دعا رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي إلى (عقد حوار رباعي في بغداد بين قوى المنطقة المتمثلة بالعراق وايران والسعودية وتركيا)، جاء ذلك في بيان صادر عن مكتب السيد النجيفي، مضيفا: (إن النجيفي طرح أن يستضيف العراق لقاء برلمانات الدول الاربع لتستمر استضافتها بشكل دوري في الدول الثلاث،بهدف معالجة القضايا الطارئة،معتبرا أن هذه المبادرة بداية لتشكيل اتحاد يضم القوى المؤثرة لتكون مركزا لبحث المستجدات كافة،ليس على صعيد المشاكل وما يُستجد منها،إنما على صعيد تطوير العلاقات والتعاون السياسي والاقتصادي والامني بين دول المنطقة).
كان السيد النجيفي قد طرح المشروع على رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني في لقاء مشترك بينهما في العاصمة السويسرية، وقد ابدى الاخير موافقته كما تقول الاخبار، على أن يفاتح النجيفي الحكومة السعودية والتركية بذلك.
الدعوة بحد ذاتها كان من الواجب أن تتقدم بها الحكومة العراقية قبل البرلمان، وقد سبق لسياسيين عراقيين أنْ طرحوا مشروع تحالف عراقي تركي سوري ايراني، من شانه أن يحول المنطقة إلى قوة دولية مؤثرة، وكان ذلك في ظل حكومة السيد المالكي في دورتها الاولى وبدايتها الثانية، ولكن الدعوة لم تجد إذنا صاغية.
دعوة السيد النجيفي مثيرة لان العراق هو الحلقة الاضعف في هذا الحوار، ولان العلاقات بين هذه الدول شائكة ومعقدة، وربما يتساءل بعضهم عن منطقية الدعوة والمملكة العربية السعودية لم تبعث بسفير لها إلى العراق لحد هذه اللحظة، كما أن العراق تحاصره كل من تركيا وايران بحرب مائية علنية!
أخرون يرون في الدعوة ربما بداية موفقة لحل هذه المشاكل بالذات، فإن لم تحل هذه المشاكل عبر لقاءات بين هذه الدول فما هو البديل إذن!
العراق هو الحلقة الاضعف حقا في هذا الحوار، ويكاد أن يكون ساحة صراع بين هذه الدول، بل هو فعلا كذلك، اشبه بالرجل المريض وسط ثلاث رجال أقوياء، اصحاء، كل منهم يبحث عن مقاربة تلائمه من هذا الرجل المريض.
محللون سياسيون مهتمون بالشان العراقي لا يرون باسا في مثل هذا اللقاء رغم كل هذه المفارقات بالنسبة للعراق،ولكن يقترحون ما يلي: /
أولا: أن يطرح العراق مشروعه الخاص به وهو يشارك في هذا الحوار، على أن يركز الطرح على ضرورة احترام سيادة العراق، وأن تساهم هذه الدول في عودة العراق إلى ثقله الاقليمي والدولي، وأن تسعى حقا إلى فك حصارها الدبلوماسي والمائي على العراق الذي بات واضحا لا لبس فيه، وان تكف عن تدخلاتها في هذا البلد.
ثانيا: أن يتولى المكون السني من الحكومة العراقية، تبعا، المكون السني برمته الضغط على كل من تركيا والسعودية للتجاوب مع طروحات العراق الموضوعية في المؤتمر، وذلك لان المكون السني من الحكومة العراقية على علاقة عضوية مؤثرة مع كل من الدولتين الجارتين.
ثالثا: أن يتولى المكون الشيعي من الحكومة العراقية، تبعا، كل المكون الشيعي الضغط على إيران للتجاوب مع طروحات العراق في المؤتمر، لان هذا المكون كما هو المكون السني له علاقة عضوية ومؤثرة مع إيران.
رابعا: أن يكون للمكون الكردي حضوره في كل من المكونين الشيعي والسني، وأن يشارك بجدية وفعالية في طرح المشروع.
خامسا: أن تصارح الحكومة العراقية والبرلمان العراقي الشعب العراقي بما يطرحه العراقيون في المؤتمر، كذلك تتم مصارحة الشعب العراقي بالنتائج التي يتوصل إليه الحوار، وموقف كل طرف من الاطراف المشتركة بالحوارمن الطرح العراقي،خاصة فيما يتعلق بالقضايا الحيوية مثل مشاكل المياه والامن.
سادسا: إن كل ذلك يجب أن يجري تداوله مشاركة بين الافرقاء الحاكمين في العراق وبصراحة ووضوح، قبل الحوار وأثناءه وبعده.
المحللون ذاتهم يرون إن مثل هذه المقاربات فيما يتصل بالمشروع المطروح تعيد للمسؤولين العراقيين ــ حكومة وبرلمانا واحزابا ــ بعض ثقة العراقيين بهم، أكثر من هذا، تساهم وان بدايةً بتحرير العراق من ثقل الضغط المجاور عليه، حيث يتم ابتزازه وتقييده بدرجة مثيرة.
ان دعوة السيد النجيفي هذه، وبلحاظ المقاربات الست المذكورة، تستوجب تفاهمات مشتركة بين كل أفرقاء العملية السياسية قبل البديء بأي خطوة بهذا الاتجاه، وليس من شك لو أن هؤلاء الافرقاء اتفقوا على برنامج موحد، ومارس كل منهم دوره النشط مع الدولة التي له معها علاقات مؤثرة بأن تحترم البرنامج المطروح، الذي يصر على وحدة وسيادة العراق وضرورة ابتعاد الاخرين من التدخل بشؤون الداخلية، ليس من شك، إن كل ذلك يجعل من مشروع الحوار الرباعي في خدمة العراق قبل غيره.
الدعوة إلى حوار رباعي عراقي تركي ايراني سعودي لا يصب بصالح العراق إلّا إذا كانت هناك إرداة عراقية موحدة، وهناك طرح عراقي صريح المضمون واللغة يشير إلى ضرورة احترام الدول الثلاث ارداة الشعب العراقي ومصالحه وان تبتعد من تحويل العراق إلى ساحة تصفية حسابات، وقبل ذلك أن تكون للمكون السني كلمته القاطعة مع السعودية وتركيا، وأن يكون للمكون الشيعي كلمته القاطعة مع إيران، وان يتماهى المكون الكردي مع الصالح العام للعراق والعراقيين.
- آخر تحديث :
التعليقات