعروف مجازاً بـ(رامبو) كانت تلك السلسلة عبارة عن أفلام تسويقية أو دعائية للجيش الأميركي وما يحمله من حب وسلام للعالم وربما كان هناك اتفاقاً ابرم مع quot;السي آي إيهquot; كخطه استباقية لما سيقدمه هذا الجيش في الخليج العربي لكي يرسخ في أذهاننا انه قادم على ظهر دباباته ليحفظ الأمن ويشيع الأمان، وأن ما في جوف هذه الدبابات موجهه لكل من حاول أو سيحاول العبث في الأراضي العربية والإسلامية الطاهرة.

صدرت لنا هوليود مجموعه من الأفلام الأسطورية تحت قياده البطل الخيالي quot;رامبوquot;، فأنتجت quot;رامبو في أفغانستانquot; و quot;رامبو في العراقquot; وربما في ما بعد quot;رامبو في إيرانquot;، فهذه الشخصية الأسطورية قادرة على حماية الوطن الأم أميركا، والوطن (المضيف في الفيلم) من أعداء الأمة، وكان يرخص الغالي والنفيس من اجل الحفاظ على الحريات ودحر الظلم بأنواعه.

كانت الشخصية تسعى إلى تحرير المعتدى عليه من قبضة المحتل، ورد حقه وكرامته، ومساعده الأبرياء، حتى أن ذاكرتي ما تزال تحتفظ بالمشهد quot;الخرافيquot; للبطل رامبو الذي كاد أن يضحي بحياته من اجل ذاك الطفل الذي وقع تحت سطوه وظلم العدو الروسي المغتصب ليدخل في حرب ضد كتيبه كاملة ويقضي عليهم جميعاً، نعم قضي عليهم كلهم، يا له من فتى أميركي شجاع!!

أتذكر عندما كنت صغيراً صفقت كثير لهذا المشهد وذهبت في اليوم التالي إلى المدرسة أضع quot;عصابةquot; على رأسي تيمناً وتشبها واقتداءً بذاك البطل الشجاع محرر الأمة ومانع الشر القادم من الشرق الادنى.

ظل رامبو البطل الأسطوري في ذاكرتي حتى اليوم رغم كل المتغيرات التي حدثت والتي ستحدث فهو مازال رمز لأمه لا تصدر إلا الخير، أمه تخطط للغد وللمستقبل، أمة تبني الإنسان، أمة تحترم بعضها البعض وتدافع عن كرامتها.

quot;العريفي في القدسquot; هذا عنوان آخر إصدارات علمائنا الأفاضل فنحن نبحث دائما عن أصداء وشعارات وبطولات مزيفه، وما استفزني في الموضوع أن البعض اعتبر تصريحات العريفي ما هي إلا إعلان للتطبيع أو نوع من أنواع التطبيع مع العدو، أي تطبيع تتحدثون عنه ومن هو quot;العريفي ليكون شكلاً من أشكال التطبيعquot; فهو لا يمثل إلا نفسه وإعلانه لزيارة القدس كإعلان أي مواطن ينوي زياره بيت الله ومهبط الوحي وارض الإسراء والمعراج والتي هي حق لكل مسلم، وما استفزني أكثر ذاك الشخص الذي تحدث باسم حماس (متحدثي منظمه حماس أكثر من عدد إفراد قطاع غزه) عن عدم مباركه حماس لهذه الزيارة، مع العلم أن هناك آلاف المسلمين يتوجهون إلى القدس فليس من حق الإسرائيليين منع احد من دخول القدس، فمن يمنع دخول المسلمين إلى القدس حكومات أوطانهم وليس إسرائيل.

مع علم العريفي نفسه أن انظمه الجوازات في السعودية تمنعه من زيارة فلسطين ليس لأنها فلسطين وإنما لأنها لا تربطها علاقات دبلوماسيه مع إسرائيل فالحكومة المسؤولة حاليا عن القدس هي إسرائيل ولأن حكومة خادم الحرمين الشريفين ترفض الممارسات الإسرائيلية في حق أخواننا الفلسطينيين فهي ترفض أي نوع من التواصل بينهما.

السؤال: كيف خطرت هذه الفكرة للإعلامي الشهير العريفي مع علمه أنها مجرد أحاديث دعائية.. نعرف عن الشيخ الجليل حبه للظهور الإعلامي خاصة انه تميز بتلك الطلة الجميلة مع حرصه على إبراز الساعة الثمينة التي يلبسها أثناء حديثه التربوي والديني وذاك المشط الذي يحتفظ به في جيبه العلوي لتهذيب لحيته بين المشهد والآخر، هل بحث عن هذه الفكرة الجهنمية من خلال مشاهدته لإحداث فيلم quot;رامبو في العراقquot;؟!..أم أنه كان يحلم بأنه سيعود بمفاتيح القدس ليضاف لأمتنا صلاح الدين آخر ليفيق من هذا الحلم ويكون على الأقل حقق انتشارا بسيطا ويترك للأمة العربية بعض التحليلات عن منعه وردعه أو انسحابه ليكون حديث أمة لا تعرف سوى ترديد الإشاعات وتصديقها.


الفرق بين الفلمين النسخة ألأمريكية الأصلية والنسخة العربية المزيفة أن الأول يخطط للمستقبل والثاني يخطط لحصد شهره رخيصه.