تتعثر سفن إيران في الإنطلاق نحو غزة. سفن لبنان ايضاً تواجه كماً من المعوقات، أولها أن الحديث عن رفع الحصار عن غزة لم يعد قابلاً للتسويق الدولي. لقد خففت إسرائيل قبضة الحصار على أهل غزة، وفتحت مصر معبر رفح. النتيجة، دولياً، ليس ثمة ما يستوجب هذا الغضب كله. ثانيها ان لبنان ملزم بتنفيذ بنود القرار 1701، وهو قرار يفرض على الجانبين: إسرائيل ولبنان، عدم استفزاز بعضهما البعض. قوات اليونفيل العاملة في لبنان حذرت الحكومة اللبنانية من مغبة الإبحار. ويبدو أن حزب الله بدأ بمراجعة حساباته. والأرجح ان هناك من يعد لوقف الإبحار مخرجاً مشرفاً. مخرج لن يكون خفيض الصوت طبعاً. حيث سيتم اتهام بعض الجهات المحلية بالعرقلة، فضلاً عن بعض الأشخاص المعنويين. في لبنان يسهل على الممانعين بلا حدود أن يدبجوا الاتهامات في حق كل من يخالفهم الرأي. لكن المعنى السياسي لكل هذا الصخب الذي أعقبه فتور، ان ثمة مؤشرات عديدة لم تعد في مصلحة منظمي وداعمي سفن رفع الحصار، أقله في اللحظة الراهنة. حيث نجحت الحكومة الإسرائيلية الحالية، رغم كل الصعوبات الداخلية والدولية التي تواجهها، في كسر العزلة الدولية التي وجدت نفسها في مواجهتها. فيما وجدت تركيا نفسها في خضم أزمة داخلية أقعدتها عن المبادرة، وخففت من اندفاعتها الصاروخية لحجز مقعد اساسي من مقاعد اي مؤتمر للسلام قد يعقد حول الشرق الأوسط.
معضلة السفن الإيرانية واللبنانية انها ليست سفناً لفك الحصار كما كانت حال quot;مرمرةquot; وquot;راشيل كوريquot;. بل هي سفن للمحاصرة، وهذا أمر بديهي بين أعداء. سفن ايران ولبنان هدفت منذ اللحظة الاولى إلى استكمال الحصار على إسرائيل، من خلال استغلال لحظة عزلة دولية إسرائيلية، والدفع نحو تعميقها. لكن ما لم يتنبه له الإيرانيون ربما واللبنانيون بالتأكيد، ان العزلة الدولية التي واجهتها إسرائيل وما زالت تهددها، هي عزلة من هو مطالب بأداء دور حاسم وأساسي في ملف الصراع العربي ndash; الإسرائيلي. وبكلام آخر، لم يكن الضغط الدولي على إسرائيل يهدف مرة إلى هزيمتها، بل إلى تجنيبها الهزائم. في حين ان الضغط الدولي الذي يمارس على إيران يهدف إلى هزيمتها. ذلك ان اندراجها دولة طيعة في المجامع الدولي ينهي تقريباً دورها كله. على أي حال، يحترف الإيرانيون والسوريون وبعض اللبنانيين هذا الدور. اي دور المشاغب على الأدوار الدولية الكبرى. وفي احترافهم هذا يصنعون دوياً إعلامياً لا مثيل له. لكن الدور السياسي المفترض الذي يدعون أنهم يمارسونه في حاجة إلى الف برهان وبرهان.
الفارق الهائل الاتساع بين إسرائيل وإيران او سوريا، لا يبدو في مصلحة الأخيرتين على الإطلاق. فسوريا وإيران تنشدان إعترافاً وتسليماً دولياً بحقهما في أداء ادوار ما في المنطقة، وهذا ما يجعل المجتمع الدولي مندفعاً نحو عزلهما، اما إسرائيل فمعترف بدورها في المنطقة وبمستقبلها المضمون، لكن المناقشة تجري على حدوده. لهذا السبب بالذات، لا يتساوى الطرفان في المعركة. ثمة طرف لا يريد ان يخسر ما يعتبره من حقوقه المكتسبة، لذلك يربح في السياسة والحروب ويخسر في الإعلام، وثمة طرف لا يعرف غير ان يخسر في الحرب والسياسة ويحسن ان ينتصر في الإعلام.