ملاحظات بخصوص تشكيل الوحدة الوطنية بتونس:
بداية قبل السابع عشر من ديسمبر الماضي تاريخ اقدام شهيد الثورة محمد البوعزيزي، قلة كانت تؤمن بأن الشعب التونسي سينتفض يوما ما في وجه الدكتاتور البائس، و كلمة قلة فيها الكثير من المبالغة، لأنني أكاد اجزم ان حزب المؤتمر من اجل الجمهورية بزعامة الدكتور المنصف المرزوقي و الحزب الشيوعي بزعامة حمة الهمامي و مرصد حرية النشر لسهام بن سريدن، وحزب النهضة لراشد الغوشي هذه التكوينات السياسية و الحقوقية الأربع كانت و حدها تقريبا تنادي بإسقاط الدكتاتور و تعتقد انه لا حوار و لا تفاوض في ظل القمع و الإستبداد و ان الحل الوحيد هو في انتفاضة شعبية تعصف بالدكتاتور، وقد بينت الأحداث اللاحقة ان رؤيتهم السياسية كانت صائبة. و هذا جميل جدا. لكن كل هذه التكوينات السياسية تجتمع ايضا في كونها منقطعة عن الشعب، و تعيش قيادتها اما متخفية جراء الملاحقات او مهجرة، و هذا ليس ذنبها.

بقية الأحزاب السياسية التي توصف الديكورية او الراديكالية كانت كلها تطالب بإصحلاحات سياسية صلب نظام بن علي و لا اتذكر انها نادت في يوم من الأيام برحيل بن علي او بالعصيان المدني او بالتظاهر، سواء في صحفها او مواقعها او على لسان سياسيها، بل ان اقصى ما كانت تقدم عليه هو اضراب الجوع.

المثقفين و الإعلاميين لم يدخلوا على خط الثورة الشعبية التونسية إلا في وقت متأخر اي عندما ادرك الجميع ان بن علي و نظامه الجريح لم يبق له الا انتظار رصاصة الرحمةن و قد ظهر ذلك من خلال خطاباته الثلاث التي تدرج فيها بن علي بالتنازلات الواحدة تلو الأخرى بلغت حد الفوصى و الإرتباك. اما بالنسبة للغرب فقد فضل اتباع سياسة الصمت، بل دعم للنظام القائم في احيان كثيرة و الا كيف نفسر ان فرنسا تبارك خطاب بن علي الأخيرة صباح يوم الجمعة في حين ان بن علي فر مساء نفس اليوم، في حين تواصل غموض الموقف الأميركي الى وقت متأخر من نفس اليوم.

المكونات النقابية الوحيدة التي ساندن الإنتفاضة التونسية منذ انطلاقها هي اتحاد العام التونسي للشغل و عمادة المحاميين و يمكن ان قول انها كانت المسامر الخير الذي دق في نعش النظام البائد.

ان ثورة الشعب التونسي هي ثورة ذاتية الدفع فلا حزب اطرها و لا مثقف عرف بها و ساندها و لا جهة خارجية حركتها، وهي هبة شعبية خاصة اشعلها الشباب كما اشعل شباب الثلاثينيات بزعامة علي البلهوان، انتفاضة الشعب التونسي المطالب ببرلمان منتخب.
فالثورة التونسية هي ثورة الشعب و الشباب التونسي الذي عرض صدره للرصاص الحي وانخرط بكثافة في الفايسبوك و النت لكشف قمع و تجاوزات النظام السابق، لذا

تونس